لقد إكتسب شعبنا الخبرة الكافية في التصدي الى معوقات صناعة أجواء التلاحم الوطني الهادف الى التخلص من أﻷنظمة التي لا تساير الشعب في تحقيق مطالبه ، عبر صناعة تحالفات وطنية لا زالت   تثير مخاوف أﻷنظمة الشمولية في المنطقة ، بإعتبارها محط افتخار ومنبع إلهام لشعوب المنطقة ومثال يُحتذى به . لذا فلا غرابة أن تعمل أنظمتها الشمولية على كل ما من شأنه وضع العصى في   محركاتها للحيلولة دون نجاحها ،  مبرزة حنقها وغيرتها على تمسك شعبنا بديمقراطيته ، وتمسكه بدستوره الذي صوت عليه بعد إسقاط الصنم . ﻷنه يدرك أن تطبيقه سيأتي بالضرورة الى تقوية دعائم  وتطوير  العملية السياسية بإعتباره المرجعية العليا لجميع إشكالات الحكم التي تحصل هنا وهناك ، وعليه كيف سيكون موقف القوى المعادية لمطامح الكادحين والمهمشين بعد النصر الذي حققه تحالف سائرون في الإنتخابات قبل ايام ، وهو يدعو للتغيير والإصلاح ، وإلى بناء مجتمع لا يجري فيه الحط من قيمة الإنسان كما كان جاريا في العقود السابقة ، ولا يمارس فيه العنف ضد الناس . مجتمع يوزع العمل بالتساوي بين مكوناته دون محسوبية ، ولا يفرق بين الجنسين ، ويعمل على تعبأتهم للمشاركة السياسية والمجتمعية ، مع توفيره الوقت الكافي للإستمرار في رشف العلم والثقافة عبر التعليم والترفيه ، ويسهل شروط توفير مستلزمات التضامن الوطني من أجل إنعاش ألأفكار الإنسانية بينهم.  

لقد عرفت الجماهير ان ما يريده سائرون هو التلازم بين تقديم الخدمات التي توقفت لعقود ماضية  بوصفها القاعدة التي سيبنى عليها الإنطلاق نحو بناء البنية التحتية للبلاد في الإستثمار ، بالإستفادة من الموارد والطاقات والخبرات العالية التي يكتنزها شعبنا في كافة الحقول الزراعية والصناعية والإقتصادية ، التي تيبست جذورها خلال العقود الماضية . في (برنامح سائرون) توحدت الجماهير المعدمة والمهمشة وإتفقت على اساس الدفاع عن الديمقراطية (رغم هشاشتها) والحريات الإجتماعية التي وضعت عوائق لممارستها ، إنطلاقا من إيمان أطرافه بضرورة   إنعاش الروح الوطنية العراقية ، وخاصة بعد خيبة الأمل التي لحق بها نتيجة تبني نهج المحاصصة الطائفية والإثنية.

لقد خبر الشعب وتَعَرف على ثمار أعمال وسلوكيات متبني النهج الطائفي و على أجندات داعميهم  من دول الجوار في تحقيق أطماعهم بثروات هذا الوطن الذي إستضعفوه ، فبظهور النتائج الأولية للإنتخابات ، بأن ما كانت تصبوا اليه جماهير ساحات التظاهر ، وهو إنتشال الشعب العراقي من الحياة المهينة التي عاشها خلال العقود السابقة رغم تدفق موارد هائلة من عائدات النفط 800 مليار. 

 

لقد وعد سائرون الجماهير الفقيرة بثورة إصلاحية كبرى تعيد العراق الى مساره الصحيح ، بينما عاقبت قواعد الأحزاب الحاكمة  التي جربت المجرب أكثر من مرة بعقوبة عفوية ، فلم تشارك بالإنتخابات مقللة مشاركتها من 60% بالإنتخابات الماضية إلى 44.52% .  لكلا المذهبين على الرغم من إدعاء الأحزاب والكتل الحاكمة تمثيلهم للشعب لفظيا ، بينما الواقع يظهر إبتعادهم عن ناسهم ، لا بل تناسوا تحقيق ما وعدوا به سائر فئات الشعب ، وخاصة نصرة القوى المسحوقة والمعدمة والمهشمة التي إضطرتها ظروف توفير مستلزمات الحياة اليومية إلى بيع قوتها العضلية في المسبطات رغم الشهادات التي يحملوها ، بينما كرس أغلبية المتموضعين على مواقع القرار ومحسوبيهم وقتهم لكيفية سرقة المال العام والتمتع بثروات البلاد . قد تكون نتائج الإنتخابات وراء حث الأغلبية العظمى منهم الخطى للهرب الى أوطانهم الثانية ليكونوا في مأمن من المحاسبة عن مسؤوليتهم عن ما أوصلوا الشعب والوطن إلى ما عليه الآن . لهذا يسترعي الأمر من تحالف سائرون تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن ، بالتعاون مع كل من يسعى للتغيير والإصلاح في حدود برنامجه لقطع طريق هروبهم من المحاسبة عن إحتلال داعش لثلث أرض العراق وعن جريمة سبايكر التي لطخت سمعتهم أمام الأجيال القادمة

 إن إحداث تغيير كلي في العملية السياسية المحاصصاتية سيعني أن أي شخص سيحتل مكانا لتنفيذ واجبه الوطني الذي سطره سائرون سيخضع للمراقبة من برلمانيين لا يشبهون ما سبقهم ، وبالتالي سيخشىى المحاسبة التي فُقدت لعهود ،وبذلك سينخفض منسوب عدم الإحساس بما يريده المواطن من توفير مستلزمات حياته اليومية ، وسيرتفع لدى الناس منسوب الروح الوطنية ويواصلوا مكانتهم  في إمتلاك القرار ، وسيقفون بالضد من كل حكومة توافقية محاصصاتية ، تواصل إبقاء الأوضاع المزرية الراهنة وتسبب المزيد من المعاناة والخراب والعذابات.

لهذا وذاك هب العراقيون في الداخل والخارج إلى صناديق الإنتخابات ولمراكز مدن بعيدة لمنح  أصواتهم لذوي الأيادي البيضاء ، قاطعين مئات الكيلومترات للمساهمة بالعرس الجماهيري ، محققين بذلك ما كانت تصبوا اليه جماهير  المتظاهرين في ساحات التظاهر ايام الجمع.  

عرض مقالات: