ثمانية عشر عاماً من حكم الاسلام السياسي التحاصصي ورغم انواع الوعود التي لم تُحَل شيئاً، بل وتسببت بتعقيدات نتجت وتداخلت مع النفط والغاز وشحة وانقطاع الماء الصالح للشرب والانترنت، وشلل البلاد.. ليستنتجوا بأن المشكلة ليست مشكلة فساد اداري فقط، بل سياسة رسمتها وترسمها المكاتب الاقتصادية للكتل الحاكمة لقصورها المعرفي واللاأبالية، او بإرشادات ارجنتينية لاستخدام الكهرباء وتوليده كأداة سيطرة وفرض سياسة وقمع!

ويرى سياسيون مستقلون، بأن مشكلة الكهرباء بعد 2003، بدأت بعمليات تخريبية قامت بها فلول الدكتاتورية المنهارة بضرب محطات وابراج الضغط الكهربائي العالي وتواصلت بوتيرة اعلى على يد القاعدة وداعش، والفساد الاداري الذي التهم الاموال الفلكية التي جرى تخصيصها لإصلاح الكهرباء.. لتتطور الى قضية أمنية حسمت وتحسم وتعقّد القرارات في مشاكل وحلول سياسية كبرى.. في بلد ثري كانت دولته تعاني اصلاً من ثغرات جدية بسبب السياسات العسكرية الحربية لصدام، وبسبب الحصار.. ثم قرارات بريمر الغبية في حل الدولة والجيش إثر انهيار الدكتاتورية، لتتدافع دول كبرى ودول الجوار خصوصاً على الاستحواذ على ما يمكنها استحواذه ولجعل البلاد أسواقاً لبضائعها الكاسدة والعاطلة..

ورغم اعلانات وتشكيل لجان تحقيقية منذ سنين، على فساد دوائر الكهرباء ومسؤولين كبار فيها في حكومات متعاقبة للتحقيق في أكثر من 60 مليار دولار صرفت على الكهرباء منذ 2003 (!!)، الاّ انه لم تُعلن ولا نتيجة الى الآن، ولم يعلن حتى عما وصلته التحقيقات بشأن حيتان هذا الملف، ولا عن، ان تمّ استرداد الاموال او جزءاً منها على الاقل.. والى الآن!

وفيما يشير خبراء في الطاقة والكهرباء، الى ان ابعاد البلاد عن حواضنها الكهربائية الاصلية والعمل على جعلها تابعة لحواضن كهربائية جديدة سواءً بالفرض او بالتهديدات، بعد ان انعدمت الإجراءات الضرورية الاصولية لصيانة مرافق الكهرباء طيلة عقود وتسبب ذلك بتلف محطات التوليد والتحويل والتوزيع وتلف الاجهزة الكهربائية، في زمن التطورات العاصفة لآليات الكهرباء التكنيكية والالكترونية..

فإن ذلك قد كشف الستار عن جهود تعمل بلا ضجيج على استخدام الكهرباء كأداة ضغط سياسي وتهديد لصالح ولشروط من يعرض استعداده لحل المشكلة، سواء كانت شركات عالمية او دول غنية او جيران ساعين لعدم تفويت فرصة الارباح الفلكية او المواقف الحاسمة لصالحها الضيّق.. والاّ ماذا يعني الاعتماد على الجارة إيران (الغارقة في تخلفها التكنيكي والالكتروني الآن بسبب الحصار) في شراء الغاز لتوليد الكهرباء، ومليارات الامتار المكعبة العراقية منه تحرق يومياً في البلاد..

ويرى كثيرون ان مطالبات الجارة بتسديد مليارات الدولارات كأثمان للغاز في ظروف العراق الاقتصادية الحرجة الآن! بل وقد قطعت معظم ما يسيل منه الى البلاد بشكل مفاجئ، كإنذار للدفع والاّ؟! . . . الا يدخل ذلك في نطاق اعتبار الكهرباء كأداة سياسية مدمّرة للضغط على البلاد؟؟ رغم جهود العراق لفسح المجال له للاستيراد منها رغم الحصار المفروض على الجارة.. ورغم مرور ثمانية عشر عاماً والمسؤولون العراقيون النائمون لا يجدون مصدراً او حلاً آخر لتوليد الكهرباء غير المصدر الحرج المتخلف تكنيكياً الجاري.. موقف يحار تفسيره معناه وهو يهدد حياة ملايين العراقيين!  

مما تقدم يتوضح ان قضية الكهرباء هي قضية القضايا الملتهبة الآن في البلاد، يعتمد جزء اساسي من حلها على مواجهة الارهاب والسلاح المنفلت وحصره بالجيش والقوات المسلحة النظامية، محاربة الفساد علنا وبالأسماء والاعلان عن اسماء حيتان الفساد وتقديمهم للعدالة، انهاء المحاصصة الطائفية العرقية، على اساس الهوية الوطنية والكفاءة في عراق اتحادي فدرالي..

ويرون بان حلها هو حل سياسي يستوجب تغيير معادلة الحكم على اساس وحدة الصف الوطني، والتوافق الدولي والإقليمي على قاعدة استقلال البلاد الإتحادية، للنهوض بها نحو السلم واعادة الحياة للدورة الاقتصادية، بعيدا عن الحلول الترقيعية.. لأن لا نهوضا صناعيا، زراعيا وتجاريا ممكن دون الكهرباء.. والحديث عن الاصلاحات فيها ليس أكثر من هواء في شبك.. في بلادنا التي عاشت التدمير والتخريب واخيراً الفساد الإداري المروّع طيلة عقود. (انتهى)

عرض مقالات: