مناضل اسم على مسمى ، ولد في عائلة عراقية كادحة يوم 13 آذار عام 1964 كما هو مثبت في جوازه الدنماركي الذي إستلمه مؤخراً بعد انتظار دام كثيراً، لكن والده الذي التقيت به عام 1992 في أحد مراكز استقبال اللاجئين وتعرفت عليه عن قرب تحدث لي عن عائلته وكيف أنه أعجب ببنت تكبره ببضعة سنوات وتزوجها وأنجبت له طفلهما الأول الذي ولد ضريراً بسبب أنها حينما كانت حاملاً فيه حدث إنقلاب 8 شباط عام 1963 وهرعنا كما يقول للدفاع عن الجمهورية وقمع الانقلاب وخاصة في باب الشيخ وعگد الأكراد ولما تأخرت ولم أعد للبيت، خافت زوجتي من أن شيئاً ما حدث لي وكانت مرتعبة من هول الاحداث وهذا إنعكس على نفسيتها وهي في أسابيع حملها الأخيرة فتسبب في ولادة طفلنا الأول مناضل ضريراً ،يثبت هذا الكلام الذي حدثني به الفقيد أسكندر راضي الفيلي من أن مناضل ولد بعد إنقلاب 8 شباط ببضعة أسابيع وكان هذا الأب من كوادر الحزب الشيوعي العراقي الأوفياء للحزب والطبقة العاملة العراقية، تنقل في حياته ونضاله بين  إيران وسوريا حتى إستقر في الدنمارك التي لفظ أنفاسه الأخيرة فيها يوم 14 تشرين الثاني عام 2004 أمام مناضل الذي حالما سمع بوفاته من خلال إحدى المترجمات حتى ضرب على جبينه وعينيه بقوة وحزن عليه بشدة، ويقول عنه كان حادث وفاته مؤلما جداً لأن والدي رجل حنين وطيب ولم يتركني وحدي في سوريا حينما تم قبوله لاجئاً في الدنمارك بل بذل جهداً كبيراً لإنتشالي وإنقاذي للعيش معه في كوبنهاگن. ثم يؤكد على إحترامه الكبير لوالده ولتاريخه النضالي في صفوف الحزب الشيوعي ويقول، أنا أفتخر به لأنه رجل مثقف وشجاع، ويتذكر مناضل وصية والده إذا مات والنظام ساقط فيجب دفنه في العراق وإذا كان النظام لا زال باقياً فيجب دفنه في سوريا، ولأنه توفي والظروف كانت قاهرة في العراق بعيد زوال النظام الديكتاتوري بفترة قصيرة فقد تم دفنه في سوريا قريباً من ضريح الشاعر محمد مهدي الجواهري، لكن والدة مناضل التي توفيت بعده بعدة سنوات في كوبنهاگن تم دفنها في العراق حسب وصيتها، وبقي مناضل يعيش آلاماً مزدوجة فبالإضافة لفقدانه حاسة النظر، فأنه فقد والديه لكنه إهتدى الى طريق الحزب الشيوعي الذي كان يعرفه حق المعرفة وبوعي عال، واتفق مع الرفيقة الشيوعية النصيرة أم عصام على أن ترتب له صلة بالحزب وخاصة بعد وفاة والده وحينها قال لها ، إن والدي مات وأنا أريد أن أحل بمحله في الحزب فتم طرح قضيته على الجهات الحزبية المختصة في الدنمارك  ووافقوا على ترشيحه لكنه يقول أنني قلقت كثيراً حينما تأخر البت في طلبي فإتصلت بأم عصام لمعرفة أسباب ذلك والتي نقلت إستفساري للحزب فقالوا لها، نريد وقتاً آخر وهو إبننا وإبن الحزب ولما سمع بهذه العبارة يقول ،شعرت بالسعادة كثيراً ثم إنتميت للحزب وتم ضمي لإحدى الهيئات الحزبية ، لكنه يستدرك قائلاً ،أنا عمري كله مع الحزب وحينما وصلنا الى سوريا قادمين من إيران عام 1989 أعطانا الحزب بيتا حزبيا لنسكن فيه وكان يمنح عائلتنا مبلغ 6000 ليرة سورية للمعيشة بالإضافة الى النقود التي نستلمها لشراء الادوية وفي هذا البيت حدث اتصال مع خيال الجواهري والتي عرّفته بأبي شيلان الذي بدوره عرّفه على عدد من الرفاق، ثم يشير الى أن الصلة إنقطعت مع بقية الرفاق الذين يعرفهم حزبياً بسبب سفرهم وحدث هذا بعد مغادرة والده الى موسكو ومنها الى الدنمارك ولما حصل والده على الإقامة صار يبعث لهم النقود للمعيشة فاستأجروا بيتاً في دمشق لحين قيام أبو مناضل بجهود عظيمة إستمرت لأربعة أعوام من أجل جمع شمل العائلة وخاصة أخته الصغرى فيان وهو ووالدته.

يجيد مناضل التكلم بثلاث لغات بطلاقة هي الكردية الفيلية والعربية والفارسية والتي تعلمها حينما كان صغيراً في إيران وبسهولة من خلال الأطفال الصغار وبقية الناس التي تتكلم بها، ويقول أحب أن أسمع من خلالها الأغاني السياسية وخاصة للمطرب داريوش.

مناضل لا يفرق بين قومية وأخرى ويؤكد أمميته بالقول، أنني رجل أممي وشيوعي أدافع عن كل الشعوب المضطهدة وعن معاناة الطبقة العاملة من قبل الرأسماليين وعن الفلاحين من قبل الاقطاع والرجعية وأتبنى في داخلي شعار، يا عمال العالم إتحدوا ولكن بخصوص اللغات أفضّل التحدث باللغة العربية لأنني تعلمت فيها السياسة والثقافة والقواعد ويشير بقوله، الانسان إذا أراد أن يصبح مثقفاً فعليه الانتماء للحزب الشيوعي، فالحزب عبارة عن بحر عميق من الثقافة بكافة صنوفها، لذلك يشعر بالفرح عندما يحضر للندوات الحزبية ويشارك بفاعلية بمواد الاجتماع وله ذاكرة قوية تساعده في حفظ الأمور وخزنها في مخه حينما تلتقطها أذنيه ولو أنه يقول أن الوحدة التي أعيشها بمرارة أحياناً وخاصة حينما أتذكر الماضي وسنوات عمري القاسية، هي التي قامت بتقوية الذاكرة عندي وينسب هذا القول للعلماء ! ويشير أيضاً الى أن الحزب مدرسة يتعلم منها الناس الأشياء المهمة في حياتهم وهي تمتاز بالصدق والنضوج وهو يشعر بالحرية بين رفاقه الذين يحترمون آراءه ومداخلاته أثناء الاجتماعات أو الندوات والتي لا يتأخر عنها مهما كانت الظروف بالإضافة الى مشاركاته في لجنة النشاطات حيث يقوم رفيقه أبو إيهاب وإسمه أيضاً مناضل بإيصاله لمكان الندوة أو الأمسية أو الاجتماع ويحضر حفلات الحزب وينصت للكلمات والاغاني وهو جالس وبفرح بين رفاقه، وعن رفاقه الشيوعيين في الدنمارك يقول الرفيق مناضل أنه مرتاح جداً وسعيد معهم وأشعر بأنهم أكثر من أهلي، ويذكر هنا بمنتهى الفخر والإعتزاز رفيقته أم عصام والتي يسميها الوالدة ويؤكد وبصراحة أنها والدته التي لم تلده ويتمنى لها مديد العمر، ويشير الى أن علاقته بها أصبحت أقوى وخاصة حينما توفى والده وأيضاً بعد وفاة والدته هدية ويقول أن أم عصام امرأة حنينة وطيبة وإنسانة بكل معنى الكلمة وهي تتصل معي بالتلفون لتطمئن على وضعي وكما تراقب الأم إبنها فهي تفعل ذلك بمحبة وتعاطف معي قل نظيره وأنا أحترمها كثيراً وأشعر بأنها خير أم بالإضافة الى كونها رفيقتي العزيزة، وأيضاً يشير مناضل الى إهتمام الرفيق أبو إيهاب به وزياراته المتعددة وشبه اليومية له والسهر على متطلباته وحاجاته الحياتية كما أنه يشيد بدور زوجته أم إيهاب التي كثيراً ما تطبخ له طعاما لذيذا يضع الباقي منه في الثلاجة ليوم آخر، وكذلك الحال مع أختي العزيزة زوجته.

استطاع مناضل أن يزور العراق مرتين مع والدته بعد سقوط النظام وكانت الأولى عام 2005، ويشير الى أنه زار مقر الحزب الشيوعي في ساحة الاندلس وتبرع للرفاق بمئة دولار وإلتقط صورة له أمام تمثال الشهيد سلام عادل الواقع قرب باب المقر، ويقول أن عدداً من الرفاق حينما علموا بأنني ضرير وشيوعي بنفس الوقت صاروا يقبّلوني بفرح وإعجاب، فأنعكس ذلك على نفسيتي، ويشير الى أن بغداد حلوة وخاصة أهلها ويقول أنني كنت طيلة الرحلتين فرحانا بوطني الحبيب ولكني في المرة الأولى شعرت بخوف في التاكسي وتصورت أن السائق ربما يكون إرهابيا ويأخذنا الى مكان خطر فكنت خائفا وقلقا، لكن زيارته الثانية كانت أفضل وبقي في بغداد لشهرين، وحول كنيته التي برزت مؤخراً وهي، أبو جيفارا فيقول، لقد اخترت هذا الاسم لي قبل حوالي سنة لأنني أعتقد أني ناضلت مع الحزب كثيراً ورغم الألم والأزمات وعلى الرغم من أني لم أحمل السلاح لكني أشعر بأن جيفارا قائد عسكري ثوري وشيوعي عظيم فأحب أن أكنى بإسمه من قبل رفاقي في التنظيم ولذلك قلت لهم ،أريد أن تلقبوني باسم أبو جيفارا من الآن.

 وعن أمنياته يقول مناضل ،أتمنى أن أزور العراق مجدداً وخاصة زيارة مقر حزبنا في الاندلس ببغداد واللقاء بالرفاق، لكنه يشير بألم، من يستطيع تحقيق أمنيتي هذه،!علماً أنه متمكن مادياً لتكاليف الرحلة ولديه جواز سفر دنماركي اصولي صالح لعدة سنوات قادمة.

مناضل شيوعي حقيقي، ذكي وواع ويحب جميع رفاقه ويشعر معهم بحميمية ولا توجد لديه أية مشكلة مع أحد وله قلب طيب وضمير نقي ولذلك فهو محط حب وإحترام جميع رفاقه ومعارفه الكثر، إنه الشيوعي العراقي البصير.