صَوتَ مايقارب 80 مليون أمريكي لجو بايدن، حيث كان تصويتاً ضد نفاق دونالد ترامب الاستبدادي، يمكن فيها للعالم أن يتنفس الصعداء.

إلا أن الانتخابات كشفت أيضاً عن شئ يبعث على القلق حيث حصل ترامب على 11 مليون صوت أكثر مما حصل عليه عام 2016، فقد فاز في أوساط مجتمعات تعاني من مشاكل كبيرة حيث البطالة والفقر ولايكاد أن توجد فيها رعاية صحية ولا رعاية للأطفال.

ترامب يكذب بلا انقطاع، وربما الكذبة الاكثر جنوناً هي بيع نفسه وحكومته كأصدقاء للطبقة العاملة الاميركية.

لقد جلب ترامب المليارديرية إلى إدارته أكثر من أي رئيس أميركي آخر في التأريخ. فقد قام بتعيين مناهضين وأعطى إعفاءات ضريبية للشركات وكبار الاثرياء، بينما أقترح تخفيضات هائلة في برامج التعليم والاسكان والتغذية، وحاول ترامب أيضاً حرمان ما يصل حوالي 32 مليون شخص من الرعاية الصحية وخفض عشرات المليارات من الدولارات من أموال برنامج التأمين الصحي والرعاية الطبية والاجتماعية.

مع ذلك يعتقد قسم معين من الطبقة العاملة في أمريكا، أن دونالد ترامب يقف الى جانبهم.

الروائي أيليا تروجانوف يلعب ببراعة أدبية لا مثيل لها ممزوجة بالوقائع والخيال في روايته الجديدة، يُظهر فيها الى أي مدى نصبح شركاء في السلطة من خلال الأخبار المزيفة وما الذي يمكن تصديقه وما هو الهدف من نشر الاكاذيب؟ حيث يرسم المؤلف صورة بائسة لعصرنا.

في الوقت الذي يعيش فيه الملايين من الاميركيين في خوف وأنعدام الامن وفقدان الوظائف بسبب صفقات تجارية غير عادلة أو لا يكسبون أكثر من القيمة الحقيقية منذ حوالي نصف قرن.

وحتى أنصاره أعتبروه في الواقع رجلاً صعباً ويبدو أنه عملياً يقاتل يومياً كل شخص، وهو لا يهاجم الديمقراطيين فقط، بل ايضاً الجمهوريين الذين لم يكونوا متعاونين معه بنسبة 100%، حتى أنه وصف اعضاء إدارته بأنهم جزء من (الدولة العميقة) التي يفترض وجودها، وهي جهاز سري متخيل مكون من بيروقراطيين وأجهزة سرية وجيش يريد فرض إرادتهم على الممثلين المنتخبين ديمقراطياً، يهاجم رؤساء الدول التي طالما كانت حليفة لأمريكا، كذلك المحافظين ورؤساء البلديات والسلطة القضائية المستقلة، وينتقد وسائل الاعلام بحدة على أنها عدو الشعب، ودون رحمة أظهر نفسه في هجماته المستمرة ضد المهاجرين وبصراحة ضد النساء من المجتمع الامريكي ذوي الاصول الافريقية وضد المثليين والمسلمين والمتظاهرين، فهو يستخدم العنصرية وكراهية الاجانب وجنون الارتياب لإقناع جزء كبير من سكان الولايات المتحدة .

وأصبح واضحاً للحزب الديمقراطي أذا أراد تجنب خسارة الملايين من الاصوات في المستقبل، عليه أن يُظهر ثقلهُ ويدافع عن الاسر العاملة في البلاد التي تواجه مصاعب اقتصادية كبيرة أكثر من أي وقت مضى منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي، وعلى الديمقراطيين أن يُظهروا بالقول والفعل مدى أحتيال الحزب الجمهوري في ادعائه بكونه حزب العوائل العمالية ، وعليهم أن يتحلوا بالشجاعة لمعارضة المصالح القوية لاولئك الذين يشنون حرباً ضد الطبقة العاملة ومنذ عقود، والحديث هنا عن الوول ستريت، مصانع الادوية، التأمين الصحي، صناعة الوقود الاحفوري، المجمع الصناعي العسكري، السجون الخاصة والعديد من الشركات المربحة المستغِلة عمالها باستمرار.

ولضمان مصداقية الحزب الديمقراطي، عليه أن يقف في وجه هذه المؤسسات القوية ويناضل بقوة من أجل الأسر العاملة في أمريكا من السود والبيض واللاتينيين والآسيويين والسكان الاصليين، عدا ذلك وبالعكس منه سيكون الطريق مُمهداً سياسياً لانتخابات أستبدادية يمينية أخرى عام 2024، يمكن فيها أن يكون رئيسها أسوأ من ترامب. 

عرض مقالات: