تجددت الدعوة لمشاركة الاسلاميين في السلطة بعد عودة الحركات المسلحة للخرطوم تنفيذاً لاتفاق جوبا الموقع بينها وحكومة السودان في 3 اكتوبر 2020.
علماً بان اصوات ظلت تنادي بضرورة اشراك حزب النظام السابق والكيانات المتناسلة عنه عقب نجاح ثورة ديسمبر. ولكنها تراجعت امام ضغط الثوار الرافضين لاي مشاركة لعناصر الحركة الاسلامية في الوضع الجديد. الذي من ضمن اهدافه تفكيك التمكين واستعادة دولة الوطن التي اختطفها حزبهم لمايقارب الثلاثة عقود من الزمان. وقد صدر قانون وتكونت لجنة قومية لهذه المهمة.
وتلك الدعاوي التي يزكي نارها عناصر النظام المباد انفسهم وتجد مناصرة من احزاب في اقصى اليمين والمكون العسكري في السلطة، علها تحد من سيطرة اليسار وقوى الثورة داخل الحكومة وحاضنتها السياسية، يرجح بعض المراقبون انها تستند الى مساومة وقعت بين قيادات في النظام السابق وعناصر نافذة في الحرية والتغيير. وتشير الاصابع الى لقاء ضمهم وصلاح قوش مدير جهاز الامن والمخابرات السابق الذي يدور همس في الخرطوم بانه ضالع في سيناريو الاطاحة بالبشير.
و عادت الدعوة الى العلن الان من خلال تحركات قيادات الجبهة الثورية بعد وصولهم الى الخرطوم. حيث قام (جبريل ابراهيم) رئيس حركة العدل والمساواة باول زيارة له الى منزل الراحل الشيخ حسن الترابي زعيم الحركة الاسلامية السودانية لاداء واجب العزاء. وهي زيارة قوبلت باستنكار في وسائط التواصل الاجتماعي لانها سبقت زيارته الى معسكرات النازحين والمتاثرين بالحرب في اقليم دارفور. ويرجعها اخرون الى الروابط الايديولوجية التي تربط الحركة بالجماعة الاسلامية التي كانت معظم عضويتها تندرج تحت راية الاسلاميين قبل المفاصلة التي وقعت وسطهم، و ظهرت بعد ها حركة العدل والمساواة بقيادة الراحل خليل ابراهيم شقيق القيادي الحالي جبريل ابراهيم.
لكن المطالبة بمشاركة الاسلاميين في السلطة تمددت الى حركات اخرى ، حيث طالب (مني اركو مناوي) قائد حركة وجيش تحرير السودان في حوار اجرته معه بعض القنوات المحلية بضرورة اشراك المعتدلين من الاسلاميين دون الذين اجرموا في حق الشعب. منوهاً الى اهمية الابتعاد عن الاقصاء الذي مارسته السلطة السابقة وقاد الى تقسيم السودان.
وكرر نفس المطلب قيادي اخر في الجبهة الثورية. حيث ذكر (مالك عقار) قائد الحركة الشعبية والجيش الشعبي شمال الى التمييز بين التيار الاسلامي ومن ارتكبوا جرماً في حق اهل السودان. واستيعاب الاسلاميين المعتدلين في التغيير. وهذه الافكار غير مستغربة في اروقة هذه الحركة ، فقد ظل ياسر عرمان الامين العام يطالب بها حتى قبل عودتهم الى الخرطوم. مشيراً الى ان هناك اسلاميين قطعوا مع التجربة السابقة ولابد من استيعابهم في النظام الجديد. وان اجتثاث التيار الاسلامي من ارض السودان مستحيل. و المطلوب تخليص السلطة من سيطرة حزب بعينه وجعلها دولة كل الوطن ومفتوحة لمشاركة الجميع.
لكن الخطوة قوبلت بالرفض من بعض القوى السياسية ابرزها الحزب الشيوعي. فقد اكد القيادي الشيوعي د/ (صدقي كبلو) في تصريح لصحيفة الجريدة الصادرة في الخرطوم بتاريخ 23/ نوفمبر 2020 بان قضايا الشهداء لايمكن تجاوزها بالمصالحات والمساومات. واضاف بان الاسلاميين هم السبب الرئيسي في ارتكاب الجرائم التي حدثت في ثورة ديسمبر وفي اقليم دارفور. وقال ان نظرة بعض الحركات المسلحة للاسلاميين كما تجلت في تحركات قياداتها ومطالبتهم بمصالحة الاسلاميين رغم كل ما ارتكبوه من جرائم تضع السلام في خطر حقيقي. وشدد على ضرورة تصفية النظام السابق وليس المصالحة مع جزء من قياداته. لان تلك المصالحة لن تحقق السلام والعدالة وتعوق انطلاقة السودان الجديد الذي تنادي به حركات الكفاح المسلح.
ويتجدد الخلاف حول مشاركة الاسلاميين في الحكومة في وقت من المتوقع ان تحدث فيه تبدلات مهمة في تركيبة السلطة قد تضع المطالبين بالتسوية في وضع افضل. يساندهم في ذلك المكون العسكري واحزاب في الحرية والتغيير، يسميهم من يختلفون معهم بقوى الهبوط الناعم، لانهم كانواعلى وشك الدخول في حوار مع نظام البشير، وسخروا من الثورة التي قطعت عليهم الطريق. مع ملاحظة ان الاسلاميين في الامس كانوا في السلطة والمطالبين بعودتهم اليوم في المعارضة. وهذه عودة للتناظر القديم قبل ثورة ديسمبر، قد ترتب الساحة السياسية بشكل مختلف.

عرض مقالات: