صدر مؤخراً قانون ما سمي بـ " جرائم المعلوماتية " كرد فعل دفاعي كما يبدو من قبل المتنفذين، على إثر خروج قانون الانتخابات من عنق الزجاجة الذي لم يلب طموح المتظاهرين بصيغته الاخيرة.  مع ذلك ارتجفت فرائص الفاسدين منه.  وبأدنى الحسابات.. قد جاء قانون الناقمين لسحب الاهتمام عن مكملات المقدمات الضرورية للقيام بالانتخابات المبكرة. وأهمها انجاز قانون المحكمة الاتحادية. وبمتوسط الحسابات.. تأتي هذه الزوبعة السياسية المغرضة تجري مع حملة تصفية خيام المتظاهرين.. كما في اعلى الحسابات جاء ليشكل كاتماً لشعار " نريد وطن " ومرادفاته المعبرة عن صوت المحرومين. اذ انه قد ارفق بقائمة عقوبات لا يتمناها  المواطن الشريف لاخيه المواطن قطعاً. كما انها عكست نفساً دكتاتورياً  معاديا للحريات. 

 وحينما نبحث عن بعث الروح في هذا القانون " جرائم المعلوماتية " القديم الجديد. والغاية الحقيقية من اصداره في هذا الظرف المضطرب،  سنجدها متجلية في توليفة مواده الحادية والثلاثين، والتي عمد مُشرّعها  " النبيه " على استحضار ثلاثين مادة من مواد قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 رغم كونه فاشي الشكل والمضمون. وقد بات بحكم المتخلف عن التطور الاجتماعي في العراق. جاء القانون الجديد بغية التمويه على مادة واحدة فقط. لكونها الغاية الاساس من اصداره. ولا نغالي اذ ما اعتبرناها قد شكلت قطرة السم الزُؤام المندسة في العسل، هذا اذا ما كان فيه ثمة عسل. الأمر الذي دفع للمعارضة الواسعة الرافضة لهذا الطرح المفتعل غير المبرر منطقياً ومخالفاً للدستور بالمادة                                                                                      الثالثة والمادة الثامنة والثلاثين الضامنة للحريات.. فضلاً عن جملة من المخالفات القانونية في مواده الملغومة.. لقد كان اصداره الاول في سنة 2011 وعلى اثر انطلاق حراك التظاهرات. لكنه تواجه بالرفض الشعبي الواسع حينذاك. واليوم لا يخرج طرحه من جديد، عن ذات الهدف لمواجهة الانتفاضة ومفاعيلها القادمة وبخاصة اثناء حومة الانتخابات المنتظرة.

 لا شك بان الطغمة الحاكمة مصابة بفقدان الصواب منذ انطلاق انتفاضة تشرين 2019 ويلازمها الشعور برحيلها المبكر،عقب الانتخابات المبكرة. ومن  هذا الاحساس الذي تولاها واصابها بنوبة هستيرية، راحت وبخطوة استباقية مستغلة ما تبقى من مدة برلمانها العتيد لاصدار التشريعات الضامنة والخادمة لمصالحها. لكونها باتت مملوءة بالهواجس المرعبة لفقدانها مثل فرصة سطوة الحكم الثمينة الحالية. مما غدا لديها التشبث بالسلطة وباي ثمن، طوق النجاة الوحيد من العواقب المتوقعة.

يبدو ان الطغمة المتسلطة مصابة بحالة نهم طاغ، وهي التي لم تكتف بوضع البلد على " الحديدة " كما يقال اي الافلاس التام، الى التهيؤ ان {  تكلب بالدخل }. باحثة في الدفاتر القديمة متجاوزة للاعراف وللتاريخ وللقيّم الوطنية. لتخرج علينا بما سميّ بـ " تقاسم الاوقاف الدينية" وفق نسبة نفوس الطوائف والاديان..!! ان هذه النوايا المريبة لا تبتعد باي حال عن ان يراد بها خلق اشكاليات اضافية من شأنها ان تولد مزيداً من الكوابح في طريق التغيير، وعرقلة مفتاحه الاساس الانتخابات المبكرة. هذا اذا ما ربطناه ايضاً بالدوافع الطائفية المقيتة، واستغلالاً للفراغ المجتمعي الذي خلفته هجرة اخوتنا الكرام وعزتنا المسيحيين. بغية استكمال نهب ما تبقى من املاكهم التي غدت مسبية. ان الخشية الاعظم من هذا الفعل الغريب عن طبيعة شعبنا، ان ينظر اليه بتجرد والا مبالاة لمخاطره الكارثية.. لكون تركه يمر سيصب في الافق غير البعيد في مجرى الدعوة الى تقاسم الاحياء السكنية، وسيراً حثيثاً نحو تقاسم البلد على ذات نهج التفريط بوحدة شعبنا بكافة اطيافه المتآخية عبر التاريخ.

عرض مقالات: