أثبت اليسار الأمريكي حضوره المؤثر في الحياة السياسية الأمريكية، خصوصاً بعد دخول عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، اليساري التوجه، المنافسة لانتخابات الرئاسة عن الحزب الديمقراطي مقابل جو بايدن الذي جرى اختياره في انتخابات الحزب الداخلية.

اليسار في الولايات المتحدة - يسار الحزب الديمقراطي، وكذلك شريحة أوسع من الناس المدعوين هناك ب " الاشتراكيين " المدعوين في اوربا ب " الاشتراكيين الديمقراطيين ". وجدت نفسها اليوم في وضع صعب، فالحركة التي يشكل واجهتها بيرني ساندرز والظاهرة الاستثنائية عضو الكونغرس الامريكية الشابة عن نيويورك (ألكسندريا اوكاسيو - كورتيز Alexandria Ocasio-Cortez، والمعروفة شعبيًا بالاختصار: AOC)، البورتوريكية الأصل، هي في حقيقتها حركة ضد الرأسمالية، او على الأقل ضد النسخة الأمريكية للرأسمالية، النيوليبرالية، والشركات الكبرى التي تحاول اقناع فقراء الناس بأن المليارديرية الذين يثرون بفضل شقائهم، يفعلون ذلك باسم حريتهم.

لكن مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الثلاثاء الماضي جو بايدن (والذي أُعلن فوزه في السباق الرئاسي بالأمس)، لا تهدده بالتأكيد هكذا رأسمالية.

من جهة اخرى فان البديل الخطر المتوفر لجو بايدن هو دونالد ترامب، الذي لا تحتاج طبيعة علاقة اليسار به لتوضيح... وكما اوجزها ساندرز بوضوح في احدى التجمعات في بنسلفانيا قائلاً: " هذه البلاد، وفي حقيقة الأمر، العالم كله، لا يتحمل أربع سنوات اخرى من حكم ترامب ".

لذا فقد كانت المهمة الأساسية والملحة لليسار الديمقراطي اقناع جماهيره للذهاب، عاضين على النواجذ، للتصويت لأجل المؤسسة الديمقراطية لإنقاذ العالم من ترامب.

بيرني ساندرز تبنى صيغة " الأقل سوءاً " قائلاً:" ترامب هو أخطر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، بينما بايدن شخصية نزيهة... طبعاً لدينا افكار مختلفة لكن يمكنني ان اؤكد نزاهته واحترامه لدولة القانون والديمقراطية ".

وقد طرحت الناشطة الاشتراكية الديمقراطية وأصغر نائب في الكونغرس الأمريكي الكساندريا اوكاسيو - كورتيز، أكثر التفسيرات واقعيةً عن نقاط عدم التوافق بين يسار الحزب الديمقراطي ومرشح الحزب للرئاسة بايدن، قائلة:” الناخبون الشباب في اقصى حالات الوعي. فالأمر لا يعني لديهم، انتخاب شخصية محببة ما او التصويت على شخص كامل، فهم براغماتيون في خياراتهم الانتخابية، وهم يسعون للتصويت على شخص يمكنهم تشكيل ضغط عليه في القضايا المهمة والأساسية التي تهمهم... يريدون التصويت لرئيس مستعد لسماع حججهم، متفهم لنشاطاتهم واحتجاجاتهم.

بلا شك فان جو بايدن هو المرشح الافضل لسماع اصوات الشباب من دونالد ترامب الذي يركز على الأثراء الخاص له ولحاشيته ".

وكان الرد المباشر للمفكر اليساري المعروف نعوم تشومسكي في لقاء بالمتحدثة السابقة لساندرز " بريانا كري - Briahna Gray " على سؤالها: هل أن "التصويت على ديمقراطي، بغض النظر عن اي شيء "، لن يعطل التغييرات الضرورية في الحزب؟

اجابها تشومسكي، في إطار تقييمه للمخاطر والترجيحات المستقبلية، متسائلاً:" هل لكي نسمح لترامب بالفوز لأربع سنوات اخرى؟ أربع سنوات اخرى من تخريب البيئة التي يمكن ان تصل الى مستويات خطيرة لا يمكن التراجع عنها واصلاحها... او السماح بملأ المحاكم من الأعلى الى الأسفل بقضاة يمينيين متطرفين، يغلقون امكانيات التغيير لكل الجيل، لا أظن بأن هذا الخيار سيكون ذكياً ".

ربما سيكون ما يقتع المصوتين اليساريين والمحفز الأكبر لهم للتوجه الى صناديق الاقتراع أكثر من تفسيرات وتعليلات اي من قادتهم، التسريبات القائلة بان بيرني ساندرز يسعى لتبوء منصب وزير العمل في ادارة بايدن، وهذا يعني، في الحقيقة، تغييراً ثورياً في سوق العمل الأمريكي.

السؤال المهم: هل جو بايدن مستعد لذلك؟

عرض مقالات: