تصدير النفط الخام

تتبع توقعات صندوق النقد الدولي لتصدير النفط الخام في عامي 2020 و 2021 نمطًا مشابهًا لتوقعات إنتاج النفط الخام؛ حيث انه ينخفض ​​بشكل كبير في عام 2020 ثم يتحسن قليلاً في العام القادم.

سوف تنخفض صادرات النفط بواقع 0.520 (مبي) في عام 2020 مقارنة بعام 2019، أو بنسبة 13٪. ولكن مرة أخرى، هناك فرق كبير بين توقعات صندوق النقد الدولي والصادرات الفعلية خلال التسعة اشهر الأولى من عام 2020: حيث ورد في تقرير صندوق النقد الدولي معدل 3.45 (مبي) بينما تعطي البيانات المجمعة من تقارير سومو الشهرية معدل  3.058 (مبي).

ومن التفسيرات المحتملة لهذا الاختلاف البالغ 0.392 مليون برميل هو احتمالية شمول صندوق النقد الدولي تصدير النفط من قبل حكومة إقليم كردستان بينما لا تشمل احصائيات شركة سومو تلك الصادرات. وان صح هذا التفسير فان ذلك يعني وجود حالة عدم اتساق منهجية: استبعاد النفط المنتج من حقول كردستان عند معالجة إنتاج النفط الخام مع إدراجه عند معالجة تصدير النفط الخام!!!.

علاوة على ذلك ، يتجاهل تقرير صندوق النقد الدولي تصدير سوائل الغاز الطبيعي وغاز البترول المسال وزيت الوقود والنفثا والمكثفات الأخرى. وعلى الرغم من أن الحجم الكلي لهذه الصادرات ضئيل مقارنة بتصدير النفط الخام، إلا أنها، مع ذلك، مؤشرات متواضعة للغاية للتنويع الهيكلي في القطاع النفطي.

واخيرا، ركز تقرير الصندوق على بيانات "الانتاج" و"التصدير" دون ذكر البيانات المتعلقة بتطور "الطاقة الانتاجية"؛ وكما هو معروف ان بيانات انتاج وتصدير النفط الخام تعكس تذبذبات، صعودا وانخفاضا، سوق الطاقة والنفط الدولي في حين تتزايد الطاقة الانتاجية بمرور الزمن (باستثناء حالات التدمير المادي بسبب الحرب او الارهاب او الاضطرابات الداخلية) نتيجة للاستثمارات ومشاريع تطوير الحقول النفطية.

وعند المقارنة بين الطاقة الانتاجية المتوفرة ومعدلات الانتاج (أي الطاقة المستغلة او المستخدمة) نتوصل الى حجم او مستوى "الطاقة الانتاجية الفائضة او الاحتياطية". وفي هذا المجال توجد اعتبارات عديدة ومهمة اجد من الضروري الاشارة اليها.

اولا؛ ان ادامة وصيانة الطاقة الانتاجية الفائضة مكلفة للغاية، وعليه فان "حجم" وطول فترة "عدم استغلال" الطاقة الفائضة تمثل عبء اقتصادي لا يمكن تجاهله خاصة بوجود علاقة طردية بين العبء الاقتصادي والطاقة الفائضة.

ثانيا؛ في المقابل، وجود الطاقة الفائضة يوفر نوع من المرونة على مستويين يتعلق الاول باعتبارات الامن الاقتصادي الوطني (في حالة تعرض منشئات الانتاج  للتدمير في محافظة ما، كما حصل في منصف عام 2014 وما بعده)؛ ويتعلق الثاني بالمرونة العملياتيه المرتبطة باعتبارات الادامة والصيانة الدورية التي تحتم توقف الانتاج في الحقول مما يتطلب تعويض الانتاج من حقول اخري.

ثالثا؛ بسبب محدودية الطلب الداخلي والجوانب الكمية والنوعية لقطاع التصفية فان هذا الظرف يقود الى وجود ترابط عضوي وثيق بين انتاج وتصدير النفط، مما يحتم وجود تناسق وثيق بين الطاقة الانتاجية والطاقة التصديرية للنفط الخام. وهنا ايضا توجد اعتبارات مهمة لابد من الانتباه اليها. فوجود طاقة انتاجية فائضة تفسح المجال للاستفادة من ارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية بشكل مباشر وسريع. إلا ان هذا يتطلب، ويفترض، وجود طاقة تصديرية فائضة او مرونة تسويقية للاستفادة من ظروف زيادة اسعار النفط.

وبسبب الظروف الجيوسياسية للعراق، بحكم موقعه الجغرافي شبه المغلق، تتحدد "المرونة التصديرية" للنفط الخام  بطاقة وتعدد "منافذ التصدير". ومن الناحية التحليلية، وفي ضوء البيانات المتاحة والشواهد التاريخية، قد تقود "استراتيجية تعدد منافذ التصدير" الى ان يصبح مجموع الطاقة التصديرية اعلى من الطاقة الانتاجية للنفط الخام. وفي هذه الحالة يكون تقييم الجدوى الاقتصادية  لاستراتيجية تعدد منافذ التصدير مستندا على اعتبارات الامن الاقتصادي الوطني ويكون تقييم الجدوى الاقتصادية  لكل مشروع على حدة مستندا على اقتصاديات المشروع ذاته في ضوء المعطيات والبدائل الفنية والموقعية والزمنية والقانونية والاقتصادية (الكلفة والعوائد والمردود وغيرها من مؤشرات التحليل المالي). 

سعر نفط التعادل المالي - Fiscal Breakeven Oil Prices  

يتعلق هذا المؤشر بقضايا المالية العامة وبالتحديد العجز في الموازنة السنوية بين مجمل الايرادات والنفقات.

يستخدم الصندوق سعر نفط التعادل المالي ويعرفه بانه سعر النفط الذي يكون فيه الرصيد المالي صفراً؛ أي تعادل جانبي الموازنة السنوية- الايرادات والنفقات. وبما ان الامر مرتبط اصلا بموضوع العجز المالي في الموازنة يصبح سعر النفط للتعادل المالي هو سعر النفط المطلوب لتغطية النفقات في الموازنة السنوية عند مستويات تصدير النفط المحددة في تلك الموازنة. وهذا يعني كلما كانت نسبة عوائد صادرات النفط مرتفعة في اجمالي ايرادات الموازنة وكلما كان حجم العجز في تلك الموازنة مرتفعا، يكون سعر النفط للتعادل المالي مرتفعا هو الاخر ويفوق سعر النفط الذي اعتمد عند اعداد الموازنة السنوية. وبتعبير اخر يؤشر ارتفاع سعر النفط للتعادل المالي الى ارتفاع العجز المالي في الموازنة السنوية حيث يفوق حجم النفقات (الجارية والاستثمارية) حجم الواردات (التي تشكل عوائد صادرات النفط اهم مكوناتها).

يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع سعر نفط التعادل المالي من 52.3 دولارًا للبرميل في عام 2019 إلى 63.6 دولار و 64 دولار في عامي 2020 و 2021 على التوالي. وهذا يؤشر الى تزايد حجم العجز المالي في الموازنات السنوية للعامين المذكورين.

ولابد من الاشارة في هذا المجال الى  مسألتين  لابد من اخذهما بنظر الاعتبار عند استخدام سعر نفط التعادل المالي: الاولى، انه لم يتم لحد الآن إقرار قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2020 ولا توجد مؤشرات على أنه سيتم إقراره في أي وقت قريب أو خلال الشهرين المتبقيين من العام. وفي غياب قانون الموازنة تعتمد الحكومة على "قاعدة: 1/12" لتمويل نشاطاتها، أي اعتماد نفقات جارية شهرية تساوي 1/12 من النفقات الجارية الفعلية للعام السابق (2019). اما الثانية فأنها تتعلق بتكرار ظاهرة تدوير رصيد المبالغ التي لم يتم صرفها خلال السنة المالية الى السنة التالية مما يشير الى التباين بين "العجز المالي المخطط" عند اعتماد قانون الميزانية و الذي يشكل اساس احتساب سعر نفط التعادل المالي، وبين "العجز المالي الفعلي" في نهاية السنة المالية؛ فكلما كان حجم الرصيد المدور مرتفعا، كان حجم العجز المالي الفعلي اقل من حجم العجز المالي المخطط، وبالتالي يكون سعر نفط التعادل المالي اقل فائدة للاسترشاد به.

سعر نفط التعادل الخارجي  External Breakeven Oil Price-EBOP            

يتعلق هذا السعر بمجمل العلاقة المالية بين العراق وبقية دول العالم، وبشكل اكثر تحديدا في حجم العجز المالي في الحساب الجاري –الخارجي (الميزان التجاري، ميزان المدفوعات وغيرها من الالتزامات المالية)

يستخدم صندوق النقد الدولي مفهوم سعر نفط لتعادل الخارجي ويعرفه بسعر النفط الذي يكون عنده رصيد الحساب الجاري صفرًا، أي التعادل بين مجمل عوائد العراق الخارجية ( من صادرات المواد والسلع والخدمات والاستثمارات الخارجية وغيرها) والتزاماته/مدفوعاته الخارجية (عن استيرادات السلع والخدمات وتسديد الديون والفوائد وغيرها من الالتزامات الخارجية).

 تشير بيانات الصندوق الى انخفاض هذا السعر بشكل طفيف من 56.7 دولارًا للبرميل في عام 2019 إلى 56.2 دولارًا للبرميل في عام 2020 قبل أن يرتفع إلى 61.9 دولارًا للبرميل للعام التالي.  

في الواقع ومقارنة بسعري التعادل اعلاه  فقد كان السعر الفعلي للنفط العراقي المصدّر خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام 36.92 دولار للبرميل. إنه أقل بكثير من FBOP و EBOP المتوقعين لنفس العام. علاوة على ذلك كان معدل السعر الفعلي للنفط العراقي المُصدَّر خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام أقل من 41.69 دولارًا للبرميل كمعدل لعام 2020 الذي تم اعتماده في تقرير الصندوق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* استشارات التنمية والبحوث – النرويج

عرض مقالات: