حاولت في هذا المقال أن أبين لكل العراقيين وبخاصة المشرعين منهم والحاكمين ان مشكلة الشعب العراقي لا تنحصر بمنح الشهادات والألقاب بالمجان وبتشريعات بعيدة عن الواقع والاختصاص العلمي.

دور وزارة التعليم والبحث العلمي في معادلة الشهادات

ويجب أن نثبت هنا أن معادلة الشهادات العليا (من البكالوريوس إلى الدكتوراه) حصريا من اختصاص وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لأن هذه الوزارة تخرج كل الاختصاصات العلمية ابتداء من المجموعة الطبية إلى المجموعة الهندسية إلى الزراعية والطب البيطري إلى الرياضيات والحاسبات والفيزياء والكيمياء والعلوم الإنسانية... ينبغي تحويل الشهادات ذات العلاقة بالتعليم العالي من الوزارات الأخرى إلى هذه الوزارة لتقييمها.
لقد صدر “ قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والأجنبية” غير المرقم في 2020 ومن النقاط التي لا يمكن إلا أن نثبت موقفا عليها:
ثالثا: أ- تقوم الأمانة العامة لمجلس النواب بمعادلة الشهادات التي تصدر عن معهد التطوير البرلماني ولا يتخذ هذا التعادل أساسا لغرض الدخول إلى الجامعات أو التدريس فيها.”
معهد يصدر شهادة لماذا يتطلب معادلتها من قبله ؟! هل يتطلب من الكليات التي تمنح البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه أن تعادل هذه الشهادات. سؤال يتضمن جوابه.
-
ثالثا: -ب- وزارة التربية تختص بتقييم شهادات الثانوية وما دونها وكلية التربية المفتوحة وهذا حاصل منذ زمن بعيد. والاعتراض على الكلية المفتوحة يجب أن تخضع تقييم شهادتها إلى وزارة التعليم العالي باعتبارها كلية.
-
ثالثا – ج- الصفحة الثالثة شهادات العلوم العسكرية والشرطة هي من اختصاصات وزارتي الدفاع والداخلية وعبر كلياتهما تجري معادلة الشهادات، لكن لم يجر تحديد أي الشهادات التي يجب معادلتها قطعا هي الشهادات التي تصدر عن جامعات في الخارج وقضية الترقيات فلهما قوانينهم الخاصة المعمول بهما لحد الآن. وقد ورد تبرير في الصفحة الثانية الفقرة (ج): “ ولا يتخذ هذا التعادل أساسا لغرض الدخول إلى الجامعات أو التدريس فيها.” لهذا الحد مقبول، ولكن الاستدراك مرفوض: “ إلا إذا تماثلت مدة الحصول عليها مع المدة المطلوبة للحصول عليها مع المدة المطلوبة للحصول على الشهادات المؤهلة لدخول تلك الجامعات أو التدريس فيها. “ أي جعلوا المدة معيارا وحيدا للتقييم دون حساب للوحدات التي درسها الطالب أي المادة العلمية وتطابقها مع المواد التي تدرس في الجامعة.
-
وثالثا يؤكد على السلامة الفكرية وهي جملة عائمة أي سلامة فكرية يعتمدها تقييم الشهادات العلمية وهذا المصطلح عرفناها في زمن تسلط فكر حزب البعث، طاردا لكل الأفكار السائدة في المجتمع العراقي.
-
ما ورد في المادتين: 6و7 مهم جدا حول رصانة الكليات العلمية وعدد سنوات الدراسة والمدد الأصغرية ولكن يجب التأكيد على حصول صاحب الشهادة العليا على الشهادة الأولية (البكالوريوس) ويجب رفع عبارة:” ويجوز معادلة الشهادة الجامعية العالية، إذا كان صاحبها قد حصل على شهادة أقل من الأولية الجامعية” والتزام بالنظامين الأول: البريطاني وهو منح شهادة الدكتوراه بعد الحصول على اجتياز امتحان الحد الأدنى للمرشح (Candidates Maximal) وكتابة أطروحة دكتوراه أو أن يحصل على الماجستير ثم الدكتوراه.
-
ولا يكفي الاعتراف بالشهادة العليا إذا كانت معترفا بها من قبل الدولة المانحة بل يجب تحديد الدول أو الجامعات التي تمنح شهادات ضمن مواصفات الجودة العالمية. كما هو موجود حاليا ضمن شروط تقييم الشهادات في دائرة البعثات والعلاقات الثقافية – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. التخفيف من هذه الشروط يؤدي إلى الهبوط بالجانب العلمي ونوعيته.
-
المادة -11- إعطاء صلاحية للوزير بالموافقة “على معادلة وتقييم الشهادات غير المستوفية لشروط الإقامة المنصوص عليها في هذا القانون” يفتح ثغرة أمام المواطنين لعدم الالتزام بالقانون ينبغي أن يكون القانون متكاملا بغير شواذ لضمان العدالة المتساوية للجميع.
-
المادة - 12 - أولا: منح “الموظف أو المكلف بخدمة وأعضاء مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم أو الوكلاء ومن هم بدرجتهم والمدراء العامون ومن هم بدرجتهم والدرجات الخاصة العليا بموافقة دوائرهم الدراسة أثناء التوظيف أو التكليف على النفقة الخاصة أو إجازة دراسية للحصول على الشهادة الأولية أو العليا داخل العراق أو خارجه بصرف النظر عن العمر” .
-
برأيي إن حشر الموظف - أو المكلف بخدمة - مع المناصب الأخرى وضع لتمرير أصحاب المناصب العليا في الدولة، فالشخصيات المذكورة أعلاه، انتخبت أو عينت لتخدم الشعب لمدة محددة، لذا وجب عليها التفرغ لخدمة المواطنين وتخليصهم من أزمات تولد أخرى. لا أن يتركوا هذه المهمة النبيلة ويتفرغوا لقضية شخصية لا يحتاجها لا المواطن ولا الوطن.

اللقب العلمي حصريا للتدريسيين في الجامعات

- المادة 12 ثانيا – “يمنح حملة الشهادات العليا (الماجستير أو الدكتوراه) من الموظفين المدنيين أو المكلفين بخدمة عامة من غير موظفي وزارتي (التعليم العالي والبحث العلمي، التربية) اللقب العلمي... بتدور خدماتهم السابقة للحصول على الشهادة العلمية”.
-
ويبدو أن “المشرع” لهذا القانون لا يفهم شيئا عن طبيعة الترقيات العلمية في الجامعات ليس فقط العراقية انما عربيا وعالميا والأكثر دقة أنه “يعرف ويحرف” كما يقول المثل العراقي وهذه الترقيات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتدريس في الجامعات حصرا فعندما يحصل الطالب على الماجستير يعين بلقب (مساعد مدرس) وحامل الدكتوراه بلقب (مدرس). ويترقى حامل الماجستير بعد ثلاث سنوات من العمل التدريسي على أن يحصل على تقييم علمي لائق مع عدد من النشاطات العلمية المتميزة من حضور مؤتمرات علمية والمساهمة فيها ببحوث ونشر بحثين على الأقل في مجلات علمية محكمة وتخضع هذه العملية للتدقيق والاستلال وتقويم البحوث من قبل خبراء ثم يصدر أمر جامعي ويعقبه أمر إداري من كليته يقضيان بمنحه لقب مدرس وبعد ثلاث سنوات وبطريقة نفسها يرقى إلى درجة أستاذ مساعد وبعد خمس سنوات وبطريقة نفسها يمنح الأستاذية دون لقب دكتور. أما من يتعين في التدريس من حمل شهادة الدكتوراه فيكون لقبه العلمي (مدرس دكتور) وبعد ثلاث سنوات وبالمواصفات التي أشرنا لها يحصل على لقب (أستاذ مساعد دكتور) وهكذا بعد خمس سنوات يحصل على (الأستاذية). فكيف يمكن لموظف الخدمة المدني من حملة الشهادات العليا الحصول على هذه الألقاب العلمية؟! وماذا يفعل بهذه الألقاب وهو لا يعمل في هذا المجال؟. وما ذكرته من شروط تضمنتها المواد (25، 26، 27، 28) من قانون رقم (40) لسنة 1988 والتي ألغاها القانون الجديد.

تناقض في القانون يحتاج إعادة نظر

المادة 13 – ثالثا ألغت تعليمات رقم (5) الصادرة 1976 الخاصة بمعادلة الشهادات الصادرة عن جامعات عربية وأجنبية، لكني وجدت أن جميع هذه التعليمات وجميعها مثبتة نصا في القانون: - “المادة - 5 – وهي ضرورية ومهمة في معادلة الشهادات ما بعد الثانوية وما قبل البكالوريوس وهذا تناقض كبير في القانون.
-
هذه الثغرات في القانون وهي بعيدة عن العلم والموضوعية. ومراعاة لحالات قليلة ربما عدد من الشخصيات، حصلوا على شهادات من جهات غير رصينة والمرفوضة من التعادل لعدم مطابقتها للمواصفات. بينما ينص القانون الجديد على إعادة تقييمها من جديد. وكذلك الشهادات التي لم تتم بموافقة دوائر أصحابها.
وعلى العموم، إن هذا القانون لا يصلح للوضع في العراق المتردي أصلا، وإذا استطاعت المؤسسات التعليمية الحفاظ على مستوى من المقبولية، فبهذا القانون ستنهار الكثير من القيم التي بنية بجهود أساتذة أجلاء وعلماء مخلصين على أكتافهم تشيد هذا الصرح الشامخ وبقي الكثير منها تتوارثه الأجيال على الرغم من التدخلات البعيدة عن الرصانة العلمية في القبول والمناهج الدراسية...

عرض مقالات: