بعد حرب الكويت والحصار عرفنا البطاقةالتموينية، ثم صدر قرار الامم المتحدةببرنامج النفط مقابل الغذاء، لتصبح عناصر البطاقة سبعةأو أكثر وتحسنت كما ونوعا.
بعد 2003 لم يتم العمل بالبرنامج اعلاه لانتفاء الحاجة لأن الاستيراد فتح على مصراعيه، لنصل الآن لأربع فقرات متقطعة ونوعيا أثيرت حولها شبهات من تلف مخازن الى ماء البحر وطول خزن في الموانئ.
ولكن بالمقابل وظفت الحكومات لاعتبارات انتخابية بحدود اربعة ملايين موظف، مما خفف الضغط على التموينية،وأدى هذا عمليا ان يدفع ثمن تراجع التموينية كما ونوعا وسوء اداء لوجستي، دفعه الفقير المدقع والنسبي، فهؤلاء وبموجب الامم المتحدة ان الفقير المدقع من يكون ايراده اليومي دولارين والفقر النسبي عشرة دولارات، كما أن خط الفقر الآن وحسب المعلومات اجمالا يصل بين 20في المائة و30في المائة، فمثلا وصل في السماوة الى 40في المائة. هذه الشرائح تعاظمت في باقي المناطق في المهجرين بعد 2014 اي بعد دخول داعش وبعضها الى الآن.
الشكوى من سوء الأداء واللوجستيات الأخرى ليست سرا بل باتت موقفا وهكذا بالنسبة لما تحتويه من فقرات لا تغني ولا تسمن من جوع وفق مقاييس الامم المتحده بمقياس السعرات الواجبة لاحتياجات الجسم، ناهيك عن الغاء حليب الاطفال، والشاي الذي لدينا مزرعة في فيتنام خاصة بالشاي يدور لغط برلماني حول فساد بموضوعها.
البطاقه أولا لا تسد رمق ولا تساهم في الخروج من عنق زجاجة الفقر المدقع والنسبي اللذين يتعاظمان مواكبان لمشكلة اسعار النفط والكورونا. كما انها غير منتظمة في توزيعها مطلقا بكل الاحوال.
لذلك تطرح سنويا من بعض المزايدين البرلمانيين سنويا فكرة كلمة حق ان تدفع البطاقةنقدا، وهم يعلمون جيدا من هو الكارتل الذي يحول دون ذلك وتتبخر العملية حتى الموسم القادم، اذن هي اما مزايدة او اوابتزاز للمتشبثين ببقائها كما هي، وهؤلاء المتمسكين بالبطاقةالتموينيةايضا لديهم ذرائعهم، من أن الصرف النقدي المباشر سيشعل السوق ويرفع التجار اسعارهم لأن الطلب سيكون أعلى من المعروض، من الناحيةالموضوعية،إذا كانت البطاقة تغني وتسمن، هذا اولا وإذا لم يكن هناك منتج وطني، اذن هذه ححج ألفناها في التعاطي مع الفساد، فقد اعلنت وزارة الزراعة ان حاجة البلد من الرز والقمح والسكر والزيت باتت منتجا وطنيا، ولكن المشكلة ان اساليب ووسائل واليات التجارة هي الاداة التي افشلت البطاقة التموينية
المهم أنه يصرف أكثر من نصف او ثلتي المخصص للتموينية للاعمال اللوجستية من كلف نقل وخزن وحصة الوكيل، وبالنسبة للمستورد كلف النقل البحري، كما لا يفوتنا التالف خصوصا عندما يستورد لأكثر من سنة كما حصل في حالات معينة.
المعروف الآن أن الطحين لا يتم في الغالب خبزه في البيوت وانما يتم الاعتماد على المخابز والافران، لذلك يكون بدله النقدي أمرا واردا، كما ان القمح بات عراقيا محميا من الاستيراد وهذا ما يشجع على زراعته واستقرار سعره واهتمام جدي من المزارع والدولة لاعتبارات الأمن الغذائي. كما ان السكر كذلك مما يدفعنا قدما للاستغناء عن استيراد خام السكر لندفع لتطوير واحياء مزارع قصب السكر والبنجر، كما ان الزيت يحفزنا بالكف عن استيراد خاماته نحو زراعة السمسم ووعباد الشمس وبذور القطن والزيتون. وهكذا زراعة الشلب بالطرق الحديثة. اذن هناك امكانات هائله تخلقها حاجة الغذاء وما يترتب من ازدهار صناعات من صناعة القطن الى المنتجات الثانوية لهذه الزراعات من علف ونسيج واسمدة.
نخلص من ذلك الى ان التموينية ستصبح محركا تنموينا له مدخلاته ومخرجاته وانه يتفاعل داخل البلد عكس الاستيراد وتبعاته المقيتة التي أولها شل وتعطيل المنتج الوطني لحد الآن وقد لمسناه واضحا من خلال التراجع المباشر في التموينية والمنتج الوطني عموما.
لذلك ينبغي مراجعة الآليات التي كانت سببا حيث تمأسست وأصبح لها تأثير على القرار. وبما ان كلفة المواد التي تصرف للفرد الواحد لا تتجاوز العشرين ألف دينار علينا ان نعلم جيدا ان هذا المبلغ سيتضاعف الى مرة ونصف بعد شطب الكلف الخاصه بالاستيراد والنقل والخزن والتوزيع والتحميل وحصة الوكيل.إذا ما تم صرفها نقدا أي تصبح حصة الفرد نقدا خمسين ألف دينار اي مساوية تقريبا للمقدر من شريحة الفقر المدقع البالغةدولارين، اي ببساطه ننقل هذه الشريحه الى مستوى الفقر النسبي تقريبا.
ولكي نرفع كلا الشريحتين ونخرجهم من هذه الخطوط ينبغي اعادة نظر حقيقة بمن يستحقها سيستمرإذا علمنا اننا لسنا في حصار لكي تبقى الشرائح غير المحتاجة للعناصر الأربعةالحالية، لذا ينبغي حذف البطاقة التموينية من كان راتبه او دخله أكثر من مليون ونصف دينار، هذا بالنسبة لمنتسبي الدوله اجمالا اما القطاع الخاص يمكن ان تساعد ضريبة الدخل بتزويد دائرة البطاقة التموينيةبأصحاب الدخول موضوعة البحث. لا يفوتنا ان نتذكر كم من المزورين في الرعاية الاجتماعية ومن مستويات عليا لذا ليس مستغربا ان نجد كذلك في البطاقةالتموينية من متوفين او في الخارج وغيرها من الاساليب التي يعرفها أهل مكة من التموينيين.
ودعما لهذا التوجه برفع الفقراء من مستنقع الفقر لابد من دعم معنوي من المرجعيات الدينيه والاجتماعية والاعلام باهمية وخطورة وشرعية هذا الأمر الذي يكف التسول والتذمر وانهم عراقيون اولا واخيرا ووفق جميع المقاييس والاعتبارات الإنسانية.
لينعكس ذلك جليا على الجانب الامني ويقلل كلفة الأمن العام والأمن الغذائي واهميته الإستراتيجية.
من هنا ينبغي ان تنشط وزارة التخطيط بدعم الجهات ذات العلاقة بالتموينية بالمعلومةوالاستشارةوالإحصائية والتوقعات لتصبح التموينية خطوه في الاتجاه التنموي المستدام ومحركا حيويا لديناميكيات اقتصادنا الكلي والجزئي.
ربما سيثير المستفيدون من بقاء الحال والمزايدة في المواسم الانتخابية مصير 56الف وكيل تموينية مع عوائلهم حوالي نصف مليون نسم وهؤلاء عراقيون لهم حقوقهم علينا تأمينها، هذه حالة يتوجب معالجتها سيما وان اغلب الوكلاء لديهم دكاكين، كما ان وكلاء التسعينات ليس هم ذاتهم الآن، لذلك من الممكن ان يقوم الوكيل الحقيقي المتفرغ للعمل بدوره كصراف للبدل النقدي للبطاقة التموينية، اذ من المؤكد ان مردودها أكثر من حصته السابقة سيما بعد تقلص البطاقةالتموينيةلأربعفقرات.
في الختام نقول ودائما لا يمكن تتحول أدوات الفشل الى ادوات نجاح، فالأدوات القديمة ثغراتها كثيرة كما عرفناها بتجربة البطاقةالتموينية سيما إذا علمنا ان الهدف كان في التسعينات الحصار الذي بات مختلفا كوسائل وغايات. الآن أصبح الامر مكافحة فقر امام تفاوت شاسع بين الدخول له تبعات خطيرة تتفاقم مع البطالة التي وصلت حدا نوعيا بحيث باتت عوائد النفط بالكادتغطي الرواتب، كما ان الفساد يلتهمأي مشروع ما عدا المشاريع التي تدخل في إطارالحكومةالإلكترونية مثل المنافذ والبطاقة الذكية وسهولة معرفة مدخلاتها ومخرجاتها. فالبدل النقدي يوفر لنا كلف ايصال الحصةالتموينية وصداعها الحالي. كما انها غير قابلة للفساد والافساد بعد تجفيف منابعها.

عرض مقالات: