بداية والكل يعرف موقف المسيحيين احزاب ومنظمات وكنائس والشخصيات الوطنية والمهتمة  بشؤون الاقليات في العراق وحقوق الانسان مواقفهم التضامنية اللامحدود تجاه الاخوة الايزيديين لما تعرضوا له من إبادة جماعية على يد المجرمين من دولة الخلافة الاسلامية بعد حزيران 2014 احتلال الموصل وسنجار في 3آب وسهل نينوى في 6 آب 2014 ،  حتى وصل الأمر بأن المسيحيين كانوا يطرحون ويدافعون عن الاخوة الايزيديين اكثر من الدفاع عن ضحاياهم ،  وهذا الموقف الاخلاقي  ليس منة بل هو واجب انساني باتجاه شعب اعزل كما يعبر هذا الموقف تعبيرا صادقا للارث المسيحي في العراق في تعميق اللحمة الوطنية التي يتمتع بها المسيحيين باتجاه عموم الشعب العراقي وخاصة ابناء الاقليات ، فمن هذا  المنطلق نرجو ان لا نتهم بأننا عندما طرحنا موقفنا بخصوص اقرار قانون الناجيات الايزيديات،  بأننا لنا موقفا سلبيا تجاه القانون المزمع اقراره للناجيات وهكذا كلام يجافي الحقيقة والوقائع التي تعامل بها المجتمع المسيحي على الصعيدين العراقي والعالمي مع الإبادة الجماعية التي لها الايزيديون في العراق وسوريا .

حيثيات قانون الناجيات الايزيديات  

اولا : اتصلت في بداية نيسان 2019 بالاخوة الايزيديين المكلفين والمقربين من كتابة مشروع القانون ، مستفهما منه كيف يمكن اصدار قانون للناجيات الايزيديات دون ذكر الناجيات  المسيحيات ، أكد لي بأن القانون المزمع صدوره سيتضمن حقوق الناجيات المسيحيات بكل تأكيد ، وعندما سألته لماذا يخص اسم القانون فقط الايزيديات ، برر لي ان  تسمية القانون بأسم الايزيديات احتراما واجلالا لحجم الكارثة التي تعرضوا لها قياسا لما تعرض له المسيحييات ، كما ساق لي تبريرا آخر ممكن ان نتفهمه ونتفهم مخاوفهم بأن لا يصبح القانون او ينصهر بأجندة الآخرين.... الا انه في نهاية المطاف ،  أكد بأن القانون سيضمن حقوق الناجيات المسيحيات وأن مشروع القانون خضع الى الكثير من النقاشات المطولة  قبل تقديمه واقراره من قبل  السيد برهم صالح رئيس جمهورية العراق كمشروع قانون  الى مجلس النواب العراقي ، ولهذا السبب  لم اكتب في حينها أي جملة بهذا الخصوص ولكن تحدثت مع بعض ممثلي الكوتا لشعبنا بضرورة التحرك والتنسيق مع الايزيديين في انصاف ورد الاعتبار للناجيات المسيحيات  ...

ثانيا : موضوع الضحايا المسلمات من الشبك والتركمان الشيعة

على هامش  لقاء برلين لجمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الانسان الذي انعقد في 8 و9 تشرين الثاني 2014 تم الاجتماع بين بعض من النشطاء ممثلين المنظمات الايزيديين والشبك والكلدان السريان الاشوريين ( يوسف محرم ، حسو هورمي ، كامل زومايا ) بصدد توحيد الجهود وتقديم لائحة مطالب لرد الاعتبار وانصاف الضحايا ، وبعدها استمر التنسيق  وعملنا الكثير من المؤتمرات واللقاءات في داخل وخارج العراق وكان الحديث دوما ينصب على انصاف ورد الاعتبار لجميع الضحايا الذين تعرضوا للابادة الجماعية وعن المختطفات والناجيات الايزيدييات والمسيحيات والشبكيات والتركمانيات الشيعة،  ولكن في لقاءنا انا ( كامل زومايا ) والاخ الناشط المعروف حسو هورمي رئيس مؤسسة الايزيديين في هولندا   مع المرجعيات الدينية في مدينة النجف الاشرف  في 4 شباط 2015 وخاصة مع المرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم وعند الحديث عن السبايا أكد تضامنه مع الضحايا،  وأكد بأن سفك الدماء حرام الى جانب ذلك داعى ان ينصب اهتمامنا على الايزديدات والمسيحيات  فقط ، لانه على حد قوله بأن موضوع سبايا الشبك والتركمان الشيعة شائك بسبب ان المجرمين الاوغاد من دولة الخلافة الاسلامية يقومون بقتلهم وحرقهم ولذلك لايودون الخوض بهذا الامر ،  واحتراما لموقف المرجعية الشيعية بعض الاحيان خلو بعض البيانات والنداءات من ذكرهم ضحايا الشيعة  نزولا عند رغبتهم ولكن كنا ننتقد على موقفنا من بعض الزملاء الذين يعملون في مجال الدفاع عن حقوق الشبك والتركمان الشيعة ..

ثالثا : لا يوجد فرق ولا يحق لنا ان نفرق بين ضحية وضحية ان كانت ايزيدية او مسيحية( كلدانية سريانية آشورية ، ارمنية )  او مسلمة او صابئية او كاكائية ...الخ بحجة العدد الذي طالهم التدمير..!  وهذا الامر يعد عاطفيا اكثر ان يكون عقلانيا ولا يعبر عن الحقيقة في غايات دولة الخلافة الاسلامية داعش الارهابي ولا  يعبر عن ماهية احترامنا لحقوق الانسان وحماية كرامته بغض النظر لعرقه وجنسه ومعتقداته الدينية والفكرية ..! نعم ممكن ان نتفهم ، في بعض الاحيان ان نركز على  هذه المجموعة او تلك وابراز  القصص المروعة لهم امام المجتمع الدولي بهدف تجريم جند الخلافة الاسلامية ،  ولكن عند سن القوانين والنداءات والبيانات علينا ان نكون منصفين في اشراك جميع الضحايا دون استثناء ، ولدينا مثالا يحتذى به كموقف حكومة وشعب ارمينيا ، فالكل يعلم بما تعرض له الارمن من إبادة جماعية على يد الدولة العثمانية في القرن الماضي  لدرجة ان الابادة الجماعية لمليون ونصف ارمني غطت على ضحايا شعبنا في مذابح سيفو 1915 ، ولكن شعب وحكومة ارمينيا لم يتوقفوا  عند ضحاياهم بل ان الارمن اول اللذين اعترفوا بما تعرض له الشعب الكلداني السرياني الآشوري إبادة جماعية وتم اقامة نصب في وسط العاصمة يريفان / ارمينيا  للاشوريين وكذلك موقف الارمن بالاعتراف بابادة الجماعية  للاقلية اليونانيين الاتراك ، فان كان الموضوع عدة وعدد كان من المفروض  مصيرنا التهميش وهذا لم يحصل في ارمينيا ،  وهنا لابد لنا ملاحظة مسالة مهمة بان الاشارة لضحايا الاقليات كالمسيحيين سوف لا يقلل من شان قضية الايزيديين والعكس ايضا صحيح وان أي  تهميش او عدم رد الاعتبار لأي اقلية يعني بصورة غير مباشرة رسالة تزكية للمجرمين بأنهم كانوا يتمتعون بمبادئ انسانية ولهم قدر من الاخلاق في زمن الحرب وهذا مجافي للحقيقة طبعا ، وهناك براهين كثيرة على اجرامهم بحق المسيحيين  في سوريا ومصر وليبيا ، ولكي نكون منصفين ان نتذكر التواريخ التي حلت بها الابادة الجماعية ،  لكي نتعرف سبب حجم  الكارثة الكبير الذي حل على هلنا وبناتنا الايزيديات في سنجار الشهيدة ، وكما نعلم جميعا فقد احتلت سنجار بشكل "مفاجئ" و"الانسحاب التكتيكي"  في  الثالث من  آب 2014 وترك شعبنا الاعزل من الايزيديين والمسيحيين في سنجار ( بالمناسبة لدينا ناجيات من سنجار ومفقودين من سنجار مسيحيين ) ان يلاقوا مصيرهم المحتوم بيد الاوباش جنود دولة الخلافة الاسلامية،  لذلك اصبح ما تعرض له الايزيديين في سنجار عبرة وناقوس خطر الذي لم يدق ولكن لم يقف شعب سهل مكتوفي الايدي فهرب من هرب ووقع المئات من بنات وابناء شعبنا المسيحي في ايدي مجرمي دولة الخلافة الاسلامية (داعش الارهابي) ، وتحتفظ منظمة شلومو للتوثيق باعداد المختطفات والمختطفين والناجيات والناجيين واعداد المفقودين ومصيرهم مجهول لحد الان ، وهذا التوثيق لا يعكس بأي حال احصائية دقيقة لضحايا المسيحيين فما زال الكثير من الضحايا وذوي الضحايا يتكتمون على معلومات مهمة ولكنهم متخوفين في البوح بها وتوثيقها عند منظمة شلومو او عند المنظمات الحقوقية الاخرى ، الذي نود قوله ان هدف المجرمين كان غرضهم القصد التدميري للهوية الثقافية والدينية والعرقية للمجموعات غير المسلمة بغض النظر عن اعدادهم ، كما ان الظرف الموضوعي جعل الكارثة كبيرة لاهلنا  الايزيديين اكثر بكثير من المسيحيين والشبك لان احتلال سهل نينوى كان في السادس من آب 2014 كما اسلفنا.

ولكي نتحلى بقدر من المصداقية في انصاف الضحايا  نسرد مثال آخر من جمهورية المانيا الاتحادية ، فبالرغم الجميع يعرف موقف المانيا الغربية انذاك من الشيوعية والشيوعيين ، الا انك عندما تزور المتحف التوثيقي لمدينة كولن NSDOK الخاص بجرائم النازية ستشاهد التوثيق الدقيق لكل المجموعات التي تعرضت للابادة الجماعية واولهم الشيوعيون واليساريون والقوى الديمقراطية  ثم اليهود هذا الانصاف مطلوب والشفافية تعبر عن وجود سلام داخلي بعيدا عن العاطفة وتهميش الاخرين بحجة الانا التي سوف تقتلنا جميعا وخاصة مصير الاقليات في العراق والشرق الاوسط .

نؤكد  مرة اخرى لسنا ضد ان يكون القانون بأسم الايزيديات ولكن ان يتضمن القانون انصاف ورد الاعتبار للناجيات المسيحيات  وهذا من حق الضحايا  ، أما عن المسلمات الشيعة فالامر متروك لهم ولمراجعهم  .

 

 

عرض مقالات: