أعلنت اللجنة المالية النيابية ان وزير المالية بدأ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض بمبلغ 5 مليار دولار، وان الاقتراض الداخلي سيكون بواقع 15 تريليون دينار لأغراض تأمين الرواتب والمصروفات التشيغيلية. وقبل الحديث عن مجمل الدين العراقي نود ان نشير إلى الغموض الحكومي بشأن مصير القروض الأجنبية السابقة والمشاريع المنجزة، وآخرها القرض البريطاني المستحصل عام 2016 والبالغ 12 مليار دولار،وهو قرض كبير لا نعرف أين استثمرت أمواله وبأي اتجاه ؟ وللتذكير على سبيل المثال، تم بموجب هذا القرض تمويل مشروع ماء النصر في محافظة ذي قار وبتكلفة 30 مليون دولار، وأثناء افتتاح المشروع انبعج اي انشق الخزان لسوء المواد ومخالفتها للمواصفات العراقية. وان توجهات هذا القرض الكبير لازالت مجهولة.
حسب تصريح ا احمد الجبوري، عضو اللجنة المالية النيابية لصحيفة الصباح، ان ديون العراق الخارجية حتى عام 2019 بلغت 125 مليار دولار، وقد اعلن البنك الدولي ان ديون العراق لنفس العام بلغت 122.9 مليار دولار. أي ان الديون فاقت قدرة العراق على التسديد او دفع الفوائد او خدمات الديون الاخرى. ولو استثنينا الديون الخليجية الساكنة، وغير المطالب بها حاليا، فان مايقارب من ال 80 مليار دولار تم الحصول عليها بعد عمليات اطفاء ديون نادي باريس. والسؤال، أين ذهبت مخرجات هذه القروض، في ضوء انعدام الشفافية الحكومية، ما هي المشاريع المنجزة والشاخصة على الأرض وفق هذه القروض، سيما وان الموازنات السنوية كانت مجزية للأعوام 2006 ولغاية 2014.، وقد بلغت ميزانية 2014 لوحدها 174،6 تريليون دينار قبل دخول داعش،ولم تتقدم الحكومة آنذاك بحساباتها الختامية.
ان العمل المالي لأي حكومة على وجه الأرض يتطلب، موازنة تخمينية دقيقة، وحسابات ختامية فعلية، كي يتم ضبط النشاط المالي والموقف من العام القادم، وقد درجت الحكومات رغم ما لحقها من شوائب منذ تأسيس الدولة عام 1921، على تنفيذ متطلبات الموازنة ومراحلها، الا في الفترة الواقعة بين 2003-- 2020.، فإذا كان مثل هذا السلوك قد لحق بالموازنات العامة السنوية، فكيف هو التصرف اذن بقرض أجنبي يتم تنفيذه بشكل هامشي بعيدا عن متابعة الجهات الرقابية الحكومية. وهنا نذكر بما تقوله السيدة ماجدة التميمي دائما من ان هناك 6000 مشروع وهمي لا وجود لها على الارض كلفت الخزينة ما يقارب ال 350 مليار دولار.
ان القروض التي يمنحها البنك الدولي او صندوق النقد الدولي هي قروض سياسية لمؤسستين دوليتين تهمين عليهما أمريكا يراد من ورائها تكبيل الشعوب وإعادة الاموال المقترضة الى المنشأ عن طريق شراء البضائع الامريكية او التعاقد مع الشركات الامريكية، أي منها واليها، ولا يهم هذه الجهات إلى أين توجه القروض او انها عرضة للسرقة والاختلاس.
ان القرض الجديد اذا ما تم التوقيع عليه يتطلب من وزارة المالية ووزارة التخطيط الإعلان على الملأ وبكل شفافية، ما هي قيمة القرض النهائية، المشروعات التي ستنفذ بموجبه، الجدوى الاقتصادية او الخدمية من هذه المشروعات وفق سلم الاولوية الوطنية، رصانة الشركات التي سيحال اليها المشروع ومدد التنفيذ، والمبلغ المخصص لكل مشروع.
ان مبدأ الشفافية مطلوب من هذه اللحظة، وعلى الحكومة والوزارات المعنية ان لا تثير الريبة والشك عند الناس بعد التجارب السابقة التي حالت دون الاستفادة من القروض، وحملت الاجيال القادمة عبئا ثقيلا. وأخيرا أود ان اذكر بأن تنفيذ القروض الداخلية يتطلب الغاء المصروفات غير الضرورية لكل موظفي الدولة من درجة مدير عام وصولا الى رئاسة الجمهورية، والتحقق من ازدواج الرواتب والتأكد من الدرجات الفضائية التي باتت تستنفذ موارد العراق دون وجه حق.