كثرت في الأونة الأخيرة الهجمات البدائية والتي تحمل من الحقد والكراهية اكثر مما تحمله من الجهل والغباء، على اتباع الديانات الاخرى غير الإسلامية من المسيحيين والصابئة بشكل خاص ، ولم ينجو من هذه الشتائم البذيئة المليئة بالأكاذيب اتباع الديانات الأخرى في وطننا والتي لم يسئ اتباعها الى هؤلاء انفسهم او الى دينهم او الى العقائد والعبادات التي يمارسونها. فلماذا كل هذا الحقد والعداء اذن ؟

لقد عشنا ولفترة ليست بالقصيرة كثيراً من الجرائم المروعة التي اخذت طابع المجازر التي ارتكبتها عصابات الدولة الإسلامية، داعش ، ضد اخواتنا وإخوتنا من المواطنين العراقيين الأصلاء ، اتباع هذه الديانات في وطننا العراق وفي المناطق الأخرى التي استولت عليها هذه العصابات ، وكيف انها لم تكتف بالقتل والتخريب فقط ، بل تجاوزت كل القيم الإنسانية والأخلاقية ايضاً حينما مارست التهجير والإغتصاب وسرقة العقارات  والأموال وتخريب دور العبادة والعبث بكل ما يتصل بالقيم الإنسانية والتوجهات الحضارية في مجتمعات اليوم. وبعد ان توارت جرائم دواعش المجازر، ولو بشكل غير كامل، حيث ان بعض عصاباتها لم تزل تمارس بعض جرائمها في مناطق مختلفة من وطننا ، برز حلفاء دواعش المجازر هؤلاء يعتلون المنابر التي كانت مهمتها الأساسية مرتبطة بالوعظ والإرشاد وإحياء المناسبات الدينية المختلفة . وكان من المفروض ان يتسم معتلو هذه المنابر بفصاحة القول وسعة المعلومات وحسن الأداء وتبسيط ما يصعب من امور الدين على المستمعين لهم والذين تشكل غالبيتهم الفئة البسيطة الملتزمة بدينها التزاماً عاطفياً اكثر مما هو لاهوتياً.

إلا ان ما نعيشه هذه الأيام من بعض معممي هذه المنابر لا علاقة له البتة بالمواصفات التي ينبغي ان تتوفر فيهم . فهم لا يملكون من القول إلا ارذله، إذ لا فصاحة بيان ولا نظافة لسان، فشتائمهم بحق اتباع الديانات الأخرى واستهزاءهم بشعائرهم وعباداتهم وطقوسهم بلغة سوقية لا يمكن ربطها بأي حال من الأحوال بالقدسية التي يطلقونها على المنابر التي يعتلونها ويقذفون ببذيئ القول من فوقها. وهم لا يملكون من العلم والمعلومات العامة البسيطة عن هذه الأديان التي يتحدثون عنها، ربما يعلمون بعض الأشياء البسيطة واللاعلمية، لذلك تنبثق بنات افكارهم عن اوهام واكاذيب لا يستطيع المستمع البسيط لها رداً ، لأنه عاجز عن الرد معلوماتياً ، ولا يوجد في مثل هذه المجالس تقليداً يسمح بالمناقشة او طرح الأسئلة . ولا تختلف طرق أداءهم المشوبة بالفوضى والبدائية ودناءة الألفاظ بحق الآخرين من اتباع الديانات الأخرى عن بدائية وسطحية ودناءة مواصفاتهم الأخرى في العلم والمعرفة الدينية واللغوية .

ان دواعش المنابر هؤلاء قد اخذوا على عاتقهم مواصلة المسيرة التي بدأها دواعش الدولة الإسلامية بحق المواطنين العراقيين ، بنات وابناء هذا الوطن وساكنيه  قبل ان يكون هناك اي اثر لدواعش المجازر والمنابر فيه ، وهم بهذا الأسلوب البدائي المقيت واللاأخلاقي ايضاً يمهدون لطريق الحقد والكراهية والتناحر الإجتماعي الذي سيسهل الدرب لأخوتهم من دواعش المجازر ليعيدوا ممارساتهم الإجرامية التي عشنا مآسيها جميعاً ، خاصة تلك المآسي والمجازر التي عاشها اتباع الديانات الأخرى ، وحتى اتباع الديانة الإسلامية في بعض المناطق .

لا ادري اين يقف المسؤولون عن الحفاظ على سمعة الدين الإسلامي في وطننا من المراجع والمشايخ الذين اعلنوا في مناسبات عدة عما يؤمنون به من السلام الإجتماعي واحترام الديانات الأخرى من خلال احترام ممارسات اتباعها من العبادات والشعائر سواءً داخل دور العبادة او خارجها . لماذا يصمت هؤلاء المسؤولون عن هذه التصرفات اللاأخلاقية التي يمارسها دواعش المنابر بحق مواطنات ومواطنين عراقيين لا غبار على اخلاصهم لهذا الوطن ولكل اهل الوطن . لماذا لم يجر ردع هؤلاء الدواعش كما جرى العمل على ردع دواعش الدولة الإسلامية وعصاباتها التي هددت وطننا بكامله.

لابد من اتخاذ اجراء جدي بحق دواعش المنابر وإيقاف تصرفاتهم البدائية  تجاه تابعي الديانات الأخرى وممارساتهم العبادية ، واحترام ما يكرره هؤلاء الدواعش انفسهم وغيرهم دائماً من ان دينهم يأمرهم بالتعامل مع الآخرين بالتي هي احسن ، لا بالتي هي اسوأ كما يفعلون هم االيوم .

 

عرض مقالات: