أحزاب الدين السياسية الشيعيَّة منها والسنيَّة، العربية والكرديَّة تفتقد لمقومات الأحزاب الوطنية حسب المفاهيم العلميَّة، فهي بمجملها لا تعتمد على الركنين الأساسيين التي تُبْنى عليهما الأحزاب الحديثة في كافة دول العالم وهما النِظام الداخلي الذي يُرَتِّبْ عمل الحزب وأشكاله التنظيميَّة ويُثَبِّتْ حقوق وواجبات أعضائه والبَرنامج السياسي الذي يَرْسِمُ خطط ومشاريع الحزب السياسيَّة والإقتصاديَّة والإجتماعيَّة المستقبلية والمرحلية.
ــ إنَّ معظم هذه الأحزاب تم تشكيلها إما خارج العراق أو بعد إنهيار نظام البعث المقبور وفي غياب قانون رسمي للأحزاب وبدوافع فردِيَّة تقف ورائها مصالح شخصِيَّة، وقد سارعت جميعها إلى فتح أبوابها على مصاريعها لتسهيل إنظمام أعضاء الحزب المقبور بالإضافة إلى منتسبي مؤسساته الأمنية والعسكرية بما فيها عناصر فدائيي صدام إليها لتوسيع قواعدها الحزبية التي كانت تفتقر إليها. وقد لاذ معظم عناصر الأمن والمخابرات والإستخبارات وبخاصة من ثلوثت أياديهم بحريَّة وكرامة المواطنين وكذا منتسبي الشرطة والجيش بعد حل المؤسسات التي كانوا ينتمون إليها بعد الغزو الأمريكي للعراق إلى هذه الأحزاب لغرض الحماية من الملاحقات بعد ما قاموا به من أعمال الذل والهوان، وهذا يعني بأن معظم هؤلاء الأعضاء لجأوا إلى هذه الأحزاب دون قناعاتهم بها أو بقياداتها أو مساراتها.
ــ إستطاعت هذه الجموع الجديدة من الإعضاء وبضمنهم الكثير من العناصر القياديَّة في النظام المقبور والتي صدرت بحقهم القوانين الرسميَّة لتجريدهم من هذه المواقع ومنها على سبيل المثال ـ قانون المسائلة والعدالة ـ بعد إرتمائها في أحضان أحزاب الدين السياسيَّة أن تحتفظ بمواقعها الإدارية في مؤسسات الدولة بعد السقوط وأن تمارس العبث كما تشاء تحت حماية أسيادهم الجدد.
ــ وبقيت وهي فاقدة الإرادة والرأي والمشروع تلتاذ بحماية أحزاب الدين السياسيَّة الجديدة وتنفذ لها مساعيها وتحمي ظهورها وتغطي على عيوبها في السلب والنهب والإستحواذ على ممتلكات البلاد مقابل أن تتمتع بِفُتاتِها. وصارت أحزاب الدين السياسيَّة تقوم بقيادتهم مستغلة المد الديني والمظلوميَّة تارة وحاجة هؤلاء للحماية تارة أخرى وتمكنت من أن تبني منهم فصائلها المسلحة لتحتمي بها وليحموا أنفسهم من خلالها، وصارت تَسُوقهم كالقطيع تقاتل بهم تارات وتقتلهم أخرى.
ــ كما تمكنت أحزاب الدين السياسيَّة هذه من زج الكثير من هؤلاء الأعضاء في مؤسسات الدولة العسكرية المختلفة وتدخلهم في دورات تدريبيَّة وتمنحهم المراتب والمرتبات العالية كما جرى في حالات زج ـ ضبّاط الدمج وغيرهم من المجاميع المحسوبة على هذه الأحزاب ـ وتكليفهم بقيادة الوحدات المختلفة في الجيش والشرطة وصار هؤلاء يُؤتَمَرُون بإمرة هذه الأحزاب وليس بأمرة القيادات العسكرية الرسميَّة وأخذت أحزاب الدين تستأثر بالإعتماد على هذا النوع من التوغل المقصود والمبرمج بفرض إراداتها على قادة هذه المؤسسات وإجبارهم على تنفيذ مآربها.
ــ إعتمدت قيادات أحزاب الدين السياسيَّة هذه أساليب الترهيب ضد هؤلاء الأعضاء وإخضاعهم إلى التهديدات المستمرة إذا لم ينفذوا أوامرهم وينصاعوا إلى تنفيذ رغباتهم تحت حجج مختلفة منها كونهم يمتلكون ما فيه الكفاية من المعلومات عن ماضيهم وسوابقهم المُخلة والمُذِلة وصاروا يقودونهم ويزجوهم في معارك خاسرة لا نفع لهم بها ويجبروهم على إراقة دماء إخوتهم من أبناء الوطن دون حياء أو ضمير.
ــ مارست قيادات أحزاب الدين السياسيَّة هذا النهج وهذه السلوكيات وهي لا تزال مقتنعة ومُصِرّة على السير بهذا الطريق للبقاء في مواقعها والحفاظ على مكاسبها وهي تتجاهل التطورات في المشهد السياسي أو تتغابى عما جرى ويجري في واقع الحال في مدن العراق المختلفة بعد إنطلاقة إنتفاضة تشرين الشعبية المباركة التي وِلِدَ بإندلاعها
تطور سياسي جديد في البلاد
لا يمكن تجاهله من أيَّة قوة سياسيَّة في البلاد أو الإلتفاف عليه بأيّةِ خدعة أو تسويف جاء نتيجة لمجموعة التطورات السياسيَّة والإقتصاديَّة والإجتماعيَّة الأليمة والأمنيَّة المنفلته على مدى السنوات التي أعقبت الإحتلال البغيض، ترتب عليها
* تطور فريد من نوعه تقوده الجماهير الغاضبة المقتنعة بما تريد تحقيقه وليس القيادات الكلاسيكيَّة/ الأفراد أو الجماعات التي فشلت في إدائها، تطور يسعى إلى إشاعة وترسيخ وعي جمعي وطني جديد للعراقيين بعيداً عن إدعاءات ومتاجرات قادة وأحزاب الطوائف والمافيات والميليشيات التي تسعى وبكل السبل لتحقيق منافع ومكاسب شخصيَّة لها ولإتباعها، وعي يراد منه إصلاح واقع الحال المتردي على كافة المستويات.
* تطور رافض وبشكل علنيّ للفساد والمفسدين ولكل أنواع المحاصصة الرخيصة على حساب مصلحة الوطن وأبنائه يتصاعد بوتائر عالية ويتناسب عكسياً مع إزدياد بطش الأحزاب المتنفذه والميليشيات المنفلته وإنخفاض الدور الحكومي التابع لقيادات الأحزاب الدينيَّة وميليشياتها الفاشلة،
* يعكس ملاحم بطولية من الصمود والعناد والإستمرار والإصرار على مواصلة المسيرة
* أبطاله شجعان ميامين غير فاقدي الإرادة أو الرأي، كما هم قطعان الميليشيات وأحزاب الدين السياسيَّة، يكشفون ويعرّون خزعبلات وسفسطات رجال الدين ومحاولاتهم لإشاعة الجهل والظلام في المجتمع وجر البلاد إلى الهاوية،
* يرفض الأوامر والإملاءات وإنتظار التوجيهات من خارج الحدود ويرفض الإنصياع لغير قناعات أبطاله كما يرفض مواصلة السير على خطى ألسلف،
* تطور أثبتت من خلاله نساء العراق الباسلات وبجدارة إمكانياتها وقابلياتها على خوض النضال المشترك مع أخيها الرجل من أجل إنتزاع الحقوق المهضومة.
* يكتب فيه مُفَجِّرِيه برامجهم بدمائهم ويُسَطِّرون فيها شعاراتهم لرسم مستقبلهم الجديد،
* يملي أبطاله من الشباب ومناصريهم إرادتهم بفعل صمودهم وتضحياتهم ونهجهم المنقطع النظير على البذل والعطاء وليس من خلال الإذلال والتبعيَّة،
* ينبع من حاجة البلاد وأهلها لِيُلَبِي طموحات أبنائها وينقذها من حالات التفكك والتشرذم والضياع وليس بإملاءات وإرادات خارجية أو أجنبية.
* تطور تساهم به وتدعمه مختلف فئات وطبقات الشعب ومعهم العمال والطلبة والشباب
لكم المجد والنصر إيها الأبطال بنات وأبناء العراق الميامين