معلوم أن الامريكان بعد اسقاط نظام المقبور صدام حسين شرعنوا احتلالهم العراق بقرار من مجلس الامن حيث كلفوا بإدارة الشأن العراقي لفترة سنة قابلة للتجديد.

وفي قرار لاحق فتحت كوّة نحو استعادتنا للسيادة الوطنية. وكان لزاماً علينا أن نستثمر تلك الامكانية وهذا ما حصل فعلاً.

فمن اجل ان لا يتم التجديد للأمريكان اتخذت الاجراءات العملية اللازمة من خلال مؤتمر وطني حضره ألف مندوب انتخب مجلساً تمثيلياً للعراق ضم مائة عضو سمي في حينه (الجمعية الوطنية). التي اخذت على عاتقها اعداد مسودة الدستور وتشكيل حكومة عراقية.

كان عمل اللجنة التي كلفت مقيداً بسقف زمني محدد فجاء الدستور بالصيغة التي ورد فيها والتي تضمنت على حد تعبير احد من ساهموا في كتابة الدستور (قنابل موقوتة) تتمثل في وجود اكثر من ستين مادة حمّالة اوجه. واتفق في حينه أن يجري التصويت عليه خلال الاستفتاء بكلمة نعم وليس بكلمة لا. وقد تحقق ذلك وبذلك استكملت كافة مستلزمات انهاء دور الادارة المدنية للعراق ونقل السلطة من الحاكم المدني المستر بريمر الى يد العراقيين وكان ذلك انجازاً كبيراً حققه العراقيون. وانتهت مدة (الجمعية الوطنية) وانتخب البرلمان في انتخابات اوائل عام 2005 والتي جرت وفق القاعدة النسبية في احتساب المقاعد على ضوء ما افرزته صناديق الانتخابات ومعلوم ان تلك الانتخابات جرت على اساس ان العراق دائرة انتخابية واحدة.

كان بإطاره العام، دستوراً ديمقراطياً نص على تأمين الحريات الديمقراطية للعراقيين والحل الديمقراطي للمسألة القومية في العراق ونص على ان العراق دولة (اتحادية ديمقراطية، تعددية، برلمانية، يجري التداول السلمي للسلطة فيها من خلال الانتخابات التي تجري كل أربع سنوات على ضوء ما تفرزه صناديق الانتخابات).

كما نص على ان (الدولة تكفل حق المواطن في التعبير عن رأيه بمختلف اشكال التعبير) واكد على كفالة حق التظاهر السلمي للمواطن العراقي والاضراب كذلك.

لقد تولى البرلمان في حينه تشكيل لجنة تتولى مهمة اعداد التعديلات الضرورية على الدستور من اجل ان يكون بالصيغة الافضل والاكثر ديمقراطية.

وقد عملت اللجنة بهمة عالية بحيث توصلت الى اعداد التعديلات المطلوبة على المواد حمّالة اوجه وبنسبة تجاوزت الثمانين في المائة من المهمة التي كلفت بها. وتوقف العمل باستكمال مسودة التعديلات كي تطرح على الشعب العراقي للاستفتاء عليها ويأخذ الدستور صيغته النهائية فيكون بالصيغة الادق والاكثر ديمقراطية دستور يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تسعى من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية لأبناء الشعب العراقي دون تمييز على اساس الجنس او الدين او العرق.

والان حيث كثر الحديث عن تعديل الدستور واصبح تعديله مطلباً جماهيرياً مطروحاً من قبل المتظاهرين، وبعد تشكيل لجنة التعديلات على الدستور، أرى من المفيد العودة الى ما انجز من مقترحات لتعديله من قبل اللجنة السابقة وعدم العودة الى المربع الاول والانطلاق من نقطة الصفر فقد بذل جهد كبير من اجل اعداد تلك المقترحات والعودة اليها سيسهل في رأيي عمل اللجنة الجديدة وان لا يذهب ذلك الجهد هباء منثوراً. وان لا تأخذ التعديلات منحى يفرغه من محتواه الديمقراطي ومع اعتزازي بكل ما رغم ما يطرح الان من مقترحات على صفحات الصحف بهذا الخصوص من اجل تعديل الدستور وجعله اكثر دقة واكثر ديمقراطية بعيدا عن طروحات الغائه او تعديل شكل النظام وجعله رئاسياً حيث يستبدل شكل الدولة من دولة مؤسسات الى دولة افراد يمتلك فيها الرئيس حق الفيتو على قرارات البرلمان المنتخب من قبل الشعب ولا يمتلك البرلمان مثل هذا الحق على قرارات الرئيس.

عرض مقالات: