لقد أدى عدم الإستجابة لما طالب به جيل الحداثة، حين هاله والجماهير الشعبية ما أوصلته   الاحزاب المتحاصصة طائفيا وسياسيا إليه من بؤس وحرمان، وغياب الأمن واﻷستقرار عن الوطن، خاصة عند تجاهلهم وتصديهم لإنتفاضة جيل الحداثة والجماهير الشعبية، فتحول مركز تفكيرهم، في كيفية خلق ساحة، يتحرك بها مرشح قيادة الحكومة القادم بحرية، ليُحافظ بدون تشويش على مصالحهم الذاتية، ومن منطلق أساسه المحاصصة الطائفية، وبذلك يتم التستر على فسادهم وسرقاتهم لثروات الشعب والوطن. ولهذا يلجؤوا حاليا الى المماطلة والتسويف لكسب الوقت على أمل أن ينزرع الملل في نفوس المنتفضين، ويخرجوا عن سلمية حراكهم المطالب بوطن حر سعيد، فيُخلق بذلك مبررا قانونيا لضربهم بالجملة. لذا يُعرقلون تخريج محاولات البحث عن شخص مستقل، بالضرورة يكون بعيدا عنهم، ولا يكون لهم تأثير عليه، أو مستجيبا لإملاءاتهم. متناسين إن الدواعش لا يزالون يهددون الوطن وعموم الشعب، وهم يرصدون اللحظة التي يعودوا بها مجددا للعراق، ليجزوا رؤوس من كفرهم، بالإضافة إلى الأوضاع الشاذة التي يمر بها الوطن حاليا، والتي تساعد في زيادة توغل دول الجوار والعامل الخارجي بشؤون سيادتنا ونهب ثرواتنا الوطنية، بتفعيل حراك من جيء بهم من مختلف بقاع العالم، والذين أسرعوا في تبني ما أقترح عليهم من نهج المحاصصة الطائفية والإثنية المقيت، وهذا كفيل ان يترك في نفوس أطراف العامل الخارجي ودول الجوار الإطمئنان، حيث سيسير مسار العملية السياسية بالشكل الذي يريدوه، وضمن الإتفاق المبطن وإياهم لتحقيق أجنداتهم. هذا ما شجع الأحزاب الحاكمة الإستمرار بتعنتها بعدم الإستجابة لمطالب المنتفضين، الذي وقف وراء تضاعف مآسي شعبنا الإقتصادية والإجتماعية.

لقد أكد المنتفضون في اكثر من مرة، أن عدم الإستجابة لمطالبهم السلمية، لا يصعد وتيرة إنتفاضتهم التشرينية فحسب، بل سيرفع سقف مطالبهم أيضا، وبهذا تصبح إنتفاضتهم مثالا رياديا يحتذى به أجيالنا القادمة وشعوب المنطقة، على الرغم من قسوة طبيعة الأساليب القمعية ووحشية، ومع هذا يبقى المنتفضون متمسكين بقيمهم الوطنية، معيدين إلى فكر العراقيين بأن بلدهم العراق كما يُقال عنه انه مهبط الرسالات السماوية ومهد الحضارات البشرية، وان ما يحدثوه حملة السلاح المنفلتون من قتل وتدمير بحق المنتفضين لم يجر حتى في أكثر البلدان ظلما، وكأنهم يُقاتلون محتلا وليس إخوة لهم.  

  لقد قادتهم خططهم المعادية لمصالح الشعب والوطن العليا، وقمع إنتفاضة جيل الحداثة الصامد على مواصلتها. ومما زاد الطين بلة، قسوة من تفتقت قريحته ونزل إلى أوطأ مراتب العمالة والتبعية وأكثرها دناءة في صيدهم بالرصاص الحي والقنابل الصوتية والدخانية، مع إستهداف الناشطين منهم، عند عودتهم لبيوتهم بكاتم الصوت وتصفيتهم جسديا، دون أن يرف لهم جفن، او تُظهر وجوههم غيرة وطنية  

لقد حذرنا من مخطط ما كان يُعد له، بزرع عناصرهم ومريديهم في دوائر الدولة الإدارية واﻷمنية، لتكون تلك المؤسسات غير بعيدة عن صيانة مصالحهم وسلامتها ، ولطالما أزلامهم المنفلتون يحمون ظهورهم، ناشرين شعارات دول شرقية وغربية، فإن إستمرار خداع  الشعب بنصرة مظلومية الطوائف والقوميات لن يستمر طويلا .كما أن تكفير كل من يدعو لحياة حرة كريمة ومدنية ديمقراطية فهو عميل ستنكشف أهدافه ، أما تهمة تفكيك المجتمع التي تلصق به تتناقض مع قضية تقدم الشعوب، حيث اثبت الواقع أن الشعوب لا تتقدم إلا على أكتاف علمائها وباحثيها وشبابها، فقد طبقوا خطة إفراغ العراق منهم، كي يحصلوا على عراق ميت سريريا، حين فتحوا ابواب إضطرار هجرة العقول العلمية إلى الخارج، بالإضافة لوضعهم عراقيل أمام عودة من سبقوهم للوطن .

واليوم من خلال ملاحقتها لجيل الحداثة في ساحات التظاهر السلمي وتصفيتهم جسديا، أو أخذ التعهدات بعدم التصدي لمشاريعهم المهينة لكرامة الشعب الوطنية التي تبنوها خلال ستة عشر عاما ولا يزالون، لإبقاء العراق ضعيفا، ينهكه غياب القانون، وتحكم سلاح الميليشيات بمصيره.  

عرض مقالات: