المجد والخلود والرحمة للإعلاميين العاملين في قناة دجلة الفضائية العراقية، اللذين تم اغتيالهما بالأمس وفي وضح النهار في محافظة البصرة، المجد والخلود لهما، ولشهداء ثورة أُكتوبر الأبرار.

الموت والعار والخزي للقتلة أعداء الحياة، ولحكومة الجريمة والفساد والظلام، الذين أوغلوا في دماء العراقيين والعراقيات، ولم يراعوا لا ذمة ولا ضمير، وحنثوا اليمين أمام الشعب بحقن دماء العراقيين والعراقيات.

إننا نهيب بقوى الخير والتقدم والسلام من العراقيين والعراقيات ومنظمات المجتمع المدني، ونهيب بكل وطني شريف ووطنية عراقية تحب شعبها بأن يرفعوا أصواتهم عاليا لإيقاف حمام الدم الذي تقوم بسفكه السلطة الحاكمة والعصابات والميليشيات التي تعبث بأرواح الناس.

ونطالب بإحالة القتلة من العصابات الخارجة عن القانون والميليشيات الطائفية العنصرية التي تعمل تحت إمرة أحزاب الإسلام السياسي والسلطة الحاكمة من المتنفذين وحيتان الفساد والسماسرة والطفيليين، والحكومة والقادة الأمنيين والمحافظين، يجب إحالة هؤلاء وكل من شارك ونفذ وأوعز ووافق على القيام بتلك الجرائم المروعة، بإحالتهم الى محكمة الجنايات الدولية، كمجرمي حرب ضد الإنسانية.

على الأمم المتحدة أن تقوم بمسؤوليتها كمنظمة تعنى بالحفاظ على السلم العالمي وبحق الإنسان بالحياة، والعمل على سحب اعتراف الأمم المتحدة بهذه الحكومة وبالنظام السياسي القائم، الذي يحكم العراق من عام 2006 م وحتى الأن، نظام الإسلام السياسي الطائفي العنصري المتخلف والارهابي، الذي يقتل شعبه والسارق لثروات البلاد والعباد، الذي بسلوكه يعرض الأمن والسلام الى الخطر عراقيا وإقليميا ودوليا.

النظام القائم في العراق منذ ستة عشر عاما، نظام غير وطني ولاغ للرأي والرأي الأخر، المعادي للديمقراطية وللحقوق والحريات وللتعددية الفكرية والسياسية، المعادي للمرأة ولحقوقها ومساواتها مع أخيها الرجل.

نظام لا يراعي مصالح الناس ويفرض إرادته ونهجه وفلسفته على (الدولة ومؤسساتها!) وعلى المجتمع.

نظام ممانع لإرادة الناس ومطالبهم العادلة، الذي يقف حائلا ضد الشعب ودعوته لبناء دولته الديمقراطية العلمانية، ولفرض سيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة بين مكونات المجتمع، الساعي لبناء دولة المؤسسات لا دولة المكونات، المصر على الكشف عن الفاسدين وحيتان الفساد واسترجاع ما سرقوه الى خزينة البلاد، ومحاسبتهم عن كل ما اقترفته أيديهم من جرائم بحق الشعب، وما تسببوا به من ألام وضحايا وخسائر بالنفس والنفيس.

هذا الشعب الذي يسعى للتعايش بين مكوناته المختلفة وتحقيق السلم المجتمعي، في دولة تحافظ على حياة الناس وعلى أمنهم وسلامتهم، وتحقق الرخاء والنماء والمستقبل الرغيد والسعيد لجميع العراقيين والعراقيات.

في نظام يحقق لهم الاستقلال الوطني وليس في نظام تابع لدول وحكومات، وعدم السماح بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، وبخياراته ورسم سياساته ومستقبله.

وإن شعبنا يسعى بأن يكون العراق سيد نفسه حر ديمقراطي مستقل، يقيم علاقاته مع الدول الإقليمية والعربية والدولية على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وفق الأعراق والقوانين الدولية وبما ينسجم مع استقلال وسيادة وحرية وكرامة العراق وشعبه.

وعبر شعبنا من خلال ثورته المباركة في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2019 م، عن إرادته وعزمه في نيل حقوقه وانتزاعها من هؤلاء الفاسدين الجهلة المتخلفين، هذه الثورة التي مضى على انبثاقها مئة يوم، الذين خرجوا بالألف من أبناء شعبنا وبناته الغيارى المخلصين والمضحين بالنفس والنفيس، المتسمرين في ساحات الاعتصام والتظاهر والاحتجاج في محافظات العراق المختلفة، المطالبين بوطن يصون كرامتهم ويحقق أمنهم ويؤمن لهم العيش الكريم، ويحقق لهم ولعوائلهم حاضرا ومستقبلا رخيا أمن وسعيد.

هذا وغيره لا يتحقق على أيدي هؤلاء الظلاميين المتخلفين وفلسفتهم ونهجهم ودكتاتورية ظالمة ولا من خلال رؤيتهم الجاهلة الحمقاء!

هذا وغيره يتحقق من خلال نظام ديمقراطي علماني عادل ومنصف، في دولة تحترم نفسها وشعبها.

هذا النظام القائم العنصري المتخلف الطائفي الفاسد (نظام الإسلام السياسي الذي يحكم العراق بالحديد والنار والقمع منذ ستة عشر عاما!) !...

الذي مارس ضد المعتصمين والمتظاهرين السلميين العزل، كل أساليب البطش والقتل والاغتيال والخطف والاعتقال والترهيب والتهديد والوعيد، لثني المتظاهرين والناشطين والصحفيين والادباء والفنانين عن التظاهر ولإنهاء تلك الانتفاضة الجبارة، من خلال همجية وسادية وإرهاب هذه القوى الباغية المتسلطة العنصرية، رغم كل تلك الجرائم والممارسات التي لم تثني هؤلاء الشجعان عما بدئوه قبل مئة يوم، بل ازدادوا عزما وتصميما على مواصلة المسيرة وتحقيق الأهداف في نظام ديمقراطي علماني اتحادي حر مستقل.

نعم تمادى النظام في غيه وتسلطه وتجبره ، وارتكب أيشع الجرائم ضد الثورة والثوار ، فقد تم نحر أكثر من ستمائة ضحية من الشباب والشابات العزل وبدم بارد ، عن طريق قتلهم بقنابل الغاز المحرم استخدامها دوليا في فض التظاهرات والاعتصامات السلمية ، واستخدموا الرصاص الحي والقنص والمياه الساخنة والهراوات ، وكذلك مارسوا عمليات الخطف والاعتقال والتغييب والتهديد وأخذ التعهدات بعدم المشاركة في التظاهرات والاعتصامات ، وكذلك القيام بعمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية للناشطين والناشطات ، وراح نتيجة ذلك أكثر من أربعين ناشطا وناشطة وجميعها تسجل ضد مجهول .

وأخرها ما حدث بالأمس في محافظة البصرة، باغتيالهم لمراسل قناة دجلة العراقية وزميله مصور القناة، حين استهدفتهم سيارة دفع رباعي وفي وضح النهار وفي قلب المدينة وعلى مرأى القوات الأمنية، فأردت الضحيتين قتيلين بعد إطلاق النار عليهم وهما يستقلان سيارتهما التي تحمل شارة قناة دجلة الفضائية.

هذا الذي بيناه وما حدث خلال المئة يوم من جرائم بشعة يندى له جبين الإنسانية ، وبالرغم من كل المناشدات والاستغاثة الدولية والمحلية ، رغم كل ذلك فلن يتورع القتلة والمجرمين ، ولن تثنيهم تلك المناشدات لإيقاف عملية القمع المنهجي ، ولن يتوقفوا عن القتل والترهيب والتعنيف والقمع ، ولن يلتفتوا الى كل المناشدات ، بل ازدادوا في بطشهم وقتلهم الأبرياء العزل ، فأغرقوا سوح التظاهر بالدم ، بسياساتهم الحمقاء وتشبثهم بالسلطة ومغانمها ، وازدادوا غيا وتبريرا لنهجهم المعادي للشعب ولتطلعاته في الحرية والانعتاق ، ولن يعيروا أي قيمة للعدد الهائل من المصابين والجرحى والمعوقين نتيجة قمع التظاهرات ، فقد وصل العدد اليوم الى أكثر من 27000 سبع وعشرون مصابة ومصاب .

نناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، بالعمل فورا على تعرية النظام وفضح نهجه المعادي للإنسان وحقه في الحياة وعيشه الكريم، بأن تسحبوا اعترافكم بهذا النظام الظلامي الذي يقتل شعبه أمام أنظار المجتمع الدولي، دون وازع من ضمير وأخلاق، ودون أي اعتبار بالقوانين والأعراف الدولية ولميثاق الأمم المتحدة ولوائح حقوق الإنسان.

النصر حليف شعبنا وانتفاضته الباسلة.

المجد للشهداء الكرام.

الهزيمة المنكرة لأعداء شعبنا المتطلع لحياة رغيدة رخية سعيدة.