قمنا قبل أيام بزيارة لصديقنا الفنان والسياسي أبو فرات لمناسبة وفاة ولده الشاب بشكل مفاجئ، وبعد المواساة والتعزية كان حديثنا مركزاً على ثورة الجماهير ودور الشباب فيها وحماسهم العالي واعجابنا الكبير بدورهم المتميز.

وكان المتحدث ابو فرات المفجوع بولده الشاب حيث قال: قبل أيام وضمن زياراتي اليومية لساحة العز والفخر (ساحة التحرير) وجدت مجموعة من الشباب والشابات وهم يرتدون الصداري البيضاء ويقومون بتنظيف الساحة وشوارعها فتقدمت الى واحدة من فتياتنا وكانت تحمل كيساً لجمع النفايات، فقلت لها أتسمحين لي ان أحييك وأقدم لك هذه الوردة الحمراء، لدورك وانت تقومين بهذا العمل. قالت ولماذا؟ اجبتها لأنك طبيبة وتؤدين عملا اضافياً. فقالت أقول لك يا عم انا من عائلة مرفهة وكما تقولون (برجوازية) وفي بيتنا ثلاث شغالات، وكل شيء متوفر عندي وتحت أمري. لكني وجدت نفسي اليوم أقوم بخدمة وطني وأبناء شعبي وأمارس دوري في الخيمة الطبية. وأضافت بانها تشعر بالفخر والاعتزاز لما تؤديه لوطنها.

وتحدث الينا الصديق أبو أشرف قائلاً: لقد وجدت في ساحة التحرير امرأة عراقية تحمل قدرين صغيرين أحدهما مطبوخ فيه كمية بسيطة من الرز الأحمر وقدر آخر فيه مرق طرشانة. وكانت توزع طعامها القليل والبسيط على بعض المتظاهرين المتواجدين في خيماتهم. سألتها عن هذه الكمية. فقالت: اخويه كل واحد يقدم على قدر استطاعته وأحسن من الماكو. وفعلا هذه المشاعر الوطنية الجياشة هي التي أدامت التظاهرة وحققت النجاح لها.

أما صديقي الفنان أبو وديان فقد كان يستفسر من أحد الثوار الشباب عن شخص معين وما ان التفت اليه الشاب حتى عرفه وتعجب من تواجده لان والده كان أستاذا جامعيا ويخاف عليه ويحرص على دراسته فقال: احمد، بتعجب ومفاجأة: ماذا تفعل هنا، وهل يعلم والدك بالأمر؟ أجابه احمد/ عفوا أستاذ انا أساهم في التظاهرات منذ ايامها الأولى واقدم لزملائي الثوار الدعم اللوجستي والتبرعات العينية التي اجمعها من زملائي والعوائل. يقول الفنان أبو وديان سألته: وهل يعرف والدك؟ قال: المهم انا اشعر بالسعادة والفخر لعملي هذا.

وحتى أصحاب المواكب الذين ساهموا او دعموا المتظاهرين لوجستياً وقدموا للثوار الطعام والشراب والملابس والاغطية والبطانيات وأنواع المأكولات دون كلل او ملل، وقد تعاملوا مع الثوار مثلما يتعاملون مع زوار الامام الحسين (ع)، لأن الحسين رمز للثورة ضد الظلم والظلام والحكام الجائرين وهؤلاء المتظاهرين ثاروا على الظلم والفساد.

انها عبر ودروس تعلمناها من ساحة التحرير وكل ساحات الشرف والعز على امتداد الوطن.

عرض مقالات: