الوضع المأزوم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي افرزه نظام المحاصصة المقيت وطبقته السياسية وبنيتها الفكرية ، ًتسبب في ايذاء ومعاناة الشعب العراقي بكل مكوناته  وخاصة كادحي وطننا وشبابه دون استثناء ، مما احدث تحولا جذريا في وعي الحراك الجماهيري ، جعله يتخطى المطاليب الخدمية ويتجه الى المسبب الرئيس في كل هذه الماسي والدمار وخاصة سرقة المال العام وتغييب الوطن والاستقلال بفقدان مبدأ المواطنة واحلال بديل الهويات الفرعية محله .

هذا الوعي الجماهيري  وتجذيره من خلال الصراع الفكري الدائر بين نظام المحاصصة الطائفي القومي المقيت والحراك الجماهيري  ، انتج  الانتفاضة التشرينية الباسلة التي احدثت تغييرا في موازين القوى لصالح الجماهير التي كانت منسية قبل الاول من تشرين يوم الانتفاضة السلمية الباسلة ،وبذلك وضعت الطبقة السياسية وفكرها المتكلس ونظامها في المكان الذي استحقته وهو اخراجها من العملية السياسية واجتثاثها فكريا كما اجتث البعث فكريا ، لكن هذه الطبقة السياسية التي تعتقد ( ان كراسي الحكم صنعت على مقاساتها فقط ) هو ما يجعلها تستميت من اجل البقاء حتى وان تسبب بقاءها في الحكم الى المزيد من اراقة دماء ابناء شعبنا المنتفضين السلميين  ،فنجدها  حين مرورها بالمنعطفات الحادة وشعورها بان سلطتها وبنيتها الفكرية والسياسية اصبحت في مرمى الجماهير مثل ما يجري الان في انتفاضة تشرين وقوة تأثيرها في الشارع ، تهرع هذه الطبقة السياسية لتضع (اسم المرجعية في خطابها السياسي) لتخفي فسادها وما ارتكبته و ترتكبه من جرائم بحق الشعب ومنتفضيه  !! علما ان المرجعية قد بح صوتها خلال حكم هذه الطبقة السياسية  لفترة ستة عشر عاما  وهي تخاطب هؤلاء وتذكرهم بنهايات مأساوية اذا استمروا في تماديهم واصرارهم على الفشل !!.ولكن لا حياء لمن تنادي.

ان المرجعية في النجف قد حددت موقفها مع حقوق المنتفضين السلميين ودعمت تظاهراتهم الشعبية السلمية ، وبذلك انحازت الى صفوف المظلومين ،معلنة ابتعادها عن طبقة الفساد الحاكمة ، وما  نفاقكم ورياءكم مهما( ابليتم به) !! لن يغير من موقف المنتفضين ويزحزحهم عن ساحات الاعتصام ، وما اعلنوه من اهداف مشروعة وطنية ،جاء في المقدمة منها رحيل حكومتكم وطبقتها السياسية ومجيء حكومة مؤقتة مستقلة نزيهة وطنية مهمتها تهيئة الاجواء لانتخابات  مبكرة تركز على تغيير القوانين منها ، قانون انتخابات عادل ومنصف  ومفوضية انتخابات  مستقلة وليست مستغلة وقانون احزاب  جديد  وتقديم قتلة المنتفضين ومن تسبب ايذاء وجرح  الاعداد الكبيرة  من ابناء شعبنا من المنتفضين السلميين الى المحاكم للاقتصاص العادل منهم  ........... الخ.

  ان المنتفضين يدركون جيدا اساليب السلطة التي تسير بمسارين الاول هو تصعيد اساليب القمع والبطش والاعتقال والاختطاف والترهيب والترغيب ، والقنص، للحد من الموقف المتماسك الصلب للمنتفضين السلميين، ( والذي اشارت اليه ممثلة الامم المتحدة بالعراق  السيدة بلاسخارت في 3 كانون الاول 2019)، وكذلك يسير هذا الاسلوب بموازاة التخريب وتشويه الانتفاضة من قبل السلطة من خلال زج عناصر السلطة ( المندسين ) لإظهار صورة مشوهة لسلمية الانتفاضة والتي حسمها المتظاهرون بسلميتها منذ بداية انتفاضة تشرين ، والاسلوب الثاني هو كسب الوقت من خلال المماطلة والتسويف ، وهي في ذلك واهمة ، فمن يواجه الرصاص بصدور عارية لن يستكين ويتراجع ، لا بل على الطبقة السياسية ان تع ان زخم الانتفاضة في تصاعد تصاحبه فلترة فكرية واعية وطنية الهوى ،وكما يقول مظفر النواب ( عراقي هوانا وشيمة فينا الهوى خبلٌ ) . حيث كانت مشاركة العنصر النسوي الفعال  كما في البصرة مؤخرا التي رفعت شعار ( انا الثورة ) . والطلبة الشجعان الذين يقفون متضامنين مع الانتفاضة مما يعني دخول اهداف الانتفاضة الى جميع بيوت المواطنين العراقيين وهذا سر مواصلة المنتفضين وثباتهم في ساحات الاعتصام .

نقول للمنتفضين السلميين البواسل كما قالها الجواهري :

اشدد الحبل وضيق من خناقهم    فربما كان في ارخائه ضرر !!

 

عرض مقالات: