العراق مقبل على تغييرات جذرية وعميقة خلال الأشهر القادمة ؟..
أين يسير مركبنا أو جوادنا الجامح ؟..

قاطرتنا المتوقفة منذ عقود خمسة مضت !..

عندما أنظر الى السماء في هذا الفصل الخريفي !..

يتراءى لي .. كأننا في فصل صيف شديد الحرارة والجفاف وقلت الكلأ والماء ، والناس تعاني من عسر الحياة وغياب المعين .. نعم غياب المعين !..

تذكرت واقعة الطف وسبط رسول الله وعيال بيته ونفر من عشيرته وصحبه ، تطوقهم جيوش بن زياد من كل مكان !..

اليوم شعبنا وثواره والثائرات ، ومنذ الأول من أكتوبر تشرين الأول ، ونحن اليوم في اليوم الثاني من كانون الأول ديسمبر 2019 م !..

هؤلاء الذين يقفون بصلابة وعزيمة لا تلين ، وإرادة قل نظيرها ، فحين نعود لتجارب الشعوب عبر التأريخ ، من ثورة العبيد في 73 ق.م مرورا ب كومونة باريس وثورة الزنج في البصرة والوثبة عام 1948 م ضد معاهدة بورت سموث ، مرورا باحتجاجات والمظاهرات في 2011 م واستمرارها على امتداد تلك السنوات ، كان شعبنا شعب حي وله صولات وجولات في مقارعة الظلم والتسلط والعبودية والاستغلال .

لكن اليوم ثورته ليس لها مثيل وهي مختلفة تماما ، بالرغم من كل تلك المطالبات وعبر سنوات من حكم هؤلاء الفاسدين ، لم يلتفت لتلك المناشدات أحد من هذا النظام ، الذي حكم العراق من عام 2006 م وحتى الساعة !..

لم تفكر هذه الحكومات المتعاقبة ، التي جميعها من كانت من قوى الإسلام السياسي ، لم تلتفت لهذه الملايين الفقيرة البائسة المحرومة من الحد الأدنى من الحياة ، ولو لمرة واحدة وتستمع لتلك المناشدات والمطالبات والصرخات التي وصلت الى السماوات العلا !..

استمر النظام الطائفي والعنصري الفاسد في غيه ، وضرب عرض الحائط كل تلك المناشدات، متوهمين بأن الشعب سيبقى ينتظر عطفا وشفقة يتصدقون عليه ، ليرموا إليه من فتات موائدهم العامرة ب، كل ما لذ وطاب .

أصابكم الغرور والعزة بالإثم ، وساقكم غبائكم وجهلكم وفسادكم الى جهنم وسعيرها التي فتحها عليكم من استحقرتموه وأذلتموه ، فوصلتم اليوم الى ما أنتم عليه ، معتقدين بأن نهوض الشعب وشبيبته وشبابه الأنقياء الصابرين ، أمر أشبه بالخيال !..

وتوهمتم مرة ثانية حين فتحتم ، أبواب التجهيل على مصارعها ، وسمحتم لعصابات الجريمة والمخدرات والقمار والدعارة ، لدفع تلك الشبيبة الفتية المتطلعة للغد الأسعد ، وخانتكم مخيلتكم المريضة ، لتدفعكم تلك الأفعال الشنيعة ، التي ترومون منها ثني الشبيبة عن التفكير في تأمين مستقبلهم وعيشهم الكريم ، ومن أجل عراق أمن مستقر رخي ، يفخر به شعبه ويعيشون فيه بأمن وسلام وتعايش ومساواة وعدالة !..

خاب ضنكم ووقعتم في شر أعمالكم ، وأنتم تواجهون عمالقة ثوار يمتلكون من الوعي والوطنية والشهامة والسمو ما أرعبكم وأذهلكم ، وأنتم تشاهدوهم متسمرين في سوح الشرف والكرامة والعزة والوطنية ، يواجهون بطشكم وحقدكم الأعمى ، بصدور عارية ويحملون العلم العراقي ويهتفون [ أريد حقي .. أعطيني وطن ] .

وقفوا بكل شجاعة وثبات ، بالرغم من كل الجرائم التي ارتكبت بحق هؤلاء الرجال ، وحجم القتل الذي أوقعتموه بحقهم ، والألاف من المصابين والمعوقين والمعتقلين والمخطوفين .

لكنهم بقوا صامدين مستبسلين ، يهتفون بوجهكم ارحلوا .. ارحلوا فلم يعد لكم مكان على تلك الأرض الطيبة الطاهرة ، التي عفروها بدمائهم الزكية ، هذه الدماء التي ستزهر يوما زنابق ورياحين وسنابل ونماء وماء وفير وخضرة ساحرة ، ويعود ربيع الحياة الى أرض السواد أرض سومر وأشور وبابل ، أرض المتنبي والسياب والجواهري وعلي الوردي ، أرض الإباء والأجداد !..

يتراقص على أرضنا الغناء ، الأطفال وهم في أجمل الملابس وبحلة العيد على جنات عراقنا العظيم بتأريخه وحضارته وبشعبه .

ستعيد تلك لصبايا لعراقنا زهو الحياة وعبقها وجمالها ، كتفا بكتف ويدا بيد مع الشباب الوطني الغيور ، سيعيدون زراعتها ، وبناء الوطن الذي دمرتموه ومزقتموه وأسأتم لماضيه وحاضره ، وجعلتموه في السلم الأخير من الحضارة الإنسانية .

هل أدركتم هذه الحقيقة ؟..
أم مازلتم تسبحون ضد عجلة الحياة وحركتها وتطورها ؟..
عنادكم وما تحيكونه في الظلام لن ينجيكم من المصير البائس الذي ينتظركم .

عليكم أن تثقوا بأن هذا لن ينفعكم ، وسيزيد من هزائمكم وفشلكم وألام شعبكم !..

ارحلوا خير لكم ولشعبكم ولمستقبل عوائلكم وأولادكم ، ولا تكونوا كما المثل القائل [ على أهلها ونفسها جنت براقش ] ! ..

إن رحيلكم أصبح واقعا ، مهما حاولتم وحبكتم من مؤامرات وحيل وصفقات تحت الطاولة ، والاستعانة بمن لا يمكنه حتى إعانة نفسه ، وفاقد الشيء لا يعطيه .

النصر حليف ثورة الشعب والثائرين .. طال الزمن أم قصر .
المجد للشهداء الكرام .
الموت لتجار الحروب والقتلة المجرمين