يواجه مشروع الوطنية الديمقراطية تحديات كبيرة من المرحلة الراهنة من التوسع الرأسمالي المتسمة بميول تخريبية تشترطها هيمنة ايديولوجيا الطبقات الفرعية في التشكيلات الاجتماعية في الدول الوطنية.

-- بهذا المسار أحاول التعرض الى الفكر السياسي الناظم لتياري الوطنية الديمقراطية والطائفية السياسية ولكن قبل هذا وذاك دعونا نشير الى سمات العولمة الرأسمالية في المرحلة الراهنة من تطورها وتأثيراتها على بناء الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية.

-- بسبب تدويل راس المال العالمي تسعى الدول الرأسمالية المعولمة الى الهيمنة الدولية على الدول الوطنية وثرواتها الاقتصادية وتحديد مسار تطورها الوطني اللاحق.

-- تهدف الدول الرأسمالية المعولمة الى الحاق الدول الوطنية بحركة احتكاراتها الدولية وما ينتج عن ذلك من مخاطر تهميش الدول الوطنية وطبقاتها الاجتماعية.

-- تسعى الرأسمالية المعولمة الى مساندة الطبقات الفرعية باعتبارها حليف (وطني) بهدف تحجيم نمو وفعالية الطبقات الاجتماعية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.

استنادا الى السمات العامة لنهوج الرأسمالية المعولمة السياسية إزاء الدول الوطنية نتعرض الى مشروع الوطنية الديمقراطية باعتباره مشروع وطني للطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلات الاجتماعية الوطنية ومشروع الطائفية السياسية كونها الحامل الأيديولوجي والطبقي للطبقات الاجتماعية الفرعية.

– المساند الفكرية لمشروع الوطنية الديمقراطية.

مرتكزات الفكر السياسي الناظم لمشروع الوطنية الديمقراطية يمكن حصرها بالموضوعات الفكرية – السياسية التالية--

- بناء الدولة الوطنية المناهضة للتبعية والتهميش

1- يرتكز بناء الدولة الوطنية الديمقراطية على تحالفات القوى الطبقية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية وضمان مصالحها الوطنية.

2- تسعى القوى الطبقية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الى إقامة تحالفات سياسية - طبقية مرتكزة على برامج وطنية - ديمقراطية هادفة الى صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش.

3-- تعمل الدولة الوطنية على تكريس شرعية نشاط الأحزاب الوطنية المرتكزة على الشرعية الديمقراطية لبناء السلطة السياسية العاملة على مكافحة الإرهاب والتخريب.

  – اعتماد سياسة وطنية مناهضة للاحتكارات الدولية تهدف الى --

أ– إقامة اقتصاد وطني يعمل على تلبية المصالح الأساسية للطبقات الاجتماعية الناشطة في الدورة الإنتاجية والمناهضة للتبعية والتهميش.

ب– بناء اقتصاد وطني متنامي متلازم ومصالح طبقات التشكيلة الاجتماعية وتطور دولتها الوطنية.

ج– اعتماد سوقاً اجتماعياً للدولة الوطنية على أساس التوازنات الطبقية.

د– يسعى السوق الاجتماعي الى تلبية الحاجات الأساسية للطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الوطنية ويعمل على تكريس الضمان الاجتماعي للطبقات الفاعلة في قوانين وتشريعات وطني.

ان سمات برنامج الوطنية الديمقراطية ينطلق من ركيزتين اساسيتين أولهما صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش التي يحملها الراس المال المعولم, وثانيهما تكريس التوازنات الطبقية التي  تكفلها الدولة الوطنية عبر تطوير  سوقها الاجتماعي.

-- الركائز الفكرية للطائفية السياسية.

بداية لابد من تأكيد موضوعة مفادها ان مشروع الطائفية السياسية هو مشروع مناهض للوطنية الديمقراطية وعاجز عن   بناء دولة وطنية مستقلة.

لتفكيك مضامين الموضوعة المشار اليها تشترط تحديد الرؤى التالية --

أ -- أقاليم طائفية بدلا عن الدولة الوطنية.

-- بسبب عجزها عن تمثيل القوى الاجتماعية الوطنية والدفاع عن مصالح طبقات تشكيلتها الاجتماعية تخفق الطائفة السياسية في بناء دولة وطنية مستقلة عاملة على توزيع سلطات الدولة الوطنية على أقاليم طائفية خاضعة لهيمنتها السياسية عاجزة عن مقاومة التبعية والتهميش.

-- عجز الطائفية السياسية في بناء دولة وطنية مستقلة يقودها الى نسج تحالفات سياسية مع الوافد الأجنبي لتأمين مصالح قواها الطبقية الأساسية – البرجوازية الكمبورادورية وبعض الشرائح المالية والبيروقراطية في أجهزة الدولة الأساسية.

ب – سيادة النزعة الإرهابية  

-- بسبب ضيق قاعدتها الاجتماعية تعمد الطائفية السياسية الى اثارة النزاعات الاجتماعية ومحاربة القوى الديمقراطية فضلا عن تشجيع الإرهاب ضد مواقفها الوطنية.

-- لجوء الطائفية السياسية الى الايديولوجيا الطائفية والتغني بالمقدسات التاريخية بهدف مباركة نهوجها الانقسامية.

-- تهدف الطائفية السياسية الى بناء مواقع طبقية هامة في الاقتصادات الوطنية تتمتع بحماية أجنبية.

ان الاختلافات الفكرية والسياسية بين مشروعي الوطنية الديمقراطية والطائفة السياسية تنعكس على العلاقات بين القوى السياسية الوطنية ويتجلى ذلك في الحقول التالية –

-- تسعى الطائفية السياسية الى استبدال الدولة الوطنية المستقلة بالأقاليم الطائفية التابعة وبهذا تجد الرأسمالية المعولمة في الطائفية السياسية حليفا (وطنيا ) يتجاوب وميول التبعية والتهميش.

-- تسعى الطائفية السياسية الى التصدي للاحتجاجات الشعبية بمختلف الأساليب السلمية والعنيفة لغرض صيانة مصالحها الطبقية وما يتطلبه ذلك من سيادة الاقصاء والابعاد للقوى الوطنية الاخرى.

--يفضي غياب الركائز السياسية والفكرية المشتركة بين المشرعين الوطني الديمقراطي والمشروع الطائفي الى انتشار النزعة الإرهابية عند القوى الإرهابية المباركة من الخارج الدولي.

إزاء هذه الوقائع السياسية والتعارضات الفكرية -السياسية بين المشروع الوطني الديمقراطي والطائفة السياسية تواجهنا الأسئلة التالية – ما هي مستلزمات وأساليب التصدي لمشروع الطبقات الاجتماعية الفرعية؟. وما هي أساليب التصدي لسياسة التشظي الوطني والتبعية التي تتبعها ازاء الطائفة السياسية.

محاولة الإجابة على التساؤلات المذكورة نحاول التوقف عند العناوين التالية –

- بناء الدولة الوطنية

أ – الشرعية الديمقراطية وادامة التنمية الوطنية

يتمتع بناء الدولة الوطنية المستقلة بأهمية كبيرة في مفصلين أساسيين الأول منهما التركيز على الاستقلال الوطني المرتكز على الشرعية الديمقراطية وتحقيق التنمية الوطنية المستدامة. وثانيهما اعتماد الشرعية الديمقراطية السياسية في بناء الدولة وسلطتها التنفيذية

المتمثلة بالانتخابات الوطنية المبنية على البرامج الوطنية لتعزيز شرعية السلطة السياسية.

ب- التوازن الطبقي

بناء التشكيلة الاجتماعية على أساس توازن مصالح طبقاتها الاجتماعية عبر بناء شبكة الضمانات الاجتماعية الضامنة لمصالح الطبقات الاجتماعية الناشطة في تشكيلة البلاد الاقتصادية.

ج– علاقات دولية متوازنة

اعتماد سياسية التوازنات الدولية المرتكزة على صيانة المصالح الوطنية ومكافحة ميول الهيمنة والتخريب التي تسلكها الطبقات الفرعية المسندة من المراكز الرأسمالية المعولمة.

د -- تشترط موازنة المصالح الطبقية وصيانة المصالح الوطنية الاصطفاف مع الدول المستقلة المناهضة للهيمنة والتدخلات الخارجية في الشؤون الوطنية.

 ان الدالات الفكرية والسياسية قادرة كما ازعم على الحد من تخريب الطبقات الفرعية ومحاولات الخارج المعولم للتدخل في الشؤون الداخلية بهدف ربط الدولة الوطنية وتطورها بالاحتكارات الدولية.

 

عرض مقالات: