ان مستقبل العملية التربوية حسب معايشتي في مجال التعليم الطويلة ضبابي ولا تلوح في الأفق بشائر الامل والتفاؤل. 

ليس هناك من يعترض من حيث المبدأ على اقامة تعليم متميز وفق المعايير العالمية ولكن طبيعة الاوضاع الصعبة والمستجدة على جميع شرائح الشعب العراقي وخاصة شريحة المعلمين والتربويين الذين شملتهم الحصة الأكبر من التهميش في عراق ما بعد التغيير الدراماتيكي في الواقع العراقي والاستمرار على نهج النظام السابق في اهمال التعليم والعملية التربوية، أمور ادت الى تردي وتراجع العملية برمتها.

ان للتعليم انظمة وقوانين مرتبطة بالمنظمات العالمية للتعليم فلا بد ان تتلاقح الافكار والنوايا بالنظام العالمي من اجل ان تواكب وزارة التربية النهج الصحيح والعلمي والابتعاد عن نهج المحاصصة الحزبية  وغيرها.

تعاني العملية التعليمية من عجز كبير في مجال الابنية المدرسية وبقاء اعداد كبيرة من المدارس الآيلة للسقوط وعدم توفير المختبرات ومرفقات التعليم الأخرى، ما ادى الى انتشار المدارس الاهلية بدفع من المتنفذين وسراق المال العام، والتي اسست وفق نهج مدمر للعملية التربوية وتراجع المدارس الحكومية الى الوراء.

وفي هذا الواقع السيئ باتت الهيئات التعليمية عاجزة عن الابداع والتطوير لانها انتجت كادرا ضعيفا علميا وعمليا ولا يستطيع ان يقود العملية التربوية الى بر الأمان.

ان تطور العملية التربوية والتعليمية في بلدان العالم المتقدم كاليابان ارتبط بنهجهم في مجال الاستثمار في العملية التربوية  واعطى نتائج باهرة في انتعاش العملية التعليمية في هذه البلدان وهنا يجب على المتخصصين في هذا المجال:

اولا – مراعاة هذا الجانب الحيوي وطرح مشاريع فاعلة وواسعة في مجال التعليم ( وتعديل القوانين السابقة ) فالاستثمار ليس فقط في المجالات الاقتصادية الكبرى وانما التعليم هو اللبنة الاساسية لاي نشاط لتقدم البلد حيث ان الانسان غير المتعلم وغير المدرب سيكون عقبة امام التطور وفي وطننا تتوفر الامكانات الكبيرة لاحداث ثورة استثمارية في مجال التعليم

ثانيا – يجب على وزارة التربية ان تهتم بالكوادر التعليمية من حيث الخدمات والرواتب المجزية والدورات التعليمية وتوفير المختبرات واللوازم الدراسية وادخال الاجهزة الالكترونية والأنترنت في برامج التعليم منذ المرحلة الابتدائية كي نخلق جيلا قادرا على الابداع وفق المناهج العلمية الحديثة

ثالثا – وضع ضوابط جريئة وعادلة للقائمين على العملية التربوية لمكافأة المتفوقين ومحاسبة المتخلفين عن هذه الضوابط.

رابعا – على وزارة التربية ان تقوم بتقديم التجارب الناجحة لبعض البلدان التي قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال مع تشذيب وموائمة مع واقع الشعب العراقي والبيئة العراقية.

واما بالنسبة للعملية الادارية وحركة ملاكات التعليم والتدريس، فيجب ان نبتعد عن المحسوبية والمنسوبية والعمل وفق نظام عملي وعلمي بتوزيع الملاكات وكل حسب اختصاصه واكمال نقص الملاكات في كثير من المدارس والابتعاد عن البيروقراطية والتعالي وعدم تدخل السلطات التنفيذية في هذا المجال وحصرها في يد الاختصاص، والاهتمام بوضع برنامج عملي وعلمي للكوادر الاشرافية وجعلها منتجة وليست شكلية وانما هي مراقبة ومتابعة للعملية التربوية ونقل خبرة جديدة ذات مردود ايجابي ووضع معايير للتقييم على اساس رفع المستوى العلمي للكادر التعليمي والتلاميذ على حد سواء ونقول ان على الدوائر المختصة بالعملية التربوية ان تكون بلا اتجاه حزبي او ديني او طائفي او قومي حتى يمكن الخروج بنتائج جيدة للعملية التربوية. 

عرض مقالات: