بعد إسقاط طائرة التجسس الامريكية فوق مياه الخليج  قرب مضيق هرمز ، وقف العالم على رؤوس أًصابعه يرقب التطورات التي ستحدث والاجراءات الانتقامية التي ستتخذها امريكا ضد  ايران . لـفّ الهلع قلوب شعوب المنطقة من المستقبل المريع للشرق الاوسط في حال اندلاع شرارة الحرب ، على الاخص أن الشرق الاوسط خبر حرب الخليج التي دارت رحاها بين العراق وايران واستمرت لثماني سنوات أحرقت الاخضر واليابس وما زالت آثارها المدمرة على العراق وايران ظاهرة للعيان .

إن السياسة المغامرة للادارة الامريكية بعد صعود ترامب الى عتبة  البيت الابيض  أجـجـت الصراع في مختلف أنحاء المعمورة وزادت عليها ادارة ترامب عقوبات جائرة على ايران وروسيا والصين والعديد من الشركات التي تهددها امريكا بسبب تعاملها مع من لا ترغب الادارة الترامبية به .

ولم يخشَ  ترامب من عواقب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل واهدائها  الجولان  والعمل على صفقة القرن التي عليها اعتراضات حقيقية من قبل الفلسطينيين وبعض الدول العربية والاسلامية .

اللافت للنظر أن امريكا ترامب وضعت الشرق الاوسط على سطح صفيح ساخن وأرسلت حاملة الطائرات الى الخليج ولكنها سرعان ما غيرت خططها وسحبت حاملة الطائرات بعيدا عن سواحل ايران كي تكون في مأمن من الزوارق الايرانية المهاجمة ، ولكنها ظلت تقرع طبول التهديد والوعيد في تصريحات متناقضة من قبل العديد من رجالات ترامب مثل وزير الخارجية بومبيو والمستشار جون بولتن ووزير الدفاع  باتريك شاناهان وغيرهم ، قابلتهم ايران أيضا بسيل من التصريحات على لسان العديد من المسؤولين العسكريين والمدنيين .

وبينما سعت العديد من الدول للوساطة بين امريكا وايران الا أن وساطة اليابان كانت أكثر إثارة بسبب رفض المرشد الاعلى خامنئي استلام الرسالة التي نقلها رئيس الوزراء الياباني من ترامب ، وهو ما يعيد الى الاذهان رفض طارق عزيز نقل رسالة جورج بوش الى صدام التي قدمها جيمس بيكر ، مع الفارق بين حال الدولتين ايران بتقدمها العسكري الحالي  والعراق بتخلف وضعه آنذاك صناعة وساسة .

أثار اسقاط طائرة التجسس الامريكية هواجس مختلفة والجميع كان بانتظار انطلاق الشرارة الامريكية للانتقام من هذا الحدث الذي اتسم بالجرأة الايرانية التي هلل لها العديد من الناشطين السياسيين في المنطقة الذين ينظرون لامريكا  نظرة ريبة وخوف من سياساتها العدوانية المعروفة تجاه دول الشرق الاوسط التي لا تدور في فلكها ولا تبالي في الخروج على رغبات البيت الابيض .

وكان أن جاء تخفيض حدة التوتر من ترامب نفسه الذي أعلن وقف  قرار الهجمات الامريكية قبل 10 دقائق من تنفيذها فقط ، ما جعل الدوائر السياسية والاعلامية في العالم تنظر لهذا الاعلان من زوايا مختلفة بين من يعده حكمة ومن يعده تراجعا . وما زال ترامب يحاول معالجة الموقف بسياسة الجزرة والعصا مع ايران ولكنه لم يفلح حتى الان في الحصول على تنازلات تخرج المنطقة من عنق الزجاجة .

والسؤال المثير للجدل هو هل تستطيع ادارة ترامب الحصول على تنازلات من ايران ؟

شخصيا أشك في ذلك حاليا لان هدف ايران حرمان ترامب من الفوز بمغنم يؤهله للذهاب الى الانتخابات القادمة مرفوع الرأس ولذلك ستعالج ايران الاحداث بحزم والتزام الحيطة والحذر من الانزلاق في هاوية الحرب السحيقة التي لن يخرج منها أحد غانما بل ستكون خسارة ايران مدمرة وتجر الوبال على دول وشعوب المنطقة .

 لذلك سيحاول الطرفان امريكا وايران تجنب خوض أية معركة مواجهة  وسيظلان يراوحان في مكانهما عسى أن يتغير الحال في ايران بسبب تناقضات داخلية ، أو أن تقصي امريكا ترامب من الواجهة السياسية سواء عن طريق صناديق الاقتراع مستقبلا أم بالاسلوب الامريكي المعروف ( الفضائحي ) ما دام ترامب يحمل فوق رأسه  الكثير من الشعرات المخضبة بالمال والحسناوات .

عرض مقالات: