عندما نسمع بمصطلح  "الشرطة المجتمعية" يتبادر الى الذهن بداية الامر انها (القوة التي تعمل على الحد من العنف الاسري خاصة للطفل والمرأة). اذ اتسعت ظاهرة العنف خلال السنوات الاخيرة وبشكل كبير بالنظر للواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب للمواطنين بفعل اثار الحروب التي شهدها البلد وما خلفته من دمار. وقد تناقلت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي حوادث عنف شديد ذهب ضحيتها العشرات من الاطفال، او تعرضها لإصابات معوقة نتيجة الضرب والقسوة المفرطة مما حال دون مواصلتهم حياتهم بشكل سليم. فيما تطغي حوادث القتل والعنف التي تتعرض لها المرأة في غالب الاحيان بذريعة غسل العار والشرف.

سؤال لابد من طرحه هنا: هل استطاعت الشرطة المجتمعية الحدّ او وقف العنف المفرط تجاه الطفل والمرأة من قبل المجتمع او فرد بعينه، في ظل ضعف الامكانيات المتاحة لهم ومن أبرزها عدم وجود مراكز ايواء للمعنفات وللمعنفين من الاطفال.

ضابط شعبة الرصد المجتمعي في مديرية الشرطة المجتمعية، الملازم الاول لارا فاضل تحدثت لـ "طريق الشعب" قائلة: ان "الشرطة المجتمعية تجربة حديثة تأسست بعد عام 2008، وهي تلعب دورا بارزا في مكافحة الجريمة قبل انتشارها، كما تعمل على تعزيز مبدأ الشراكة الايجابية مع المواطنين باعتبارهم عنصرا اساسيا في التبليغ عن اية حالة انتهاك يتعرض اليها المواطنون سواء داخل الاسرة او في الاماكن العامة وغيرها".

وبينت ان "شعبة الرصد المجتمعي رصدت مؤخرا الكثير من الحالات المتعلقة بالفتيات اللواتي يتعرض الى الابتزاز عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، اضافة الى حالات العنف التي يتعرض لها الاطفال"، مؤكدة في الوقت ذاته ان العنف ضد الاطفال "شهد ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الاخيرة، خاصة في العوائل التي تعاني من التفكك الاسري والاوضاع الاقتصادية الصعبة".

وفي شأن الاجراءات التي تتخذها الشرطة المجتمعية حال رصدها أية حالة عنف يتعرض لها الطفل ذكرت الملازم لارا فاضل "إذا كان الطفل معنفا من قبل عائلته فتتم دراسة ظروف العائلة التي اجبرتها على تعنيف طفلها، والتي تكون في الغالب ظروف اقتصادية. وفي هذه الحالة يتم سحب الطفل من عائلته وايداعه في دور الدولة، وإذا كان التعنيف الذي يتعرض له الطفل قاسيا فيتم ايواؤه في دور الدولة. ومتابعة وضعة وتأهيله اجتماعيا. وفي حالة استلامه من قبل عائلة تتم متابعة الموضوع عن طريق الزيارات الميدانية من اجل عدم تكرار حالة التعنيف مجددا".

وفي ما يتعلق بالنساء المعنفات اوضحت الملازم اول لارا ان "اغلب المشاكل من هذا النوع تحل وديا عن طريق الاصلاح بين الزوج وزوجته او مع بقية افراد عائلتها. وفي حالة تطلب الامر يتم ادخال شيوخ العشائر او وجهاء المناطق او الناس المؤثرين على العائلة من اجل حل المشكلة وديا ومنع وصولها الى الجهات التحقيقية"، مضيفة "اما المشاكل التي من الصعوبة حلها خاصة تلك التي تتعلق بالخيانة الزوجية، تتم احالتها الى حماية الاسرة والطفل في وزارة الداخلية والتي هي عبارة عن جهات تحقيقية متخصصة في هذا الشأن". ولفتت الى ان "المشكلة التي تواجه الشرطة المجتمعية في ما يتعلق بالنساء البالغات المعنفات، هي عدم توفر دور ايواء حكومية خاصة بهن، وان دار المشردات تستقبل النساء حتى سن محدد هو 18 سنة بعدها يتم اخراجهن من الدار، اويتم توظيفهن داخل الدار كمتطوعات".

وحول الاجراءات القانونية التي تتبعها الشرطة المجتمعية ازاء اية حالة تعنيف ذكرت ان "الشرطة المجتمعية غير متصلة بالقضاء وليست جهة تحقيقية، انما هي جهة تسعى الى كسب ثقة المواطن. فالبعض من الاجراءات القانونية قد تكون سببا في تفكك الاسرة وليس حلاً للمشكلة".

وبخصوص ابرز القضايا التي تعمل الشرطة المجتمعية على الحد منها والسيطرة عليها قالت الملازم لارا "في الوقت الحالي يتم التركيز على الانتهاكات التي تحدث في المجال الصحي والتربوي وحالات الانتهاك التي تروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي سواء ما يخص المرأة والطفل"، مستدركة انه" تم مؤخرا رصد ظاهرة السحرة والمشعوذين الذين يعملون على استغلال النساء والفتيات ماديا وجسديا، وظاهرة تسرب الطلبة من المدارس، والاستخدام الخاطئ لعمليات التجميل في الصالونات النسائية التي قد تسبب مضاعفات صحية خطرة اضافة الى عمليات الابتزاز الالكتروني التي تعتبر جريمة العصر".

في ختام اللقاء اشارت ضابط الرصد المجتمعي الملازم لارا فاضل الى ان" الشرطة المجتمعية تعمل جاهدة على تعظيم دور التوعية والتثقيف بشأن التصدي لعمليات الابتزاز الإلكتروني الذي تقع المرأة ضحيته في اغلب الاحيان. فهذه الظاهرة اتسعت مؤخرا بسبب عدم التبليغ وخوف المواطن على سمعته. فنحن في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، وهناك صعوبة في توجه الفتيات الى مراكز الشرطة".

عرض مقالات: