يقول أريك فروم:(فعل التمرد هو الاسلوب الوحيد للانصياع للطبيعة).

 لآلاف السنين رددت آلاف المذاهب والاديان والمدارس الفكرية كلاما عن فضيلة (الطاعة )ورذيلة (التمرد)حتى صارت لفظة الطاعة ترادف النجابة وعدم الطاعة يعتبر من الخبائث والادران.

 لكن، ما شهده تاريخ البشرية سيما مراحله الوضاءة من خبرات التقدم الكبرى والنجاحات العظمى والابداع والابتكار والشجاعة نشأت اغلبيتها عن فعل (التمرد).

 اريك فروم يؤكد بالقول:(بدأ تاريخ الانسانية بفعل التمرد وسوف ينتهي الى خاتمته التاريخية على الارجح بفعل من نمط الطاعة).

 إنه يرى بالاستناد الى الاساطير، أن أي تحول ظهر على مر التاريخ إنما كانت بدايته مرفقة بالتمرد.

 يعني التمرد أن الانسان قطع ارتباطه مع الارض الام أنه قطع حبل صرته وانتشل نفسه من حالة االتواؤم السابقة.

 ولاكتساب القدرة على التمرد يجب التحلي بجرأة اختبار الخطأ. فالتمرد يتطلب التجرد عن العادات الهوجاء والمقاييس الغير قياسية. في هذه الحالة تتوفر خلفية التجدد والفكر التصاعدي واثارة الانبهار والابتكار.

 اغلبية النهضات الاجتماعية والتحولات الفكرية والانقلابات الفلسفية والفنية ظهرت بفعل ااشخاص تجرؤوا على النطق بكلمة (لا) لما واجهه الجميع بكلمة (نعم). هذا التمرد الذي يمثل بحد ذاته افضل انماط ضرب الانصياع عرض الحائط والقضاء المقرر للشعب، واكثر مجلبة لللثقة ويعتبر فعلا ناشطا ومنميا جميع الاصعدة االسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية..

 في سياق بناء قواعد المخططات الحديثة شريطة ان يتمكن الشعب من الفصل بشكل اساسي بين التمرد الاناني لدى المتظاهر والتمرد نحو فعل الخير.     

لاحظ نشأت الافكار الاجتماعية والفنية والسياسية، كيف تحولت الى نظريات ومن ثم تطبيقات نهضت بالمجتمات والشعوب وتحولت من حال الى احوال.

 ان ماتفكر فيه الحكومة ليس ما تطبقه، في حق المتظاهرين، ان تمرد المواطن مهم جدا لرسم الخطط والبرامج لكون المواطن المتظاهر هو الأقرب الى حلقة الاختناق التي يعاني منها الفرد والامكانيات والحلول عند الحكومة. إذن، لابد من الاصغاء الى صوت المتمردين المتظاهرين.

 الانسان الحقيقي المتمرد المتظاهر لا يمكن التنبؤ به متى يبدا؟، إنه حر، واوسع نطاقا من التقيد بالحياة الروتينية العقلانية. لهذا فإنه محطم للاطر ورمز تقدم وابداع. الانسان كذلك يكمن في نفس هذا التحطيم اللاعقلاني للاطر.  

 يرتبط التقدم بالانسان الغير عقلاني غالبا. فالانسان العقلاني يكيف نفسه مع الوضع القائم في المحيط بينما الانسان الغير عقلاني المتمرد يكيف الوضع القائم مع نفسه واحتياجاته.

 على هذا ولحدوث أي تغيير جاد يجب أن نعقد امال على الانسان اللاعقلاني المتمرد الذي لا يخضع لدورة السكون عن المطالبة بالحقوق.

فالمتظاهر انقلب من انسان قيدته  السلطة بالقانون وتصرفت خارج المنطق ينبغي الخروج على المألوف بكل الطرق بعد التسويف ومحاولة مصادرة العقل.

الاشخاص غير العاديين الراغبين في التغيير ممن يتحاشون التكيف والسكوت مع آليات وانغام الغير منسجمة هؤلاء يجب أن نقلق بشأنهم . الذين يريدون للمتظاهرين التقبل وفق مقاييس الغير ، في مثل هذه الاوضاع لا مكان للصبر وسوف  يتخلى العقل والفكر عن التقصي والابداع ولا ينجز إلا التقليد والاقتباس أما اذا تحرر العقل يتنامى الفكر وهو قاعدة اساس الحيوية ومدعاة تحطم السكون والمنطق المألوف. 

من هولاء المتظاهرين المتمردين، شهدنا على مر التاريخ ظهور دساتير واحزاب وحركات وشخصيات متعمقة الفكر ، زاهدة المنهج سموهم ماشئتم نخب أو عقلاء القوم .

إذا، الطريق لتحقيق الانجازات والنهوض بالمجتمع هو الاستماع الى صوت المتظاهرين وليس قتل الروح والفكر ومصادرة العقل يا سياسينا.

هذا الجمهور حدد الاهداف بالاستناد الى القابليات في إطار خدمة كل المجتمع . التظاهرات بالقياس تعادل ثورة ، يعني سيادة منطق العقل والاحتكام اليه، وليس من المعقول التعامل معها على انها سطحية أو طفح اجتماعي وقد قدمت المظاهرات المئات من الضحايات.

عرض مقالات: