بقيت بعض منظمات الجاليات العراقية في الغربة بعيدة عن التعامل مع ما يدور في الوطن من حراك شعبي حماهيري ، مطالب بقلع أوتاد نهج المحاصصة الطائفية والإثنية من الدوائر الإدارية والأمنية ، محارب للفساد . تواق لملاحقة من سرق أموال الشعب بالسحت الحرام ، شاحن الجماهير لحملة تبرأة الفاسدين بقانون العفو العام الذي جاء ترضية لأطراف المحاصصة.   

 كان من المفروض أن تتحرك جالياتنا في الخارج ، بإقامة فعاليات تنسجم مع حراك الشارع العراقي . و مع كثرة عناوينها المدهشة لمن يقف عليها ، فلم تقدم ما يتماهى بما كانت تقوم به منظمات لم يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة قبل 2003 ، ومع هذا فنشاطاتها هزت أركان النظام الدكتاتوري الذي إحتار في طريقة إيقافها بما في ذلك الطلب دبلوماسيا من حكومات أوروبية بعدم السماح لها بممارسة انشطتها وإيقاف حراكها الوطني ، حتى أنه لجأ لإسلوب التصفية الجسدية لنشطائها ، كما حصل في بعض الدول ، ومن الغريب أن المنظمات الحالية لم تستفد من نشاطات من سبقوها في هذا المجال رغم إتساع مساحة الفرص لممارسة حراكها ، وتوفر إمكانيات شحذ همم العراقيين لنصر حراك إخوتهم في الوطن.

لقد داهم أغلب أعضائها حزن المنافي وغلب على تصرفاتهم الحميمية  جلسات عزيزة النفس ، غير هادئة الطباع ، محولة إياهم لغرباء عن أنفسهم داخل وطن غريب تائهون في لجة ما يحملون من حنين وطيبة متأصلة بتراث عراقنا الحبيب ، يُمَشيهم كملائكة على أرض غريبة . مكتفون بجلسات ساهرة رمضانية غاب عنها حتى لعب المحبيس ، أو بلقاءات عزائية، تسوقهم إليها أفكار مشوشة للمجهول عن ما يستجد من تطورات وأحداث في الوضع العراقي ، خاصة بعد كنس داعش من المناطق التي إحتلتها ، مرددون الأخبار التي تأتي من هنا وهناك ، دون التطرق لجهود القوى الوطنية الرامية لتقويم العملية السياسية والنهوض بالتغيير والإصلاح بما يُناسب وتلك التطورات التي يجري فيها العمل على غلق كل الشبابيك التي يحاول البعض  الدخول منها لإجهاض العملية السياسية وإعادة نهج المحاصصة بصور جديدة.   

آزاء كل ذلك يتطلب قبل كل شيء ، تفعيل عمل المغتربين ومنظماتهم في الوسط  الجغرافي و المهني الذي يحيطهم ، بوحدة تنظيم وارادة وإنسجام قادة هذه التنظيمات بما تتطلبه المصلحة الوطنية . في إطار تناظر الجهود الهادفة ، لخدمة أبناء الجالية بغض النظر عن تعدد إنتماءاتهم العرقية والسياسية وتكوين موقف وطني موحد ، يحثهم على الخروج من تقوقعهم ، والمساهمة في النشاطات الجماهيرية في بلدان تواجدهم ﻷثبات الوجود من جهة ، والتعرف على نهج عمل تلك المنظمات من جهة أخرى . بينما الملاحظ هو القصور عموما في هذا المجال وغياب خطط تفعيله ، وتسويف عقد اﻷجتماعات السنوية لمناقشة ما حققته تلك المنظمات ، و تجديد قياداتها كما تنص عليه دساتيرها . وهنا ﻻ يُرى إلا نفس الوجوه متمسكة بمقاعدها القيادية ، فأغلبية الإسلاميين مهتمون بنشر مفاهيم الشريعة الإسلامية بين من حولهم بلغة مبطنة ، وقد إستغلت داعش ذلك ، فغسلت أدمغة الكثير من رواد المراكز الدينية والجوامع ، مما يضع على عاتق المغتربين مهمة لعب دور محوري في فضح هكذا توجه وإقتلاعه من بين أوساطهم ، وتوحيد مواقف تصدي الإرهاب ونشاط الإسلاميين المتطرفين ضمن المهاجرين غير الشرعيين ، والتي تشوه ثقافة وتقاليد شعوبهم . اما اللبراليون فقد إنشغلوا بإرتباطاتهم العائلية وتكوين صداقات عبر وسائل التواصل الإجتماعي والتي أغلبها صنيعة توحش العولمة ، حيث حولتها من وسائل تعارف ومعرفة أخبار العالم ، والتعرف على اساليب حياة الناس وطريقة معيشتهم إلى وسائل دعائية لنشر إسلوب الكراهية والإنتقام والحقد، فتحولت من كونها إيجابية إلى سلبية ، تملك قدرة تدمير العلاقات الإجتماعية و وضعها في أطار بعيد عن القيم الحضارية والإنسانية التي تتصف بها شعوب العالم.

عرض مقالات: