المركز والمحافظات..واحدة من الجدليات، التي شغلت الشارع الشعبي، ودخلت ضمن الصراعات السياسية، وذرائع تبريرات سوء الإدارة، والتجاوز على الدستور والقوانين النافذة.

الجدل يبدأ؛ في هل أن مشكلة المحافظات تكمن بالمركز ومجلس الوزراء والنواب، أو بمجالسها المحلية والمحافظين؟ وعند الجواب يتنصل كل طرف، ويلقي كرة من نار على الآخر.

العراق دولة إتحادية فدرالية ديمقراطية لا مركزية..هكذا يتحدث الدستور العراقي، وإعتبار الحكم المحلي كما معمول به في بقية الدول، كأفضل سياق للعمل الديموقراطي، ونأيٌ عن مركزية ذاق ويلاتها البلد لعقود، حيث تغيب عدالة توزيع الثروات وتفاوت طبقي ومناطقي، والمحافظات الأكثر إنتاجاً أقل نفعاً ومستوى إقتصادي.

في حديث سابق لمحافظ البصرة في وقتها خلف عبدالصمد، عند توليه مسؤولية المحافظ، ويملك أغلبية مجلس محافظة، ولكتلته أغلبية وزارية ونيابية فقال: أنه عجز عن بناء مستشفى ومشروع مجاري إستراتيجي، رغم قربه من رئيس مجلس الوزراء وإمتلاكه أغلبية تؤهله لتمرير القرارات بأريحية في المحافظة، وسعي رئيس مجلس الوزراء لإنجاح محافظ مقرب جداً منه، ولكن الأول رغم ذلك يشدد على العمل المركزي. تصطدم المشاريع بعقبات عدة، من علاقتها بالوزارات وتأخر الموازنات، فمشروع المستشفى يحتاج موافقة وزارة التخطيط والمالية والصحة والإسكان والإعمار والبلديات ومجلس الوزراء ومجلس المحافظة، فكيف إذا كان المحافظ لا يملك أغلبية، أو أن الوزير من حزب يعارض عمل المحافظ والعكس بالعكس؟!

عامل مهم أخر في معظم السنوات السابقة، يدور جدل حول الموازنة وصرف التخصيصات، وبالنتيجة في سنوات وصلت الى الشهر السادس أو السابع، وهذا الوقت لا يكفي للتعاقد الذي بدوره يعود للمركز لتبدأ لعبة(كتابنا وكتابكم).. وتقف الكتب والمعاملات نتيجة أهمال ولا مبالاة أو مزاج موظف أو لأسباب سياسية، وبالنتيجة تعود الأموال للمركز

الإسباب السياسية نفسها، منعت تطبيق القانون 21 عام 2008 لمجالس المحافظات، وحين تم تحويل صلاحية بعض الوزرات، فما تحول منها سوى رواتب الوزرات، دون تدخل المحافظات بسياسة الوزارة.

يعد الحكم المحلي وسيلة للخروج من المركزية، وتوزيع الصلاحيات، ولأسباب منطقية تتلخص؛ بأن المسؤول المحلي على قرب من مواطنية وعلى دراية بالواقع الخدمي والإقتصادي والأمني والإجتماعي والثقافي، وتوزيع الصلاحيات للتخلص من هيمنة الرئيس على المرؤوس، ونوع من تبادل الثقة والأدوار، مع وجود قوانين وهيئات رقابية تمارس دورها بشكل طبيعي، لكن ما يجري في العراق نظام مشوه بين المركزي والمحلي، والإشتراكي والرأسمالي.

ذرائع الحكومة ومختلفي السياسة، على أن مجالس المحافظات بشخصيات غير مختصة، في حين هم جهة التشريع والرقابة في المحافظة، ولكن الأسباب نفسها يمكن أن تنطبق على البرلمان، والعمل هنا في الحالتين، أنهم ممثلين عن شعب بمختلف شرائحه، ولهم مستشارين متخصصين ولجان، وهم يعملون بالنيابة عن شعب، وذريعة آخرى إدعاء الحكومة أن الأموال تسرق وتقسم مقاولات عند المحافظة، فيما ذلك غير بعيد عن المركز. الجدلية حلولها بتقاسم الأدوار وإعطاء الصلاحيات ضمن نطاق الواجب، وحاجة لتشريعات تمنع الروتين وتشدد الرقابة، وتعطي حيزاً واسعاً للمحافظات بممارسة دورها، كون صراع الصلاحيات أفسد المهمات.

عرض مقالات: