مضى على الانتخابات ستة أشهر بالتمام والكمال !..
الجميع يعرف ما شابها من تزوير وشراء ذمم وتسويف وكذب وخداع !..
وَوِلِدَتْ مفوضية انتخابات من رَحِم النظام السياسي الفاسد ، منحازة ومتواطئة مع المتنفذين والحيتان المتربعين على السلطة ، هذه القوى الفاسدة والسارقة لثروات البلاد !...

باعتراف حكومة السيد العبادي المنتهية ولايته ، وقرار المحكمة الاتحادية بتجميد عمل المفوضية وتعيين قضات بدل عن المفوضية ، بإعادة العد والفرز ما نسبته 5% من مراكز اقتراع محددة ، وبعد إتمام عملية العد والفرز ظهر اختلاف بما نسبته 10% فتغير حَضْ البعض بحصوله على زيادة في عدد الأصوات على حساب الأخر الذي تناقصت اصواته التي حصل عليها قبل إعادة العد والفرز ، وهذا أخر ما تناقلته وسائل الإعلام وأحد قادة الكتل السياسية قبل يومين .
وهذا يؤشر الى أن هناك تزويرا قد حصل !.. فكيف إذا تمت عملية إعادة العد والفرز لجميع المراكز الانتخابية ، في الداخل والخارج ؟.. نترك جوابه للساسة والمراقبين للشأن العراقي .

الوعود والهرج والمرج !.. والخطابات ( الثوروية العنترية والانفجارية !! ) التي دفعت الناس الى الترقب والانتظار الممل !.. ليسطع الضوء بنوره في هذا البلد بعد ليل طويل !..

وما تم تسويقه وترويجه من السيد المُكَلًفُ بتشكيل حكومة الإنقاذ والتنمية والإصلاح والتنوير والبناء !!.. ومحاربة الفساد ، والخروج من مستنقع الطائفية السياسية التي أهلكت العراق وشعبه ، على أمل الخروج من المحاصصة والمكونات !..
والذهاب الى حكومة ( الفضاء الوطني .. وحكومة التكنوقراط المستقلين والوطنيين المهنيين النزيهين ، من اصحابي الكفاءة والخبرة ورجال دولة بحق وحقيقة ، ولكن لم نجد لهذه الشعرات أي وجود في هذه الحكومة !..
لا يجوز تضليل الناس بهذه الطريقة الفاضحة ، والكذب وممارسة الخداع ، ليخرجوا الفاسدون من الباب !.. ويعودوا الى مواقعهم من الشباك !! ) .

وبعد مخاض مرير وعسير لولادة هذه الحكومة ( الميتة ! ) وبعد أخذ ورد وصراع وتنابز واتهامات وتراشق ، خلف الكواليس وفي العلن وعبر وسائل الإعلام والفضائيات !..
تمخض الجبل فولد فأر !..
خرجوا علينا برئيس مجلس وزراء ( كونه رجل المرحلة !!.. وطوق نجاة للعراق بعد عقد ونصف من الفشل في إدارة الدولة ، وما حصل على أيديهم من خراب وفساد وموت ! ) .

فجاؤوا بالسيد عادل عبد المهدي ( رجل المرحلة !! .. ناهيك عن حصوله على توافق غير معلن ، أمريكي إيراني على السيد عادل عبد المهدي !! ) .

والجميع يعرف جيدا من هو السيد عادل عبد المهدي ، وتوجهه السياسي ( فهو إسلامي النزعة والنهج والفلسفة والتفكير ، وتقلب في خياراته الفكرية والسياسية ،، وقد شغل مناصب عدة في الدولة خلال السنوات الخمس عشرة التي مضت ( والمجرب لا يجرب ! ) .

مع كل ما شاب هذا التكليف من ملاحظات واعتراضات ، وبناء على ( ما أفرزته الانتخابات من تزوير وعزوف الملايين عن الاقتراع ومقاطعة الانتخابات !..

عدم تمكن كتلة بعينها من الكتل السياسية التي خاضت الانتخابات ، من الحصول على القاسم الانتخابي 50% + 1 في مجلس النواب 166 صوت لتشكيل حكومة الأغلبية البرلمانية ، والصراع المحموم والمحتدم بين الطيف السياسي ( بين الكتلتين الرئيسيتين سائرون والفتح ، وما زال على أشده وفي شد وجذب !..

هذا الصراع لا يتعدى كونه صراع على السلطة والمغانم ، والسعي للإبقاء على نهج المحاصصة وتقاسم الحصص والكعكة بين هذه الكتل ! ..

نتيجة لما بيناه فقد تم الاتفاق بين سائرون والفتح على التكليف ، وكون ذلك يحضا بالتوافق الدولي كما بيناه ! ) فتم اختيار عبد مهدي كحل ترقيعي ، لأزمة عميقة ولها أبعاد داخلية وإقليمية ودولية ، وتحتاج الى حكومة وطنية قوية ومن كفاءات متبصرة ومدركة للمهمات التي يجب تحملها والنهوض بها للخروج من عنق الزجاجة !..

بالرغم من هذا الاتفاق بين هذه الأطراف ، لكن لم يتم الاتفاق على تفاصيل شغل الحقائب الوزارية والوظائف العليا ، وبقيت مؤجلة حتى حين ، أو هكذا تم تسريبه !..

والجميع يدرك بإن الشيطان وحلفائه يكمنون في التفاصيل !..
لنترك الشياطين الى حين إتمام ملئ الوزارات الشاغرة ، والتي تمر في ولادة عسيرة ، أو تأتي بمولود كسيح أو ميت ، فيكون إدخاله لغرفة العناية الفائقة أمر لابد منه !..

لنذهب الى وعود السيد عبد المهدي التي الى اليوم ( لن يفي بوعوده التي قطعها على نفسه أمام شعبه ! ) ..

الحقائب الوزارية ( ال14 ) التي صوت عليها مجلس النواب بشكل يدعوا الى الضحك والازدراء والحزن في الوقت نفسه ، كون هؤلاء الوزراء لم يقدموا سيرتهم الذاتية ولم يستوفوا الشروط ليتم التصويت لمنحهم الثقة .

هذه الطريقة الفجة والبدائية لم تقنع الشارع العراقي ، ولم تقنع الشركاء ( المتنفذين ! ) ؟..
فكيف لها أن يقتنع بها المعارضون ؟ ..

التشكيلة الوزارية تفتقر الى الكثير من الشروط التي من المفروض أن تتوفر في كل وزير !..

وأُولاها .. المهنية والوطنية وحسن السمعة والسلوك ، وخلو صفحتهم من أي شائبة في الإرهاب والبعث ولا حكم عليه ، وأن يكون نزيها ورجل ذات خبرة ودراية في إدارة شؤون الدولة ، لا كما يجري اليوم ليأتوا بالوزير كإكمال عدد .. أو من المحسوبين عليه حتى وإن كان غير مقبول ولا مرغوب به وغير مؤهل لشغل المنصب ، مثل ما يراد ملئ منصب وزير الثقافة والإتيان بوزير ليس له علاقة بالثقافة لا من بعيد ولا من قريب .

هذه لم يُراعِها السيد عبد المهدي كما نلمسه ونراه اليوم ، ويتم تداوله في الشارع العراقي وفي أروقة مجلس النواب !..
فهل هذه الطريقة ستنتج حكومة وطنية جامعة تمثل إرادة العراقيين ؟ ..
والسؤال الأخر لماذا تمنح الموافقة من قبل الساعين لإعادة بناء دولة المواطنة ؟..

ألم يكن ذلك بمثابة شهادة زور وتراجع عن عملية إعادة بناء الدولة والبدء بالإصلاح الشامل ؟.. وهل هذا النهج سيفضي الى دولة ديمقراطية ناجحة وتُخْرِج شعبنا من الهوة السحيقة ؟..

وهل هؤلاء الذين يفرضون رؤيتهم لإعادة بناء الدولة ، سَيُنْتِجُ لنا بناء رصين يلبي أمال وتطلعات شعبنا في الأمن والرخاء والنماء والتحضر ؟..
أنا في شك من بغداد الى درب التبانة وكوكب زحل !!..

لليوم لم يتمكن السيد عادل عبد المهدي من إكمال الكابينة الوزارية للوزارات المتبقية ، وهي من الوزارات الأساسية والوطنية الجامعة [ الداخلية والدفاع والأمن الوطني ، والتي يتوجب أن يأتي بوزراء مستقلين وبعيدا عن الأحزاب السياسية والمحاصصة ، وأن يكونوا غير متحزبين ومهنيين ووطنيين ومن أصحابي الخبرة والكفاءة ! ] .

وعلى السيد عبد المهدي أن لا يكرر أخطاء من سبقه في الوزارات السابقة ، عندما أبقوا على هذه الوزارات ليتقاسموها بينهم ووفق مبدأ المحاصصة ، وهذا يعني تكريس للنهج السابق والبقاء في هذا المستنقع الأسن والجُبُ العميق .

هناك نهج يبدوا مُسْتَحْكِمٌ وراسخ في سياسة النظام القائم ( قوى الإسلام السياسي الحاكمة وميليشياتها المسلحة والطائفية ، والتي من الصعوبة بمكان من أن يتخلص من هيمنة هذه المجاميع الطائفية المسلحة والتي تهدد أمن وسلامة الناس وتهدد السلم الأهلي ! ) .

هؤلاء مصرين على إبقاء نهج المحاصصة والطائفية السياسية وحكومة المكونات وبالضد من حكومة ودولة المواطنة ، ولتعميق سياسة الإلغاء والتهميش واحتكار السلطة ، وعدم الاعتراف بالرأي الأخر والمخالف لما يعتقدون ، وتكريس ثقافة الدولة الدينية كما عودونا عبر السنوات الماضية ، هذا النهج المعادي لدولة المواطنة وللديمقراطية وللحقوق والحريات والتحضر وللثقافة وللمرأة وللفنون والابداع لا يمكن له أن ينتج دولة ناجحة .

إن الإصرار على فرض وزراء من لون واحد وفي نطاق فلسفتهم وثقافتهم وعبر دائرتهم وما يدينون به ، هو بحد ذاته انتهاك فض وتغييب لمكونات شعبنا وقواه السياسية الديمقراطية ، ويعني المراوحة والبقاء في نفس المستنقع الذي جَلَبَتْ الشرور لشعبنا والويلات والكوارث ، وساد التخلف جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية ، ويدلل بأننا سنستمر في الطريق المظلم الخطير والمميت .

إننا نحذر من مغبة عدم الإصغاء لكل المناشدات الداعية الى البدء في برنامج الإصلاح ، الذي تَعِدُ به حكومة عبد المهدي ، وسوف لن ينفع أُسلوب الخداع والمراوغة والتظليل والمناورة ، وسيفتضح أمرها عاجلا أم أجلا ، وسَتَلْحَقْ بالحكومات السابقة والغير مأسوف عليها .

الحكومة مطالبة اليوم بالبدء ببرنامج واعد وقابل للتحقيق ، وفتح الفضاء الواسع نحو إعادة بناء دولة المواطنة [ الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية المستقلة ] المُخَلِص الحقيقي والمُنْقِذُ للعراق وشعبه ، وهو السبيل الوحيد لتحقيق وتثبيت الأمن والأمان في العراق ، وحماية الحريات والحقوق ، والبدء بتنمية واسعة في مختلف الميادين ، ورفع الحيف والغبن عن شعبنا وعن طبقاته المسحوقة وتقديم الخدمات من ( صحة وتعليم وكهرباء وماء وصرف صحي وطرق المواصلات وغير ذلك ، ورفع كفاءة وأداء هذه المؤسسات الحيوية الهامة ) .

إيلاء الاهتمام بالنازحين والمهجرين ونحن في بداية فصل الشتاء ، وما يعانيه هؤلاء من برد وامطار وسوء الخدمات وشحت الغذاء ، والعمل السريع بمساعدتهم بالعودة الى ديارهم ، وإعادة إعمار ما تم تدميره من مدنهم وقراهم وبيوتهم على يد داعش الإرهابي ونتيجة الحرب ، وتعويضهم عن الحيف الذي لحق بهم كل هذه السنوات القاسية والمذلة .

كذلك معالجة أزمة البطالة المستفحلة والمزمنة ، والعمل على توفير فرص العمل للعاطلين والخريجين ووفق برنامج طموح يستوعب الملايين من العاطلين وادخالهم لسوق العمل .

البدء بحملة تشمل محافظات العراق كافة ، لمعالج مشكلة السكن ، والتي تعتبر احدى المشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي والعائلة العراقية ، والعمل الفوري على الوقوف أمام مشكلة المناطق العشوائية وخاصة في العاصمة بغداد والحد من تمددها ، والتي غيرت الوجه الحضاري لمعالم بغداد ، وإيقاف هجرة الريف الى المدينة ببدائل ومعالجات قابلة للتنفيذ ، وتشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف بمشاريع وبرامج ومساعدات مالية ، تساهم في تنمية الريف ، وتقليل الفوارق بين الريف والمدينة .

الثقافة والمثقفين وصروحها ومعالمها وشخوصها هي الركيزة الأساسية والوجه الحقيقي لكل بلد ، واِلاء الاهتمام الاستثنائي بالثقافة والمثقفين وتشجيع البحث والتنوير والابداع ، والمساهمة في الإنتاج الثقافي والمعرفي ، من خلال الدعم الكامل لكل فروع الثقافة وروادها ، ولوزارة الثقافة ورفدها بالأموال والوسائل التي تساهم برفع الحيف عن هذه الشريحة ، التي تم ابعادها عن المشهد العراقي للدولة ومؤسساتها خلال السنوات العجاف ، ويجب الاهتمام بالثقافة والمثقفين ، كونهم أعمدة الدولة الأساسية ودليل رقيها وتقدمها ، الذين يساهمون بشكل مباشر برفع وعي وثقافة المجتمع العراقي ، وعليهم يتوقف تطور البلاد العلمي والأدبي وفي المجالات المختلفة .

ويتعين على الحكومة والقائمين على إدارة الدولة ، بضرورة رعاية هده الوزارة بمن هم أهلا للثقافة ، ورفدها بكبار المفكرين والمثقفين والأدباء ورواد المعرفة وصناعها ، وأن يكون الوزير من هذا الوسط وليس من قلب ( المحاصصة والطائفية وتقاسم المغانم كما يراد لها اليوم وما يتم تداوله في الوسط الثقافي ! ) .

إن مراوحة الحكومة والقوى المتنفذة ، والتراجع عن وعود الحكومة في التغيير والإصلاح ، وغض الطرف وإغلاق الأدمغة والعيون والأذان ، لهو دليل شؤم وعلامات لا تبشر بخير ، وعدم الإصغاء لهذه المناشدات والمطالبات ، سوف لن ينفعكم بشيء أبدا ، وسيعود عليكم قبل غيركم بالويل والثبور والهزائم المنكرة ، وستجنون على شعبكم ووطنكم وعلى أنفسكم ، والجميع سيغرق وليس هناك من رابح سوى أعداء الشعب والوطن ، وسيستمر الظلام والتخلف والجهل والتصحر ، وإذا استمر النظام السياسي وقواه المتنفذة ، التي تتحكم اليوم بالبلاد ، على نهجها السابق ، فسيستمر مسلسل الموت والخراب والتخلف والعوز والفاقة تنال من شعبنا ، ويخيم على وطن الحضارات وعاصمتها الحبيبة بغداد مدينة المدن ليل وظلام دامس .