يتبع ما سبق لطفاً

1.الجزء السابق كان عن الحالة في زمن النبي محمد بعد فتح مكة حسب ما كتبه الراحل الوردي مع ردود/ملاحظات عليها وعليه. وفي هذا الجزء سيخصص لما كتبه الوردي عن الحالة والحال في عهد الخليفة الراشد الأول الشيخ أبا بكر الصديق ولكن لقصر مدة خلافته التي لم تتجاوز الثلاث سنوات (11 ـ13) هجرية رغم الاحداث الجسام التي تخللتها...فسيكون هناك مكان للحالة التي كانت على عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب (13 ـ 23) هجرية رغم ما ورد عن ذلك في أجزاء سابقة. وهو سيكون متابعة الكلام عن "القنبلة" و "بارودها".

2.سَيَرِدْ مفهوم/مصطلح/كلمة "الاجتهاد" وهنا استعين/استعير بما/مما طرحه الدكتور ماجد الغرباوي عن الاجتهاد في الحلقة (93) من سلسلة حوار مفتوح/المثقف العربي حيث كتب التالي: [كانت الحاجة للاجتهاد مُنتفية في زمن البعثة، وكان النبي يجيب على أسئلة واستفتاءات الصحابة مباشرة أو عبر سؤال الوحي:(يسألونك،ويسألونك،ويستفتونك).وكان دليلهم من بعده إما آية من كتاب الله أوسنة عن رسول الله، الشاملة لقوله وفعله وتقريره، باستثناء اجتهادات محدودة جدا حينما تطرأ مسألة مستحدثة، فكان اتفاقهم يكفي، بعد اليأس من وجود دليل من الكتاب والسُنة] انتهى.

3.سترد عبارة "طلقاء هذا الزمان....الخ"[[هي ملاحظة عابرة ذات معنى كما اعتقد اضيفها هنا و اعتذر عنها مقدماً و هي:((( الكثيرون اليوم لا ينظرون بثقة واحترام وامان أو نظرة جيده/ايجابية الى "طلقاء" هذا الزمان أو المؤلفة قلوبهم من أبناء هذا الوقت كما يتصورهم او يطلق عليهم البعض هذا الوصف" من الموظفين العراقيين او ما يطلق عليهم البعض اتباع النظام السابق في العراق" من الذين استلموا وظائف عليا في حكومات ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 من وزراء وأعضاء برلمان، كما ان أنصار و مهاجري هذا الزمان حاربوا ويحاربون مهاجري/مهَّجري و انصار ذلك الزمان وبالعكس فكيف كانوا فيما بعد السقيفة قبل اكثر من 1400 عام)))...ارجو أن لا يُساء فهم هذه الملاحظة فقد ذكرتها رغم عدم الايمان بكمالها و شمولها و الغرض هو نقل الصورة الى حال اليوم من ذلك اليوم البعيد جداً حالها هنا حال مثال جمال خاشقجي الذي سيرد ذكره "له الرحمة".]].

عن الخليفة الراشد الأول الشيخ أبو بكر الصّديق كتب الراحل الدكتور علي الوردي التالي في ص78 وعاظ السلاطين: [سن عمر في امر توزيع المال سُنة جديدة تختلف عن سُنة أبو بكر فقد كان أبو بكر يقسم المال على الناس بالسوية. فاشتكى الصحابة في ذلك وقالوا: ان الناس يختلفون في مقدار جهادهم السابق وايمانهم ولا تجوز القسمة بينهم على مقياس واحد فرد عليهم أبا بكر قائلا: واما ما ذكرتم من السوابق والقدم والفضل فما اعرفني بذلك انما ذلك شيء ثوابه عند الله جل ثناؤه وهذا معاش فالأسوة فيه خير من الاثرة] انتهى [[كما مؤشر في هامش الصفحة ان الوردي نقل هذا القول من ص 150 من كتاب: الفاروق/للكاتب بشير يموت]].

اقــــــــــــــول: ان الخليفة الراشد الأول الشيخ أبا بكر الصديق "ساوى" واُعْتُرِضَ عليه، لكن النبي محمد ميَّزهم وخصص لهم حصة كبرى من الفيء والغنائم كما كتب الوردي، ولم يردنا ان هناك من اعترض عليه بهذه النقطة علنا.

 كان رد الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق حكيماً دينياً واجتماعياً وعسكرياً...فهو لمس/عرف/عاش حجم/عمق الخلاف/ الاختلاف بين الأنصار والمهاجرين حول الخلافة كما ظهر في السقيفة وما بعدها.... أنصار الخليفة في الغالب هم المهاجرين/المدينة ومعهم اهل مكة واكثرهم قريش/الطلقاء والمؤلفة قلوبهم... واغلب معارضيه هم الأنصار ومحيطهم الكثيف وما يشعرون به من فضلهم الطاغي/الكبير في نصرة النبي محمد والمهاجرين والدين...فعليه لا يستطيع أبا بكر الصّديق "مضطراً/مرغماً" إلا على ان يوازن الحال ويزنه بميزان المساواة/العدالة. وهو يعرف جيداً انه ليس محمد النبي ولا يملك تأثيره وتقديسه عند الرعية بعمومها ومحيطها القليل/القريب. رافق ذلك بوادر ما اُطلق عليها "الردة" والمشاركين فيها هم مزيج من الرافضين لولاية أبا بكر وقريش والمهاجرين ومن المشككين بالدين ومن المحاولين الانعتاق من الزكاة التي تجلد معيشتهم والتي تًجبى كما يتوقعون لإغناء غيرهم على حساب ضيقهم وفقرهم. ومعهم كذلك رفض البيت الهاشمي ومنهم علي بن ابي طالب وال بيته وصحبه لضياع الخلافة وإبعادهم عنها وهم يشعرون انهم أولى بها...والروايات في ذلك كثيرة.

 اعتراض الناس/الرعية على قسمة المال بالسوية على عهد أبا بكر الصديق والتي اختلفت عما كان عليه الحال في زمن النبي حيث كان يخصص لهم حصة كبرى الفيء والغنائم و بتلك الصورة التي وردت في ما كتبه الوردي تدفع للتوقف عندها فهي الرفض الأول العلني/الصاخب للنص القرآني و السنة النبوي و تأتي بعد أيام قليلة فقط من وفاة النبي محمد. وهي تعني التالي حسب فهمي وتحليلي:

1.كان الرفض حسب النص اعلاه بصيغة المجموع/الجمع اولاً وأنه كان علنياً وهذا ملفت للنظر مهما كانت أسباب ذلك الرفض او الاعتراض سواء مقنعة أم لا. وهو يعني رفضهم العلني الأول لنص قرآني وسنة نبوية عايشوا تطبيقها على يد النبي محمد نفسه...وكانت صرخة مدوية تدعوا لتقديم الواقع والحاجة والحالة الاجتماعية على النص القرآني وسُنة النبي محمد. وهي دعوة جعلت الحاجة والرغبة بالاستحواذ تسبق أهمية النص المقدس والسُنة النبوية ولهذا شأن اجتماعي عظيم ومتقدم وهو اول اختبار/امتحان اصبح أساس لتاليات وصلت الى حال اليوم.

انا اعتقد ان الرفض سبق هذه الواقعة أي كان على عهد النبي محمد لكنه كان مكبوتاً طوعاً او رُغماً...قناعةً او خوفاً وكل ذلك كان بتأثير النبي محمد وموقعه وقدسيته. وهو يؤشر حجم/ثقل تأثير قريش على الواقع الاجتماعي وكان الدين والنبي في بداية انتصاراته فهما لا يبحثان عن أعداء داخليين حيث توجهت الابصار والعقول الى المحيط الخارجي.

  يتضح الرفض المكبوت ذاك وتفاعله تحت السطح و في الخفاء بعد وفاة النبي محمد مباشرةً حيث كانت مساواة أبا بكر الصديق و تجسد بأقوى صِوَرُهْ و حالاته برفضة التام من قبل عمر بن الخطاب حيث رفض النص والسُنة و برر ذلك بالتالي: ["لا اجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه" وبذا نراه قد صنف الناس على درجات واعطى كل على نسبة قدمه في الإسلام وجهاده السابق] انتهى... فالله الذي عفى ورسوله الذي سامح و نفذ يأتي من يعيد الحال الى ما قبل العفو المغفرة و التسامح أي الى الجاهلية و العصبية...وهذه يمكن ان اعتبرها ردة او ارتداد عنيف في وقتها و حتى اليوم.ويبدو كما سيأتي في القادمات ان الخليفة الراشد الرابع علي بن ابي طالب قد رفضه ايضاً من خلال المساوات التي قيل انه نادى بها وكل الحالات تلك"مساواة أبا بكر و رفض عمر و مساواة علي" لا تقع ضمن مفهوم الاجتهاد...انما فرضها الواقع الاجتماعي الملموس والسياسة.

  1. ان رفضهم مساواتهم مع الطلقاء في الفيء والغنائم يعني/يشمل رفضهم مساواتهم بهم فيما يجري في حياتهم الاجتماعية "الدينية والإدارية" ويمكن لي ان أتصور رفض البعض من اهل السابقة ان يئمهم للصلاة او يتقدم صفوفهم فيها من هم من أولئك. ويمكن لي ان أتصور/اتوقع بعض اعتراضات/ احتكاكات شخصية وربما جماعية جرت /حصلت وقتها "وهناك كلام كثير دون بعضه الراحل الوردي في بعض كتبه". هذه الحالة أوجدت/انتجت حزبين سياسيين مختلفين متعارضين في الإسلام متعصبين: الأول هو حزب "غالبيته" مسلمي قبل الفتح والثاني هو حزب "غالبيته" مسلمي بعد الفتح...واستمر الحال على ما هو عليه او قريب منه الى هذا اليوم. ومن هناك تأسس الانشقاق الذي نعيشه اليوم.

وبهذا الخصوص كتب الراحل الوردي في ص83 وعاظ السلاطين التالي: [ان الدين لا يردع الانسان عن عمل يشتهي ان يقوم به، الا بمقدار ضئيل فتعاليم الدين يفسرها الانسان ويتأولها حسب ما تشتهي نفسه وقد رأينا القرآن او الحديث مرجعا لكثير من الاعمال المتناقضة التي قام بها المتنازعون في صدر الإسلام. فلقد وجدناهم يقتل بعضهم بعضا ويكَّفر بعضهم بعضا ثم يستندون في ذلك على آية من القرآن او حديث من النبي وكان كل حزب من الأحزاب المتطاحنة يملك سلاحا قويا ضد خصومه من الآيات والأحاديث. كل فرقة تمتلك في جعبتها أسلحة شتى مما قال الله وقال رسوله الكريم] انتهى

من هذا ظهر ان اول عنصر من عناصر خليط "البارود" كان ما جرى في السقيفة وعلى عهد الخليفة الراشد الأول الشيخ أبو بكر الصّديق وهو الموقف من الخلافة و رفض المساواة في العطاء.

لكن ذلك لم يظهر للناس و التاريخ او لم تُسلط عليه الأضواء في عهد أبا بكر الصديق لأسباب كثيرة منها توقيرهم أبا بكر لشيبته و نَسَبِهِ و قربه من النبي محمد وصدمة الرعية بفقدانها النبي و تحفزها لمعرفة اعمال الخليفة الاول و مقارنتها مع ما كان يفعل/يعمل النبي ومتابعة الناس لقدرات الخليفة في ملئ الفراغ الذي تركه النبي محمد و المساندة القوية للرجل القوي/الحاسم في الإسلام عمر بن الخطاب و تقوقع ابن عم النبي علي ابن ابي طالب تحت صدمة فقدانه لسنده و سيده ابن عمه النبي محمد وصدمة ما جرى تحت "سقيفة بني ساعدة" والانطلاق غير المتوقع  لما اطلق علية "الردة" و حربها بل حروبها و ما صاحبها من اعمال اختلف الرواة في سردها و تقييمها و مدى شرعيتها... فكل معترض على أي اجراء او عمل او قول للخليفة الراشد الأول الشيخ أبا بكر سيُعتبر من اعمال او مواقف الردة ويمكن ان يُحسب من يساهم بها من المرتدين ليتم التعامل معه بقسوة كبيرة أي بحد الردة...و يجري عليهم كما جرى على غيرهم من انتهاكات بررها من بررها و اصطلى و يصطلي الإسلام و المسلمين بها لليوم حتى انها ذُكرت هذه الايام في عملية نحر "جمال خاشقجي له الرحمة في 02/10/2018 أي بعد اكثر من 1400 عام"!!!!!!!!

كان الخليفة الراشد الأول الشيخ  أبو بكر الصديق مضطراً كما أتصور الى هذا الحل "السوية" تحت تأثير الحالة الموصوفة أعلاه وخطورة "حركة الردة" وشعوره الأكيد بحجم المسؤولية وهو البعيد عنها "وظيفياً" في زمن النبي محمد وتلمسه وتفهمه جيداً لما حصل في اجتماع "السقيفة" وكلمته الكبيرة المعبرة الخطيرة التي حسم بها الامر، تلك المنقولة عنه والتي كان معناها او قال فيها: "من كان يعبد محمداً فأن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فأن الله حيٌ لا يموت"...هذا القول الخطير المثير في وجود عبارة: "من كان يعبد محمد..." مع علم الجميع و منهم الخليفة ابا بكر الصديق ان ليس هناك من كان يعبد محمداً و هذه العبارة/الاشكال ان صحت كان يقصد بها أبا بكر مقدار منزلة النبي محمد عند اتباعه و حجم تقديسهم له ...هذا القول الذي حَيَّدَ تأثير النبي محمد ومنع اللجوء اليه كحجة لأن من يقم بذلك سيكون من عبدة محمد و هذا كفر. فقد ألغى أبا بكر الصديق مرحلة مهمة وصعبة وابتدأ مرحلة جديدة وعرة لا وجود فيها لمحمد كشخص "معبود" مع تأكيده على وجوده معنوياً من خلال القرآن. وكان للطلقاء دور كبير في ذلك وفي تأمين الوضع لصالح الخليفة الأول وفي وئد "الفتنة"/"الردة" وقمع المعارضة أينما ظهر/سُمِعَ لها صوت أو ريح...وتنقل الروايات الكثير من الحكايات التي تعجب هذا ولا تعجب ذاك.

مما ورد أعلاه يمكن لنا ان نؤشر بداية أسباب ما حصل/جرى في عهد الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان فهنا ظهر الانقسام واضحاً جلياً عميقاً حاداً بين المسلمين بسبب المواقع والمنافع المالية حيث ظهرت المكبوتات والممنوعات الى السطح لأسباب كثيرة.

وهذه دلالة على ان الايمان بالدين الجديد لم يمسح الحقد والغل وما ترسخ في العقل الباطن عند البعض وربما الكثير من الطرفين، المسلمين من اهل السابقة ومن المؤلفة قلوبهم والطلقاء رغم ان القرآن نص والنبي محمد مارس وافتى وأوضحَ.

 كتب الراحل الوردي في ص117 وعاظ السلاطين التالي: [أشرنا في فصل سابق ان أصحاب النبي كانوا بشرا مثل غيرهم من الناس تحدو بهم مصالحهم وتؤثر في سلوكهم العقد النفسية والقيم الاجتماعية فهم لم يكونوا ملائكة معصومين من الذنوب] انتهى

وفي ص131وعاظ: [قلنا في اول الفصل ان الانسان لا تتغير عاداته وطبائعه فجأة بمجرد دخوله في دين جديد. وهو ان استطاع ان يغيَّر شيء من سلوكه الظاهر فهو لا يقدر على تغيير عقله الباطن إلا قليلاً.] انتهى. ((ذُكِرَ ذلك في الجزء السابق)).

وفي ص119وعاظ السلاطين كتب الوردي: [قال النبي محمد:"الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام] انتهى

وفي نفس الصفحة كتب:[فدخول قريش تلك القبيلة المرابية الطاغية في الإسلام أدى الى فساد الإسلام والى سلوكه سبيل الترف والطغيان] انتهى...

هذا تصريح خطير لأنه يعني ان فتح مكة هومن فتح الإسلام للفساد وان النبي محمد وضع أسس الفساد في الإسلام او كان لا يعلم عن ذلك. ويستنتج الدكتور الوردي هذا النص من مقطع  للبروفسور غوين يبحث في الدين المسيحي لا علاقة شبه بينه و بين ما حصل في الفتح و يمكنكم الاطلاع عليه في ص119 وعاظ.

 ان الخليفة عمر بن الخطاب لم يَّسُنَ سُنَّةً جديدةً تختلف عن سُنَّةْ أبو بكر انما سَّنَ سُنَّة تختلف عن سُنَّةْ النبي محمد وتخالف نص قرآني كما ورد سابقاً وهو المهم فاختلافه/مخالفته عن/ل سُنَّةْ أبو بكر هو اجتهاد من حقه اما مخالفة سُنَّةْ النبي والنص القرآني فهو يقع في المحظور أمس واليوم وغداً. انه نقل الحكم من حكم الله الى حكم السلطان ومنح الحق للسلطان بالتصرف بأحكام الله وسنة رسوله حد الغائها. ان هذ النقل هز المجتمع هزاً عنيفاً وشَّكل اول بوادر التشكيك بالنصوص وأّسَسَ أول ممارسة واسعة وعلنية وجادة وحادة للخروج على النص وشَّكل بادرة عدم احترام النص القرآني والسنة المحمدية ...فسح المجال واسعاً للاستخفاف بتلك النصوص ومصدرها وهذا فتح الحال واسعاً للتفسير الكيفي للنصوص وأوجد المجال واسعاً للتلاعب بالسنة النبوية بعد ذلك وربما فسح المجال واسعاً لمحاولات تزوير النصوص وتعدد النصوص فهذا قرآن فلان وذاك قرآن الاخر. هذه السٌنَة العمرية "كما ورد فيما كتبه الراحل الوردي" لم تأتي كما يبدو عن سماحة نفس وتبصر وروية انما جاءت عن حمق وعصبية وانفعال فرضتها حالة نشوة الانتصار في الفتوحات التي ربما وَّلَدَتْ رغبة عارمة في السيطرة والثأر.

 كل ذلك مما يُذْهِبْ الرشد لذلك كان التجاوز على الخليفة سهلاً ومبرراً عند البعض فَقُتِلَ عمر بسببها وقُتِلَ عثمان بسببها وقُتِلَ علياً بسببها. الموضوع هنا وأهميته ليست/ ليس في عملية القتل فكان الثلاثة معرضين لذلك في كثير من المواقف وبالذات عمر وعلي ...لكنه في حالة الاذلال بالقتل والتطاول على وكيل النبي وممثل الله على الارض وانتهاك حرمته...فالتجاوز على هاماتهم اذلال لهم وانهيار صحتهم اذلال لهم وانتصار الفاعل هو إذلال لهم واعتقد ايضاً أن ما نُقِلَ عنهم وهم في النزع الأخير هو إذلال لهم ايضاً...لا يختلف قتل عمر طعناً عن قتل عثمان تقطيعاً ولا عن قتل علي طبراً. اعتقد ان تطرف الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب في هذه الحالة كان تحت تأثير ما لمسه من الرفض الذي جابه مساواة أبا بكر الصديق فأندفع بعد زوال أسباب تلك المسواة حيث صار الإسلام قوياً ويعزز الوردي هذه الحالة حيث ذكر لنا ان عمر قال: [ص126 قال عمر تبريراً لعمله هذا ان رسول الله كان يعطيهم يوم كان الدين ضعيفا محتاجا الى نصرهم اما اليوم فقد أصبح الدين قويا لا يحتاج الى تأليف قلوبهم او استرضائهم].

كتب الدكتور الوردي في ص272 مهزلة العقل البشري التالي: [يتهم بعض الباحثين قريشاً بأن لهم يداً في مقتل عمر] انتهى

الطرح وارد وله ما يبرره ويمكن استنتاج تأييده مما كتب الراحل الوردي عن إهانة و محاربة عمر بن الخطاب لهم و محاولة إذلالهم علناً  ومن حرمانهم مما ذُكِرَ لهم في القرآن والسُنة النبوية...ويمكن استنتاج ذلك من تأبين علي بن ابي طالب عمر بن الخطاب حيث كتب الوردي في ص 270 مهزلة العقل البشري التالي: [الإمام علي بن ابي طالب عندما أبَّن عمر فقال: "لله بلاد عمر فقد قَّوم الاود وداوى العمد واقام السنة وخَّلَفَ الفتنة...رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي بها الضال ولا يستقين المهتدي"] انتهى. [[نقله الوردي من كتاب نهج البلاعة/محمد عبدة /ج2 ص249]]

علي بن ابي طالب هنا يشير الى ان عمر بن الخطاب "خَّلَفَ الفتنة" وهذه من معاني "البارود" او واحداً من العناصر المكونة له ومن ثم القنبلة.

.............................

يتبع لطفاَ