مع سقوط الدكتاتورية وانهيار نظامها العفن في 9 نيسان 2003، وانتشار الفوضى وتهاوي العروش الزائفة وتناحر الفئات والطوائف والاثنيات حتى صار الكل يبحث عن الكل واعتقد البعض انه هو المؤهل لهذه المرحلة على حساب البعض الآخر.. حتى حاول هذا البعض ان يساوم ويتساوم من اجل مصالحه ومن اجل اقصاء الآخرين وابعاد المنافسين عن الساحة.
كانت تجارب السنوات الـ 15 الماضية قاسية وشديدة الصعوبة، حيث كان الصراع على اشده بين افراد وجماعات ومصالح ذات غلاف طائفي او قومي ومذهبي، ولكن لا الطائفة استفادت ولا القومية ربحت ولا المذهب، ولا الجغرافية حققت ما تريد. وظل الحال كما هو من سيئ الى اسوأ. واليوم وبفعل تدهور الخدمات وانعدام فرص العمل واشتداد التذمر والاستياء تحركت جماهير البصرة واهل الجنوب وابناء الفرات الاوسط بعد ان انهكها فقدان المياه الصالحة للشرب وبؤس واقع المستشفيات وغيرها.
وكان خروج الآلاف من شبيبتها وشيوخها ونسائها مطالبين باحقاق الحق ورفض الظلم والاضطهاد. وقدمت الحكومة وعودا بالاصلاح والتغيير في محاولة لارضاء الناس واسكات الجماهير.. واسفر الحال عن تغيرات في قمة الهرم ظهر معها برلمان تحققت فيه تغييرات ملحوظة قد يرافقها شيء من التغيير والاصلاح. ثم انتخب رئيس للجمهورية رشح بدوره رئيسا للوزراء بعيدا عن التسميات التقليدية وعن المألوف حتى الآن.
وبهؤلاء الرؤساء الثلاثة بدأت تلوح ملامح جديدة، ستكتمل ان حققوا والبرلمان المتجدد حسن اختيار تشكيلتهم الوزارية، بما يتناسب وطموحاتهم ومساعيهم.. وإلا؟
فللجماهير وابناء الشعب كل الحق على رئيس الوزراء المكلف وقبل ان يتم التصويت على وزارته، ان يحسن الاختيار ويهتم بالنوعية ويبحث عن الكفاءات ويؤكد على النزاهة، وان يتعامل بعيدا عن الفئوية والحزبية والمناطقية والعشائرية وان يكون رائده اولا واخيرا الهوية الوطنية العراقية. والاهم من ذلك هو حسن الاختيار للوزارات المعنية بالعلم والتربية والثقافة والرياضة والشباب، ودقة اختيار وزرائها لانهم سيشرفون على اهم قطاعات المجتمع التربوية والتعليمية والثقافية والشبابية.
وهنا اناشد رئيس الوزراء المكلف ان يبعد هذه الوزارات قبل غيرها عن اشراف الاحزاب المعلومة وسطوتها، لانها ستساهم بتكريس الحزبية الضيقة وتوظف كل امكانيات الوزارات المذكورة لنشر افكارها وتطلعاتها وبرامجها (ان توفرت). بينما الواجب يتطلب من التربية ووزيرها مثلاً الاهتمام بالمناهج، وابعادها عن الانحياز الى جهة معينة، لان خطراً كبيرا سيهدد بذلك مستقبل العراق الجديد، وهي مطالبة ببرامج تربوية سليمة تسير بالطلبة نحو الانفتاح والعلمية وسعة الافق. وكذا الحال مع وزارة التعليم العالي حيث ان على وزيرها ان يحافظ على امانته العلمية والمعرفية الجامعية، وان يوظفها لخدمة الوطن واجياله الشابة المنطلقة نحو آفاق المستقبل، والبحث الجدي لإعلاء المهمات الوطنية وبناء التجربة العراقية الجديدة.
والحال لا يختلف مع وزارة الشباب والرياضة ووزيرها القادم ودورها في شد لحمة ابناء الوطن وتضامنهم ووحدتهم، وفي بناء المستقبل والنهوض بالواقع الرياضي وتحقيق الانجازات وجعل الرياضة وسيلة للتكاتف من اجل بناء عراق مزدهر. وكذا الحال مع وزارة الثقافة ووزيرها الجديد واهمية ان تلعب الثقافة دورها في نشر الوعي والنهوض بادراك الشعب العراقي بقومياته واديانه واثنياته وألوانه الوطنية، بعيدا عن التعصب والانحياز، والتوجه نحو غد عراقي يساهم فيه كل ابنائه.
انني إذ أطالب بحكومة عراقية عادلة تحقق اماني العراقيين في وطن ترفرف عليه رايات المحبة والسلام، أؤكد وجوب ان تكون حكومتنا القادمة للشعب ومن اجله، ولتكن الوزارات التي ذكرتها نموذجاً في المجتمع العراقي الجديد.

عرض مقالات: