المحور/الأستعمار وتجارب التحرر الوطني

لقد فضح مجيء ترامب المقامر والمهوس الوجه القبيح للبنتاكون والسي آي أي ودفع الشعوب المقهورة أن تستذكر الجينوسايد النووي على اليابان ، وأنقلاباتها العسكرية في دول لأمريكا اللاتينية ، وهزيمتها المخزية في معركة خليج الخنازير ضد كوبا ، وفشلها التأريخي المخزي هو الآخر في وحل المستنقع الفيتنامي والكمبودي ، وخرج الغول الأمريكي المثخن بالجراح ليستقوي في ظل أحادية القطب بغياب الأتحاد السوفييتي ليمسك وبقوّة بورقة الأرهاب ومزاوجتها الباطلة أيديولوجياً بين صقور الحرب وتجار السلاح في بنتاكونها والقاعدة بالحلف الغير مقدس في أفغانستان لأجهاض حكومتها اليسارية التحررية ، واليوم تعيد السيناريو في سوريا مع جبهة النصرة الأرهابية وفي العراق مع داعش ، لغايات استراتيجية بعيدة المدى ربما أتضح ذلك في طبيعة الصراع الأمريكي الأيراني ومآلاته النفوذ على العراق وصولاً إلى مخرجات أنتخابات 2018 المستندة على معطيات ورقة الأتفاق الأستراتيجي العراقي الأمريكي الذي نص على أن " العراق يتمتع بالسيادة والأستقرار والأعتماد على الذات " وحكومة تساهم في أرساء السلام والأمن في المنطقة ، ولكن لم تعد الشراكة بين العراق وأمريكا نداً لند بل لعبت المخابرات الأمريكية في العلن والخفاء بواسطة عملاء الداخل الذين هم سياسيو السلطة المدعشنون ، فأصبحت الرؤية الأمريكية معلنة لا يمكن تجاهلها بالضغوطات التي أستعملتها خصوصا في أنتخابات 2018 في أختيار الرئاسات الثلاثة ولم تنجح لتماسك الشعب العراقي هذه المرة ووحدته وآن الأوان للقيام بالأصلاح والبناء وأسقاط مشاريع التقسيم وأختيار سياسة أمنية ذكية وأصلاحات حيادية في المسائل الأقليمية ، وأدركت أمريكا : أن توازن القوى سيصبح مشوّهاً بشكلٍ كارثي أذا تنحت جانباً وتترك أتساع النفوذ الأيراني في العراق لذا بدأت أمريكا بالتخطيط لسينيورهات مستقبلية وآنية في :  

- محاولة تغيير خارطة الشرق أوسطية وقلب الطاولة على معاهدة سايكس بيكو .

- تثبيت موطيء قدم في منطقة الطاقة التي مركزها العراق ، وهي محاولة محمومة للأمساك بمقود النفوذ بالعراق والعودة إلى واجهة الهيمنة والسيطرة ، واندفاعها بهوس متسارع في بناء القواعد العسكرية لتكريس وضمان أطماعها بعد تحرير الموصل كانت تصريحات الرئيس ترامب لأيجاد بدائل أقليمية للقاعدة ( العديد ) في قطر ، في حالة نقل جنودها بأسرع  وقت إلى العراق فكانت تلك الفقرة من البنود المخفية في فقرات الوثيقة 2011 وعادوا أليها بصفة المخلص والمنقذ من داعش الأرهابي الذي سيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق عام 2014 فكان عدد الجنود الأمريكان 1500 مقاتل بطلب من الكونكرس الأمريكي وشرعنت بناء القواعد بقانون تحت عنوان ( مشروع قانون أقرار الدفاع الوطني ) أستحوذت فعلاً على قاعدة ( التقدم ) الجوية الواقعة على بعد 40 كم من الأنبار ، كما أتخذت قاعدتي الأسد في قضاء البغدادي وقاعدة الحبانية في الأنبار أضافة إلى مطار القيارة العسكري جنوب الموصل وقاعدة أخرى عند سد الموصل وقاعدة بلد الجوية ومعسكر التاجي وقاعدة في المنصورية في ديالى ، كما وقعت  مع حكومة كردستان العراقية على بناء خمسة قواعد في مناطق تحت سيطرة الأقليم وقاعدة قرب سنجار وأخرى في منطقتي أتروش والحرير أضافة لقاعدتين في حلبجة في السليمانية وآلتون كبري في كركوك .

- أستراتيجية عزل العدو التقليدي أيران من خلال النفوذ على العراق ، وحسب قراءتي لهذا الموضوع الشائك وهو الذي يعنينا في الرؤية التي تشكلت بعد مجيء الجمهوريين وترامب على رأس الهرم رفعت شعار التصادم مع خصمها أيران ولتحجيم الدور الأيراني في العراق يتم بجعل  ساحة العراق ساحة مواجهة مباشرة مع أيران وأقحام العراق في محور الحرب الباردة وربما تتحول لحرب ساخنة لا يحمد عقباها ، وللأجل هذا الهدف أصدرت أجراءات تضمنت أدراج أفواج عراقية وأسماء بعض من قياداتها على لوائح الأرهاب وتمادت أكثر بأستهداف أفواج عسكرية على الحدود العراقية السورية وفي بعض المواقع في سويا .

- فأصبحت الرؤية الأمريكية معلنة بتدخلها السافر في أنتخابات 2018 بالضرب على أوتار الطائفية والأثنية بأثارة ما يقال دائما لغة (التهميش والأقصاء ) وأثارة مشروع عراب التقسيم بايدن في تقطيع أوصال العراق إلى ثلاث مناطق ( كردية وشيعية وسنية ) ، فالمشهد العسكري والسياسي يبدو حسب قراءتي لواقعها الجيوبولوتيك ورهانات المستقبل : هو سقوط آخر معاقل داعش في العراق ,ان هذ المشهد لا يروق لها في المنظور البعيد وعلى أقل تقدير لا تخرج من المولد بلا حمص كما يقول المثل المصري بل المحافظة على نفوذها الحاضر ، والتوصل إلى حل توفيقي أمريكي في سوريا عبر تحول سياسي يؤدي ربما إلى حكومة أنتقالية وهو من المستحيل نجاحه لوحدة الجيش العربي السوري وحنكة قيادته .

-  وحسب قراءتي للحدث بين داعش والتحالف الدولي بزعامة أمريكا أنجلت الضبابية في التطورات الميدانية على ساحة المعركة أن هناك بطء وغموض وتمويه وتعرض وحدات من الجيش العراقي إلى نيران ( صديقة ) تارة من الطائرات الأمريكة أو من مدفعية التحالف ، وحتى رمي معدات قتالية لداعش في أرض معركتها ، ومعناهُ ديمومة الصراع في أبقاء شبح داعش للأبتزاز به وأستعماله ورقة ضغط للمساومة والأبتزاز ، لذا أن أمريكا ترغب وبجدية المحافظة على العراق وعدم خسارته عبر خلق الأزمات المتكررة والمتصاعدة في أثارة وتأجيج التطاحن الطائفي والأثني .

- وواقع الحال أن العراق هو الكاشف لحدود وطبيعة المصالح والتناقضات بين أيران وأمريكا وفي كل الأحوال يجب أن يبقى العراق وقواه الوطنية بعيدة عن سياسة المحاور وسياسة حيادية في الحذر والحذر من الوقوع بين الطرفين لأطماع كلا الطرفين بموقع العراق وسوقه وربما (تقع) القوات الأمريكية في حالة أندلاع هذه الحرب الكارثية بين فكي المقاومة الشيعية والسنية ، وأن  الصراع الأيراني السعودي الغير محسوم منذ سقوط الشاه عام 1978 على أيدي الأسلام السياسي القائم على ولاية الفقيه وأن سياستيهما ((السعودية وأيران ) قائمة على أطماع أستحواذية ويزداد التنافس شدة بوقود الفروق المذهبية والقومية والآيديولوجية الثورية ، وفي تسعيرة النفوط المصدرة والموقف من الولايات المتحدة الأمريكية وربما حتى في حج بيت الله الحرام .

أخيراً/ عند البحث في موضوع التدخل الأمريكي للعراق ومآلات السيطرة يتضح في مضمون الرؤى عند الحزبين والجمهوري والديمقراطي في تحقيق المصالح الأمريكية ولقد تعلمت الشعوب المضطهدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة ما أتضح في العراق ومنذُ 15 سنة فهي تبقى دولة مسلوبة السيادة ومبتزّة من قبل المحتل أياً كان ، لذا لا تسمح أمريكا في تهديد مركزها في منطقة الطاقة خصوصاً وحتى تكون معبر للنفوذ الأقليمي للعراق ، وأستعملت جُلّ أدواتها الأستعمارية في الجانب العسكري تحت غطاء مموه بالتدريب والتسليح والأستشارة ، وكذا في الجوانب السياسية والأقتصادية فكان لتوظيف السياسة للأحداث المتسارعة ، ولأن أرادة ورغبة النخب الخيرة من العراقيين في أفرازات أنتخابات 2018 ونجاحهم في أختيار الرئاسات الثلاثة بأراداتهم الحرة ، وبذلك أغلق العراق أبواب التدخل الأجنبي الفج والمفضوح فأخذ الميزان العسكري والدبلوماسي يميل لصالح العراق ودعوة من مواطن عراقي مغترب لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي الأسراع بشكيل الكابينة الوزارية قبل السقف الزمني الدستوري وأن يأخذ بنظر الأعتبار معادلة ( الشخص المناسب في المكان المناسب ) والله من وراء القصد !؟

كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد

عرض مقالات: