
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية لانتخابات مجلس النواب لعام 2025، وتبيّن أن القوى المدنية الديمقراطية لم تحظَ بأي تمثيل في المجلس الجديد.
وهي المرة الأولى منذ عام 2003 التي يُقصى فيها الصوت المدني على هذا النحو الواسع من البرلمان، في مؤشر خطير على طبيعة البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جرت فيها الانتخابات.
إن هذا الإقصاء لا يستهدف حزبًا بعينه، بل يضرب جوهر العملية الديمقراطية نفسها، التي تحولت بفعل منظومة المحاصصة والفساد إلى ديمقراطية شكلية ومفرَّغة من مضمونها، ويقوّض حضور كل القوى المدنية الديمقراطية التي تدافع عن بناء دولة المؤسسات.
لقد كنا ندرك المقدمات التي سبقت هذا الاستحقاق، وما يكتنف العملية الانتخابية من اختلالات بنيوية، ومع ذلك خضنا المنافسة بهمة عالية وروح مسؤولة، إيمانًا منا بضرورة الدفاع عن خيار الدولة المدنية الديمقراطية، وبحق الشعب في بديل وطني نزيه.
غير أن ما أفرزته العملية الانتخابية كان نتاجًا واضحًا لهيمنة المال السياسي والسلاح، والمحاصصة، واستغلال النفوذ والسلطة وموارد الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية، وتأجيج النعرات الطائفية والنزعات العشائرية والمناطقية، وهو ما حوّل التنافس الانتخابي إلى سباق غير متكافئ، أُعيد فيه إنتاج ذات القوى المهيمنة والمصالح الضيقة.
كما أن ملاحظات أخرى تُطرح حول قضايا فنية وسياسية متعددة، منها عدم تنفيذ أي من مواد قانون الأحزاب، وغياب الشفافية في الصرف الانتخابي، وتسجيل هذا الكم الهائل من المراقبين، وشراء الأصوات بصورة علنية، فضلًا عن التعامل غير المتساوي مع القوى المدنية حيث جرى إبعاد العديد من مرشحيها لا لشيء سوى التعبير عن آرائهم، مقابل عدم محاسبة أي من أطراف القوى الأخرى رغم انتهاك الدستور والقانون، وصولًا إلى طريقة احتساب نسبة التصويت، والتجييش والتحشيد أمام مراكز الاقتراع، وغيرها من أساليب الترغيب والترهيب.
ولم تكن هذه الممارسات خافية على أحد، لكن حجمها هذه المرة كشف بجلاء حجم الأزمة التي يمر بها بلدنا.
إن ما أفرزته هذه الانتخابات ينذر بمرحلة صعبة من استمرار التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويُكرّس احتكار السلطة والثروة بيد أقلية متنفذة، وتفشي الفساد في المجتمع ومؤسسات الدولة، واستمرار انفلات السلاح.
ورغم هذا كله، يتوجه حزبنا الشيوعي العراقي بخالص الشكر والتقدير إلى كل المواطنات والمواطنين الذين منحوا أصواتهم لمرشحي الحزب، ولكل المتطوعين في الحملات الانتخابية، الذين عبّروا عن إيمانهم بمشروع التغيير الديمقراطي. هؤلاء يمثّلون قاعدة الأمل التي سنبني عليها استمرار نضالنا من أجل العدالة الاجتماعية والإصلاح الحقيقي.
إننا نؤكد من جديد عزمنا على مواصلة الطريق، جنبًا إلى جنب مع القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية، لإحداث التغيير المنشود وبناء دولة المواطنة والمساواة والمؤسسات والكرامة الإنسانية.
كما اننا سنجري عملية تقييم شاملة للانتخابات ونتائجها بغية الوصول الى استنتاجات مناسبة للعمل على تنفيذها في المستقبل القريب.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
13-11-2025







