هذه الشجرة التي غرسها البناة الأوائل في أرض بلاد الرافدين، فامتدت جذورها عميقا، وأينعت أزهارها.. هي شجرة الحياة الخضراء التي اتخذت الحزب الشيوعي العراقي اسماً لها.. وأولئك البناة الأوائل الذين شيّدوا هذا الصرح الراسخ الأساس، رفعوا الرايات التي تخفق في عليائه، وقد حملتها أجيال مؤسسين وشهداء ومضحين وخيرة من المناضلين من بنات وأبناء شعبنا، ممن لازالوا يمدون، بمآثرهم، نسغ تلك الشجرة بحياة لا تتوقف.
اليوم، نستذكر هذا الميلاد البهي قبل تسعة وثمانين عاماً.. واليوم، أيضا، نؤكد، من جديد، ما حددته وثائق حزبنا من حقائق أثبتت الحياة صوابها، ولعل من بين آخرها أن نهج المحاصصة المقيت، ولاّد الأزمات، لا يمكن أن يخرج البلاد من النفق المظلم، وأنه لا سبيل الى ذلك سوى التغيير الشامل.. هذا التغيير الذي يتطلب، من بين أسس أخرى، أن يشمّر الديمقراطيون والوطنيون عن سواعدهم، ويوحدوا صفوفهم، في طريق الخلاص من منظومة الجور والتخلف والفساد، وبناء الدولة المدنية، دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، التي، وحدها، يمكن أن تضع البلاد على طريق التطور التقدمي، المفضي الى غد العراق الوضاء.
اليوم، نتوثق، من جديد، أن حزبا يأتلف فيه الإرث الكفاحي الغني، والمآثر الملهمة لبنات وأبناء حزب فهد سلام عادل، وتخفق فيه رايات الكفاح ضد تأبيد الراهن، وهي تفتح آفاق المستقبل، إن حزبا كهذا هو المؤهل لأن يقف في طليعة المناضلين من أجل إحداث التغيير الشامل.
وما من امريء ذي بصيرة يمكن أن يتوهم بأن القوى المعرقلة للتغيير ستلقي بسلاحها، فهي تواصل مساعيها المحمومة، عبر الاجراءات والأفعال والقوانين الجائرة، لادامة نهج المحاصصة، الضامن لامتيازاتها وهيمنتها على مقدرات البلاد.
اليوم، نجدد العهد لشهداء حزبنا الخالدين، وأمام أنظار الملايين ممن تسحقهم رحى المعاناة، وممن تتعالى أصوات احتجاجهم، أن سنظل أوفياء لمثلنا الساميات، ولتطلعات شعبنا الذي يعرف، حق المعرفة، من هم الشيوعيون، الذين ارتبط اسمهم بالوطنية والنزاهة والتضحية والتنوير والروح الثورية والقيم الانسانية، مثلما يعرف درس التاريخ البليغ من أن أعداء النور والتقدم مصيرهم مزبلة التاريخ، وأن حزب الشيوعيين يرتقي الى المجد، ويضعه التاريخ والحياة عنواناً للعدالة.
اليوم، نستذكر الشهداء ونعلي مكانتهم ونمجد بطولاتم الأسطورية، ونجلّ التضحيات الجسام لمن خاضوا المعارك الثورية، وتحدوا الجلادين في أقبية التعذيب والسجون، وفي دروب العمل السري، وفي ذرى جبال كردستان، وفي بيوت المعدمين ووسط تجمعات الكادحين، ممن يوقنون بأنه اذا كان الظلام حقيقة واقعة، فقد اختارتنا الحياة، نحن الشيوعيين، حتى نوقد شموع المسير، وفي أيادينا تخفق رايات الرجاء.
اليوم، مرة أخرى، يعرف ضحايا الاضطهاد أنهم لن يصلوا الى مرتجاهم ما لم يخسروا أغلالهم، وهم يسيرون متكئين على أكتاف التحدي في دروب الحرية، ومسلحين بجرأة اقتحام متاريس الجائرين.
اليوم، يفتح المكافحون النوافذ حتى تشرق الشمس، ويبتديء نهار الثورة، إذ تقرع الأجراس معلنة أن حصون الظلام ستتهاوى، بينما أناشيد الظفر تملأ الشوارع، وتضيء، بجذوة نورها، المسير صوب الغد المنشود.
في الحادي والثلاثين من آذار نعيد، بروح النقد البناء، والانفتاح المضيء، والبصيرة الثورية، والاصرار الذي يحول السخط الى أمل، تقييم مواقفنا، ونتمثل الدروس، ونرسم الخطوات الآتية، وهي ترشدنا الى الغد المشرق لبلاد الرافدين شعبا ووطنا.
في الحادي والثلاثين من آذار يسطع في سماء العراق نجم يضيء الطريق الى: الوطن الحر والشعب السعيد.
اليوم، أيضا، نعود الى الينابيع، حتى نمضي الى الآفاق!