تحل الذكرى المئوية المجيدة لتأسيس جيشنا العراقي، وهي تستقطب اهتماما واسعا على الصعيدين الرسمي والشعبي، اعتزازا وتقديرا لهذه المؤسسة الوطنية، ولما قدمت من تضحيات، وما تنهض به اليوم من مهام وفقا للدستور.

وفي هذه المناسبة الوطنية الكبرى تتوجب الإشادة بالتضحيات والمآثر البطولية التي اجترحها منتسبو الجيش، مع اخوتهم من مختلف التشكيلات العسكرية والامنية الوطنية الاخرى، والمتطوعون في الحشد والبيشمركة وابناء المناطق التي ابتليت بداعش، من اجل تحقيق النصر على التنظيم الإرهابي وتحرير محافظات الوطن ومدنه واريافه من قبضته.

وفِي هذه الذكرى العطرة تجدر أيضا الإشارة الى ان النصر العسكري الذي تحقق، يعود الفضل فيه قبل كل شيء الى عموم ابناء الشعب، الى صمودهم وتحملهم المشاق، وتقديمهم الدعم المعنوي والمادي للمقاتلين على اختلاف عناوينهم. كما انه لم يكن بمعزل عن فتوى المرجعية ودعمها وجهدها المتواصل في رفع الهمم، الى جانب اسناد الأحزاب والقوى الوطنية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي، ودعمها وتشجيعها على التطوع والقتال في صفوف القوات المسلحة النظامية ضد داعش وفلوله.

ولقد كان ثمن احراز النصر العسكري الكبير غاليا، بشريا وماديا. لذلك يتوجب الحفاظ عليه وتطويره، في اتجاه حسم فصول الإرهاب الكارثية في بلدنا. حيث ان لمكافحته وتجفيف منابعه وتخليص بلدنا من شروره، مقاربات متعددة متكاملة: سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية.

لقد اصبحت واضحة اليوم مساعي التنظيم الإرهابي الى لملمة صفوفه، والقيام بعمليات بائسة هنا وهناك، لرفع معنويات عناصره ولاثبات الوجود ، مستنزفا الدماء ومعرقلا عودة النازحين الى مدنهم وقراهم. وهذا ما يوجب اليقظة والحذر، وتوفير شروط النجاح في المعركة الشاملة ضد الإرهاب، وللانتصار عليه ودحر منظماته العدوانية الاجرامية.

وإن على الحكومة الاتحادية وحكومات الاقليم والمحافظات، ان تباشر خطوات ملموسة لمعالجة ما خلفته الحرب ضد داعش ومنظمات الارهاب الاخرى، وما تركته فترات انتعاش روح البغضاء والطائفية. ونعني بذلك العمل على اعمار المدن المخربة واعادة الحياة الطبيعية اليها، وارجاع النازحين من مخيمات البؤس والجوع والمرض والبرد القارس والحر اللاهب الى مدنهم وقراهم. كذلك الكشف عن مصير كافة المختفين قسرا والمخطوفين والمغيبين، واطلاق سبيل من بقي منهم على قيد الحياة فورا.

وفِي هذه المناسبة نجدد تأكيد موقفنا الواضح الرافض للوجود العسكري الأجنبي ولبناء قواعد في بلادنا، وأن نميّز بين هذا وبين حاجات المعركة ضد الإرهاب، كذلك الحاجة إلى تمكين القوات العراقية.

ويرى حزبنا أن إنهاء كل تواجد عسكري أجنبي على أرض بلادنا، هو مطلب وطني وهدف ينبغي العمل الحثيث وبثبات وجدية لتحقيقه، وتوفير جميع الشروط والمستلزمات التي تمكن العراق من الحفاظ على أمنه وسيادته واستقراره وقراره الوطني المستقل. ولعل من أهم هذه المتطلبات تحقيق إجماع سياسي وطني حول إنهاء أي تواجد عسكري أجنبي، وتعزيز الوحدة الوطنية وأجواء الثقة بين مختلف أطياف ومكونات شعبنا. وهذا يتطلب رفع إمكانات القوات المسلحة والأمنية وتعزيز تسليحها وتنويعه. كذلك حسن تدريبها وإعادة بنائها في ضوء عقيدة وطنية، قوامها الإخلاص للوطن والولاء له وتنفيذ مهامها وفقا للدستور، الى جانب إسناد المهام فيها إلى ذوي الكفاءة والنزاهة، وتخليصها من الفاسدين والمرتشين و“الفضائيين”. فالقوات العسكرية والامنية هي المعوّل عليها أساسا، في الدفاع عن الوطن وصيانة نظامه الدستوري وتحقيق الاستقرار الداخلي.

 كما يتوجب العمل جديا على وضع حد للتجاوز على القانون، وللعمل خارج منظومة الدولة الرسمية، والسعي الى تهيئة مستلزمات التطبيق الفعلي والعملي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، وما يتطلبه من إلغاء أي وجود عسكري خارج الأطر القانونية ومؤسسات الدولة المعنية. كذلك عدم السماح بأي وجود للتشكيلات المليشياوية .

وفي هذه الذكرى العطرة نشدد على أهمية وضرورة العناية بعوائل الشهداء والمصابين، وتقديم المساعدات لهم وتسهيل معاملاتهم، بعيدا عن البيروقراطية والتمييز .

ألف تحية لجيشنا العراقي في مئويته المجيدة.

عرض مقالات: