رغم التسويف والمماطلة وما واجهته الانتفاضة من عنف وتشويه وتنكيل وقتل عمد، عاد المنتفضون السلميون ليجددوا تأكيد شرعية مطالبهم وسلمية تعاملهم، رغم ما اعدته قوى الإعاقة المختلفة  من أساليب رخيصة  لانهاء  الانتفاضة وطي صفحتها وإبقاء الحال على ما هو عليه.

يوم اول امس  ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر) خرج الالاف من أبناء شعبنا الرافضين للفساد والمحاصصة، شيبا وشبابا ، نساء ورجالا ، ليجددوا انتفاضتهم، ويقولوا بجلاء ان المنظومة المتنفذة المعزولة غير قادرة على معالجة مشكلات البلاد، وان الأوان آن للتغيير الشامل بالضغط الشعبي السلمي والكلمة الحرة وتعبئة الرأي العام.

توجه  المحتجون في الذكرى السنوية للانتفاضة  بمسيرات سلمية في بغداد والمحافظات المختلفة نحو ساحات الاعتصام وسط تأييد شعبي واسع، مساهمين في فعاليات  احتجاجية متنوعة سلمية، حاملين الشعارات المعروفة التي طالما رفعوها وشددوا عليها.

صباح ذلك اليوم التشريني  خرج آلاف الطلبة وأعضاء النقابات المهنية والعمالية، بمشاركة  فاعلة  من قوى مدنية وديمقراطية، في مسيرة موحدة انطلقت من امام وزارة التعليم العالي وسط بغداد واتجهت الى ساحة التحرير، التي تنوعت فيها الفعاليات السلمية، في إشارة واضحة الى  ان قوى الانتفاضة مصرّة على تحقيق التغيير المنشود.

كما ساهم المئات في محافظات الوسط والجنوب، في مسيرات حملت صور شهداء الانتفاضة، وشعارات وطنية تؤكد مطالب الانتفاضة المشروعة، وشددت على عدم السماح  باستمرار هيمنة قوى المحاصصة والفساد، وان مطلب  التغيير  لابد ان  يجد طريقه للتنفيذ.

ان حجم المشاركة الشعبية في احياء  الذكرى الأولى للانتفاضة يؤشر  الرفض الواسع للمنهج الفاشل  المتبع في إدارة الدولة، وعجز القائمين عليه عن تلبية  مطالب المنتفضين.  فيما يتبين يوما بعد آخر عدم قدرة المتنفذين على الاستمرار بذات النمط وأسلوب التفكير العقيم، وان لا مخرج  الا بالرضوخ لإرادة الشعب والاستجابة لمطالب المحتجين،  عبر اجراء انتخابات مبكرة وفق شروط الانتفاضة، وليس وفق مقاسات المتحاصصين والفاسدين وسعيهم الى تأبيد سلطتهم.

ومن جانب آخر فان  تمسك عموم  المحتجين بالسلمية، كأسلوب للنضال من اجل تحقيق  المطالب المشروعة، هو الرد القوي على كل حملات التشويه من جانب قوى الإعاقة  للمنتفضين، الذين اكدوا  مرة أخرى ان العنف والقمع لن يثنياهم عن التمسك  بالاحتجاج السلمي.

 لقد بيّنت  فعاليات احياء الذكرى بوضوح ان الانتفاضة تبقى حية، وان قواها  تدرك اكثر فاكثر ان لا تغيير حقيقيا ممكنا للمنهج والأسلوب ونمط التفكير بوجود ذات  الوجوه الفاسدة والفاشلة.

فالف تحية  لشابات وشباب الانتفاضة، وألف تحية لنساء ورجال الانتفاضة، وهم يخطون صفحات مجيدة في تاريخ شعبنا ووطننا، وفق معادلة أساسها الوطن ومصلحة المواطن، بعيدا عن منظومة المحاصصة المتعشقة مع الفساد والاجندات الخارجية.

ولا ننسى ما تقوله التجربة من ان تحقيق المطالَب والمضي قدما الى امام  ودفع الأمور الى نهاياتها المكللة  بالنجاح، يتطلب وعي دروس الانتفاضة وتوحيد قياداتها وشعاراتها وطرح برنامجها الموحد للتغيير، والانفتاح على جميع الشرائح والفئات والمجاميع والقوى الداعمة لمطالبها العادلة والمشروعة.