التقى السيد علي السيستاني، يوم الاحد الماضي في مكتبه بالنجف الاشرف، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت، وصدر بعد اللقاء بيان عن مكتبه اوضح مواقف سماحته من طائفة قضايا مهمة، تمس حياة المواطنين والانتخابات المبكرة والأوضاع السياسية في البلاد.

 وأثار البيان انتباها كبيرا، داخليا وخارجيا، وعكست ردود الفعل الواسعة عليه الاهتمام الملحوظ ليس فقط بما تضمن من توجهات واضحة ، بل وبكونه تناغم وتماهى مع المطالَب الشعبية التي رفعتها الحركات الاحتجاجية وانتفاضة تشرين، والعديد من القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية التي تعمل بإخلاص على انهاء الأوضاع المزرية التي يعيشها البلد، وتدشين حياة جديدة يتطلع اليها العراقيون على اختلاف قومياتهم وطوائفهم واديانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية.

لقد كان البيان بحق قراءة موفقة لما يتوجب القيام به لإنقاذ البلد مما هو فيه من تدهور وتخبط، والتصدي لطائفة من المهام العاجلة التي لا تقبل التاجيل. فكرس اهتماما كبيرا للانتخابات المبكرة المقرر اجراؤها في العام القادم، وشدد على توفير الشروط الضرورية لاضفاء درجة عالية من الصدقية على نتائجها.

كما حذر من ان “مزيدا من التأخير في اجراء الانتخابات، او اجراءها من دون توفير الشروط اللازمة لانجاحها بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين، سيؤدي الى تعميق مشاكل البلد”.

ولَم يترك البيان المسؤولية سائبة او غير محددة، إذ قال ان ذلك اذا ما حدث “ستندم عليه جميع الأطراف المعنية الممسكة بزمام السلطة في الوقت الحاضر”.

ودعا البيان الحكومة وطالبها بالآتي :

- الاستمرار في الخطوات لتطبيق العدالة الاجتماعية.

- السيطرة على المنافذ الحدودية.

- تحسين إداء القوات الأمنية.

- فرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص.

- اتخاذ خطوات جادة واستثنائية لمكافحة الفساد وفتح ملفاته الكبرى.

- “العمل بكل جدية للكشف عن كل من مارسوا اعمالاً إجرامية من قتل أو جرح أو غير ذلك بحق المتظاهرين أو القوات الأمنية او المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامة أوالخاصة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراءعمليات الاغتيال الأخيرة”.

وكان لموضوع السيادة الوطنية حيزه المهم في الموقف المعلن، اذ طالب البيان مختلف الأطراف بالارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية، وعدم التفريط لاي سبب بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسي.

ويمكن القول ان القوى الوطنية والمدنية والديمقراطية، وقوى الانتفاضة والحركة الاحتجاجية والجماهير الشعبية، بيدها الان دعم قوي إضافي لمواصلة زخم الحراك وتصعيد العمل ووتيرته وتنسيق المواقف، لفرض هذه المطالَب العادلة. فهي مطالبها التي انتفضت وقدمت التضحيات من اجل تحقيقها، ولفرضها على الحكومة والقوى المتنفذة كي تقوم بتنفيذها من دون مماطلة او تسويف او تفسيرات خارج سياقها، ومن دون انتقاء عبارات معينة منها، او سعي لايجاد ذرائع للهروب الى امام من هذه المستحقات الوطنية.

نعم انها خارطة طريق للانقاذ. فمن ترى سينفذها ويسير على هديها؟ هنا يكمن المحك! ويبقى القول الفصل للجماهير، لتطلق كلمتها وتفرز الخيط الأبيض من الأسود، فلا تندم يوم لا ينفع الندم!