تنطلق الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة والى تهيئة مستلزمات إجرائها، من ضرورة الاستجابة إلى الصوت الشعبي المتطلع إلى التغيير، بجانب كونها التزاما ثبته رئيس مجلس الوزراء في منهاج حكومته. فالانتخابات تمثل أداة سلمية ودستورية رئيسة لإحداث التغيير.
وحين تتوفر المتطلبات والشروط التي رفعها المنتفضون وغالبية أبناء شعبنا، والعديد من القوى الوطنية والديمقراطية ومنها حزبنا الشيوعي العراقي، فان المنتظر أن تكون الانتخابات رافعة لتغيير جدي في قوام مجلس النواب، بما يجعله اقرب إلى هموم الناس وتطلعاتهم وأقدر على حماية حقوقهم وتوفير مستلزمات العيش الآمن والكريم لهم.
والى جانب تشريع قانون عادل ومنصف، وبناء مفوضية انتخابات مهنية مستقلة وقادرة على النهوض بمهامها، واستكمال تشكيل المحكمة الاتحادية، وإقرار ضوابط ملزمة لتنظيم الحملات الانتخابية، ووضع سقوف مالية لها، وضمان الاشراف الدولي الفاعل على العملية، وتهيئة المستلزمات الفنية والمالية لها، فان الحاجة ماسة الى توفير البيئة السياسية – الأمنية المناسبة لاجرائها، بما يمكن المواطن العراقي من الادلاء بصوته بأمان وحرية، واختيار من يراه مناسبا لعضوية مجلس النواب استناد الى ما يقدمه من برامج ومشاريع، فضلا عن صفاته العملية الأخرى واولها النزاهة والحرص على المال العام والاستعداد الفعلي لخدمة المواطنين والانطلاق من مصلحة الشعب والوطن أولا وقبل كل شي.
من ناحية اخرى تتقاطع العملية الانتخابية كممارسة ديمقراطية، على طول الخط، مع وجود فصائل مسلحة ذات واجهات سياسية وتغول مليشياوي. لهذا يتوجب فرض التقيد الصارم بقانون الأحزاب، وحرمان مثل هذه الكتل من المشاركة في الانتخابات، والتطبيق الفعلي والعملي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، ووضع حد لنشاط الميليشيات والجماعات المسلحة المتمردة على الدولة ونزع سلاحهم، وتقديم من يرفض منهم الى القضاء.
كذلك يتوجب على الحكومة والسلطتين التشريعية والتنفيذية فتح ملفات الفساد، واعتبار ذلك من ضمن متطلبات اجراء انتخابات عادلة. فالفاسدون بما استحوذوا عليه من مال، وما يتوفرون عليه اصلا من أموال، يمكنهم شراء الذمم وتقديم الرشى وتجميع الأصوات بطرق غير نظامية او قانونية بما يضمن اعادة انتخابهم. ومن ذلك حتى شراء البطاقة الانتخابية، الذي ذكرت تقارير إعلامية انه يحدث منذ الان .
ان المطلوب هو اسقاط هؤلاء الفاسدين والمفسدين قضائيا وسياسيا، ومنعهم من الترشح في الانتخابات القادمة، واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، فمكانهم خلف القضبان وليس على مقاعد مجلس النواب .
ولتأمين البيئة الضرورية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعبر فعلا عن خيارات الناخبين، صلة أيضا بالاقدام على إجراءات وخطوات فعالة للكشف عن قتلة المنتفضين والمتظاهرين، والجهات التي أصدرت الأوامر اليهم، وليس الاكتفاء بتحديد مرتكبي الجرائم.
وقد حان الوقت لوقف الجدل بشأن موضوعة الانتخابات المبكرة، فمجلس النواب عند اقراره المنهاج الحكومي صادق ضمنا على اجرائها. وعدا ذلك فان الامر لا يعدو كونه مضيعة للوقت وتعمدا في عدم اجرائها في الموعد المعلن (حزيران ٢٠٢٠).
ان مسؤوليتنا الوطنية والسياسية توجب علينا التحذير من جديد. فعدم تهيئة المستلزمات أعلاه بما يؤمّن اجراء انتخابات تعكس حقا إرادة الناخبين، وتضمن احداث تغيير جدي في قوام مجلس النواب، من شأنه أن يفاقم السخط والتذمر الشعبيين، ويزيد اعداد المواطنين العازفين عن المشاركة في الانتخابات والمعلنين عدم ثقتهم بها، وهذا ينزع الشرعية السياسية والتمثيلية والأخلاقية من المؤسسات المنبثقة عنها. كما ان من شأنه تعريض البلاد الى مخاطر جسيمة، تتحمل مسؤوليتها القوى المتنفذة إن هي أصرت على عدم الاستجابة لمطالب المنتفضين وغالبية أبناء الشعب، وتطلعهم الى اجراء انتخابات حرة نزيهة وعادلة.