احتفل الشيوعيون البريطانيون في الأول من آب الجاري بالذكرى المئوية لتأسيس حزبهم. وفي هذه المناسبة وجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رسالة تهنئة عبّرت فيها عن الاعتزاز بالدعم الذي قدمه الحزب الشيوعي البريطاني للشعب العراقي وقواه الوطنية الديمقراطية وتضامنه الثابت مع نضالها من اجل التحرر والاستقلال والديمقراطية وضد انظمة الاستبداد والدكتاتورية والقمع والارهاب على مدى عقود. وفيما يلي ترجمة لرسالة التهنئة: 

الرفاق الاعزاء

نبعث اليكم بأحر تهاني الشيوعيين العراقيين في الذكرى الـ100 لتأسيس الحزب الشيوعي البريطاني.

في هذه المناسبة، التي تكتسب اهمية خاصة في حياة حزبكم الشقيق، نحيي تاريخ النضال والتضحيات للشيوعيين البريطانيين وتفانيهم في إعلاء القيم السامية للشيوعية وكفاحهم المثابر من اجل مستقبل اشتراكي. وعلى امتداد مئة سنة، إزاء تحدٍ سياسي وايديولوجي هائل في مواجهة واحدة من أقدم القوى الرأسمالية والامبريالية في العالم، رفعوا عالياً الراية الحمراء للاشتراكية والشيوعية والماركسية. ويقدم هذا التاريخ اليوم مثالاً ملهماً للشيوعيين البريطانيين وحلفائهم في الحركة العمالية والمجتمع لتشديد نضالهم في الدفاع عن حقوق الشغيلة والشعب البريطاني ومن اجل تحقيق بديل يساري شعبي. كما انه مثال ملهم لجيل الشباب في بريطانيا فيما يبحث عن بديل لنظام رأسمالي مفلس يلقى الإدانة بعدما تكشفت العيوب المتأصلة فيه وفشله في مواجهة جائحة كورونا ونتائجها الكارثية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والتي ستترك آثارها على حياتهم لسنوات طويلة قادمة. واليوم، اكثر من أي وقت مضى، اصبح دور الحزب الشيوعي والقوى التقدمية، في بريطانيا وفي ارجاء العالم، لا غنى عنه كملهم ومرشد للعمل من اجل التغيير. انه ضروري لبناء مستقبل افضل، من اجل مجتمع خالٍ من الاستغلال وكل اشكال الاضطهاد والعنصرية والفاشية والحروب والفقر والمرض، ويضمن الحرية والحقوق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويرسي أسس الاشتراكية.

الرفاق الاعزاء

وانتم تحتفلون بهذه الذكرى المئوية، يتذكر الشيوعيون العراقيون بفخر دور الحزب الشيوعي البريطاني في تقديم الدعم الأممي والتعبير عن التضامن مع المناضلين ضد الفاشية والحرب وفي بناء حركة السلام العالمية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مشاركة الشيوعيين البريطانيين في “الألوية الأممية” ونضالهم الباسل ضد فاشيي فرانكو في اسبانيا. وأحد الأمثلة الأخرى مساهمتهم في النضال ضد نظام الفصل  العنصري (الأبارتايد) في جنوب افريقيا.

كما ساند الحزب الشيوعي  البريطاني حركات التحرر الوطني في النضال ضد الاستعمار البريطاني ومن اجل الحرية والاستقلال الوطني. واكتسب هذا التضامن اهمية خاصة بالنسبة الى الشيوعيين العراقيين في النضال المرير لنيل الاستقلال الحقيقي بعد ان وقع العراق تحت الاحتلال البريطاني في 1917. واستمر هذا النضال حتى ثورة 14 تموز 1958 التي اطاحت بالنظام الملكي الرجعي الذي كان تابعاً لبريطانيا.

ويتذكر الشيوعيون العراقيون بفخر العلاقة التي تطورت مع الحزب الشيوعي البريطاني خلال الأربعينات من القرن الماضي. فقد سعى بقوة الى إنقاذ حياة الرفيق فهد (يوسف سلمان يوسف)، مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي وقائده، عندما حُكم عليه بالاعدام بعد اعتقاله في 1947. وتحت ضغط هذه الحملة العالمية جرى تخفيف الحكم الى السجن مدى الحياة. ولكن بسبب الدور الذي لعبه حزبنا الشيوعي في الانتفاضة الشعبية (وثبة كانون) ضد معاهدة بورتسموث في 1948، جرى إعادة محاكمته مع اثنين من رفاقه في المكتب السياسي، وحُكم عليهم بالاعدام ونُفّذ الحكم في 14 شباط 1949. 

وفي اعقاب الانقلاب الفاشي الدموي في 8 شباط 1963، المدعوم من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي آي أي)، الذي جرى فيه تصفية آلاف الشيوعيين ومؤيديهم جسدياً، ساند الشيوعيون البريطانيون مرة أخرى حملة تضامن عالمية لفضح حمام الدم ووقفه. 

كما قدم الشيوعيون البريطانيون دعماً حيوياً لحملة التضامن التي انطلقت في بريطانيا في 1979 بعد تصاعد حملة القمع التي شنها نظام صدام البعثي الفاشي ضد الشيوعيين والديمقراطيين. وتواصل هذا الدعم التضامني للشعب العراقي على مدى اكثر من عقدين عاني خلالها شعبنا كوارث الحرب العراقية – الايرانية والعقوبات الاقتصادية بعد غزو صدام للكويت. وشارك الشيوعيون العراقيون في التظاهرات المناهضة للحرب، الى جانب الشيوعيين البريطانيين، عشية الحرب والاحتلال الامريكي للعراق في 2003، تحت شعار “لا للحرب .. لا للدكتاتورية”. واستمرت أواصر الصداقة والتضامن بين حزبينا خلال السنوات اللاحقة على الرغم من النضال الصعب الذي خاضه حزبنا والقوى الديمقراطية في ظل ظروف معقدة ضد الاحتلال والطائفية السياسية والفساد والارهاب، ومن اجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، ولبناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية.

ايها الرفاق الاعزاء

بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد حزبكم، نغتنم هذه الفرصة للتعبير مرة أخرى عن تقديرنا لتضامنكم الأممي مع شعبنا والديمقراطيين والشيوعيين العراقيين.

نحيي بحرارة كل أعضاء الحزب الشيوعي البريطاني ومؤيديه، ونتطلع الى تعزيز وتطوير العلاقات التاريخية والروابط الأممية بين حزبينا في النضال المشترك من اجل الحرية والسلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية. 

مع أحر تحياتنا الرفاقية

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

30 تموز 2020