يكتسب هذا الموضوع أهميته بالنظر الى الأوضاع الداخلية التي يمر بها البلد، وما يحيط به من تطورات إقليمية ودولية، وما تتطلبه مستحقات التصدي الى داعش والإرهاب ودحرهما، والدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله وصيانة مصالح الشعب.
والإصلاح المطلوب كضرورة وطنية يشمل توجهات ومقاربات عدة، تتعلق بتطوير القوات العسكرية والأمنية، ورفع كفاءتها وقدراتها وامكاناتها وجهوزيتها وتدريبها، وان يشمل ذلك مختلف الصنوف والتشكيلات، إضافة الى مواصلة تسليحها وملاقاة الجديد وتنويع مصادر السلاح.
ومن جانب آخر تبرز مهمة إعادة بناء المنظومة كامر ملح، وان يتم ذلك على أساس عقيدة وطنية قوامها الإخلاص للوطن والولاء له وليس لاي عنوان اخر، الى جانب ادراك منتسبي المنظومة العميق لمهامهم الدستورية، ومواصلة التوعية بذلك بما يقود الى قناعة راسخة، بانها ليست أداة قمع للمواطنين، بل على العكس تماما. وهذا يتطلب المزيد من التدريب وإقامة الورش التطبيقية بشأن الدستور وما يتضمن من حقوق وواجبات. كذلك الاطلاع الجيد على لوائح حقوق الانسان، والانطلاق أولا وأخيرا من حقيقة ان المواطن وكرامته وحقوقه مصانة وغير قابلة للانتهاك تحت أي مسمى، بما في ذلك حقه في التعبير السلمي عن مواقفه وآرائه، وفِي الاحتجاج والتظاهر.
وتتطلب إعادة بناء المنظومة أيضا تخليصها من الفاسدين والمرتشين و"الفضائيين"، وابعادها عن المحاصصات عَلى اختلاف أنواعها، وعن الولاءات لهذه الجهة السياسية او تلك، واسناد المسؤوليات فيها الى العناصر الكفؤة والمهنية والنزيهة والمخلصة والوطنية، والمستعدة للتقيد باحكام الدستور والقوانين.
وتتطلب خطوات الإصلاح العمل الفوري على انهاء مظاهر التجاوز على الدستور والقانون، وانهاء أي تحرك خارج سياق منظومة الدولة الرسمية والسياسات التي ترسمها السلطتان التنفيذية والتشريعية، وان يصار في نهاية المطاف الى التطبيق الفعلي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، وانهاء أي وجود للتشكيلات المليشياوية على اختلاف تسمياتها وعناوينها.
ويتوجب على القائد العام للقوات المسلحة ايضا أن يتحمل مسؤوليته كاملة في السيطرة وتوجيه المؤسسات العسكرية والأمنية على اختلاف صنوفها وتشكيلاتها، لإنهاء التجاوزات والخروقات التي تهدد السلم الأهلي والسيادة الوطنية، وتصادر دور الدولة، وفي التحكم بالقرار العملياتي فيها.
ويتوجب ان تقود هذه الإجراءات والخطوات الى جعل منظومات الدولة العسكرية والأمنية، لا غيرها، مسؤولة عن حفظ الامن والنظام، وعن التعامل مع المتظاهرين والمحتجين والمعتصمين، وابعاد الحمايات الشخصية والمليشيات وسواها عن هذه المهمة، وان يكون قرار التعامل ووجهته نافذا وساري المفعول على صعيد بغداد والمحافظات.
ان من شأن مهنية المنظومة العسكرية – الأمنية وانضباط منتسبيها وتقيّدهم بمهامهم الدستورية، كذلك وحدة القرار في عملياتها ومركزيته، ان تؤدي الى طمانة المواطنين وتسهم في تحقيق الاستقرار، وتبعث الى العالم رسائل تؤشر استعادة الدولة هيبتها وسلطتها وقوة القانون.