وجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رسالة تحية الى المؤتمر الـ 28 للحزب الشيوعي الياباني الذي عقد في الفترة 14 الى 18 كانون الثاني الجاري. وعبّر نائب رئيس الحزب الشقيق، الرفيق ياسو اوغاتا، عن تقديره رسالة التحية، مشيراً الى انها وزّعت على اعضاء المؤتمر وستنشر في صحيفة الحزب "اكاهاتا" (العلم الأحمر). 

وجاء في رسالة التحية ان "مؤتمركم الـ 28 حدث مهم يعزز النجاح الكبير الذي تحقق في انتخابات مجلس الشيوخ في تموز 2019، من خلال تطوير وحدة عمل عريضة بين قوى المعارضة. كما انه يكتسب اهمية خاصة في إغناء سياسة حزبكم على المستويين الوطني والدولي. وبهذا الشأن، نتطلع الى نتائج المؤتمر، خصوصاً ما يتعلق بدعم حزبكم لانشاء نظام عالمي للسلام يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وتطوير التعاون الاقليمي من اجل السلام".

واشارت رسالة اللجنة المركزية للشيوعي العراقي الى "التطورات الخطيرة في الفترة الاخيرة، مع التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة وايران، والانتهاك الفظ للسيادة الوطنية لبلادنا، الذي دفع المنطقة الى حافة حرب مدمرة اخرى. ويمثل هذا الوضع تهديداً خطيراً للسلام في الشرق الاوسط والعالم. لقد عانى شعبنا العراقي من ويلات الحرب مرات عدة في العقود الاخيرة بسبب المغامرات العدوانية للدكتاتورية والحرب والاحتلال الامريكي، بالاضافة الى ما قاساه جراء العقوبات الاقتصادية الدولية". واضافت ان "حزبنا يدين بقوة انتهاك السيادة الوطنية للعراق من أي طرف. كما نقف بثبات ضد تحويل وطننا الى ساحة لتصفية الحسابات والعمليات الانتقامية المتبادلة بين الولايات المتحدة وايران. يجب ان لا يكون شعبنا وشبابنا وقوداً لحرب لا علاقة لهم بها اطلاقاً".

"لذا ينبغي ان تبذل كل الجهود من اجل تجنيب شعبنا كوارث النزاعات العالمية والاقليمية. ويجب نزع فتيل هذه النزاعات وتسويتها بوسائل سلمية ودبلوماسية، عبر احترام القوانين والاعراف الدولية وضمان السلام والأمن. ان لكل شعب الحق في أن يقرر مصيره بنفسه وفقاً لإرادته الحرة، من دون تهديدات وتدخل خارجي".

وعرضت رسالة التحية الاوضاع في البلاد منذ تفجر الانتفاضة الشعبية في 1 تشرين الاول (اكتوبر) 2019، "التي تتواصل بلا هوادة رغم القمع الدموي غير المسبوق من قبل النظام والقوات الامنية وميليشيات". وأشارت الى ان "هذه الانتفاضة الباسلة، التي يشارك فيها الشباب بشكل رئيس مع دور مهم للنساء، فجّرتها احتجاجات ضد الفساد المتفشي والفقر والبطالة. لكنها تحولت الى انتفاضة جماهيرية ضد نظام المحاصصة الطائفية – الاثنية الذي فُرض على البلاد إثر الغزو والاحتلال الامريكي في 2003. انها معركة من اجل التغيير، للخلاص من هذا النظام السياسي الفاسد وفتح الطريق الى البديل الديمقراطي: دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية. ان هذا البديل لا غنى عنه ايضاً لضمان السيادة الوطنية للعراق واستقلاله الحقيقي".

وسلّطت رسالة التحية الضوء على حصيلة القمع الدموي المريعة، ومقتل أكثر من 500 من المتظاهرين واصابة أكثر من 25 الفاً بجروح. "لكن الارقام الحقيقية لعدد الضحايا هي أعلى من ذلك. وتستمر اعمال القتل والاغتيالات للنشطاء الشباب. وهي موثقة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية ومحلية مدافعة عن حقوق الانسان". 

واشارت الرسالة الى المشاركة النشيطة للشيوعيين وأنصارهم في الانتفاضة المتواصلة واستتشهاد عدد منهم واصابة آخرين بجروح وتعرضهم الى الاعتقال. 

واوضحت انه "رغم الاعتقال الوحشي فان القاعدة الاجتماعية للانتفاضة قد اتسعت لتضم مئات الآلاف من طلبة الجامعات والمدارس. وتلقوا الدعم من نقابة المعلمين. كما انضمت الى الاحتجاجات نقابات عمالية ومهنية، ونظمت اعتصامات وتجمعات جماهيرية. وفي تحدٍ شجاع للقمع والتهديدات خرج مئات ألوف من العراقيين يوم الجمعة، 10 كانون الثاني، الى ساحة التحرير في بغداد وسوح التظاهر في محافظات اخرى، مصممين على مواصلة الاحتجاحات حتى تلبية مطالبهم المشروعة". 

وقالت رسالة التحية ان "الشيوعيين العراقيين طالبوا بالوقف الفوري لأعمال القتل وإطلاق سراح جميع المعتقلين وانهاء حملة الاعتقالات والاختطاف التي تستهدف النشطاء المدنيين. ويجب تشكيل هيئة مستقلة للتحقيق في الجرائم والكشف عن منفذيها وتقديمهم الى العدالة".

وعرضت موقف الحزب الشيوعي ومطالبته بتشكيل حكومة انتقالية من شخصيات كفوءة ونزيهة، بعيداً عن المحاصصة الطائفية، تتمتع بصلاحيات استثنائية لاصلاح النظام الانتخابي والتهيئة لانتخابات مبكرة. كما اشارت الى مطالبته برفع كل القيود عن وسائل الاعلام واحترام الحق الدستوري في التجمع وحرية التعبير، ووضع السلاح تحت سيطرة الدولة وحظر الميليشيات. كما يؤكد الحزب على ضرورة القيام باجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لمكافحة الفساد المتفشي ومعالجة البطالة خصوصاَ وسط الشباب، واعادة بناء الصناعة الوطنية والتعامل مع الأزمات في الصحة والتعليم والإسكان.   واضافت الرسالة انه "في هذه الاوقات العصيبة التي يمر بها العراق، نتطلع الى المزيد من الدعم والتضامن العالمي مع الشعب العراقي وقواه الديمقراطية، ومع حزبنا الشيوعي، لتحقيق المطالب المشروعة للانتفاضة الشعبية ودحر الطائفية السياسية وتحقيق الوحدة الوطنية وبناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية".

وعبّرت اللجنة المركزية في ختام رسالة التحية عن تقديرها العالي لتضامن الشيوعيين اليابانيين مع الشعب العراقي. وقالت "نتطلع الى تعزيز وتطوير الصلات والتعاون الرفاقي بين حزبينا في النضال المشترك من اجل الحرية والسلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية".

نجاح انتخابي

ويشار الى ان الحزب الشيوعي الياباني، الذي يضم في صفوفه أكثر من 300 ألف عضو، تمكن من تحقيق تعاون سياسي عريض بين احزاب وشخصيات المعارضة في الفترة التي اعقبت مؤتمره السابق في كانون الثاني 2017، فيما تنامت مجموعة متنوعة من الحركات الشعبية المعارضة لحكومة تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كومي برئاسة شينزو آبي. وتوحدت احزاب المعارضة في انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت في تموز 2019 وقدمت مرشحين مشتركين في كل من الدوائر الـ 32 ذات المقاعد الفردية وتمكن من دحر مرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي في 10 منها. وبذلك فشل الحزب الحاكم في الحفاظ على غالبيته في مجلس الشيوخ ولم يتمكن المؤيدون لمراجعة الدستور من الحصول على غالبية الثلثين الضرورية لاجراء تعديلات عليه. ومع هذا التقدم الانتخابي يستعد الحزب الشيوعي الياباني لتحقيق نجاح أكبر في الانتخابات العامة المقبلة.

مهمات المؤتمر

وكان على جدول عمل المؤتمر الـ 28 للحزب الشيوعي الياباني تحديد هدف رئيس لتشكيل حكومة جديدة من قبل احزاب المعارضة، ورسم توجهات سياسية جديدة لتحقيق التقدم في الانتخابات المقبلة، وتعزيز التعاون بين احزاب المعارضة من خلال تحليل دقيق للوضع في البلاد وعلى الصعيد الدولي، وتحديد الاهداف التي يسعى الحزب الى تحقيقها.

وتضمن جدول العمل ايضاً مراجعة جزئية لبرنامج الحزب في ضوء التغيرات الاخيرة في الوضع العالمي. ويشار الى ان الحزب أطلق "حملة كبيرة لبناء الحزب" تهدف الى كسب اعضاء جدد ومشتركين جدد في صحيفة "أكهاتا" (العلم الأحمر) الناطقة باسمه، التي تأسست عام 1928 وتوزع مليون و200 ألف نسخة.