رشيد غويلب
شهدت تركيا يوم الاحد الفائت انتخابات الرئاسة والبرلمان. وحسب معطيات لجنة الانتخابات العليا، وبعد فرز 99 في المائة من الأصوات، حسم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الانتخابات الرئاسية لصالحة في الجولة الأولى، وحصل على 52,6 في المائة. وحل ثانيا مرشح الحزب الجمهوري بحصوله على 30,6 في المائة، وجاء مرشح حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرتاش، الذي خاض الانتخابات من السجن، ثالثا وحصل على 8,6 في المائة، وحلت رابعا المرشحة القومية المتطرفة ميريال اكسنر بحصولها على7,3 في المائة. ووفق النظام الرئاسي الذي سيجري العمل به بعد الانتخابات مباشرة، سيلغى منصب رئيس الوزراء، وسيجمع أردوغان سلطات واسعة جدا في يده.
وهو ما دفع المعارضة الى التحذير من "سلطة الفرد" .
وفاز حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم في الانتخابات البرلمانية بالموقع الأول، وحصل على 42,5 في المائة، يليه الحزب الجمهوري (الكماليون) بـ 22,6 في المائة، وحصل حزب الشعوب الديمقراطي( تحالف يضم التيار الساسي في حركة التحرر الوطني الكردستانية، واحزاب وشخصيات يسارية تركية) على 11,7 في المائة (74 مقعدا)، وحزب الحركة القومية (عنصري متطرف) بـ 11,1 في المائة، واخيرا حزب "الخير/ الجيد" وهو حزب قومي محافظ بـ 11,1 في المائة. وبهذا تمتع أردوغان وحلفاؤه العنصريون بأكثرية برلمانية 340 مقعد من مجموع مقاعد البرلمان البالغ 600 مقعد. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 88 في المائة.
وبعد اعلان النتائج اعتبر اودوغان الانتخابات عرسا ديمقراطيا، وانها سترسم مسارات البلاد لخمسين سنة قادمة. وكان أردوغان قد اعلن مسبقا فوزه، حتى قبل ان تعلن النتائج الأولية الرسمية. ويحكم أردوغان البلاد منذ 15 عاما، واتاح له التعديل الدستوري الاستمرار في حكم البلاد، في حال تكرار انتخابه لدورتين رئاسيتين مقبلتين.
اعلان النتائج قبل اجراء التصويت
وكانت وسائل اعلام خاصة مقربة من حزب الرئيس قد اعلنت نتائج الانتخابات يوم الخميس الفائت، اي قبل يوم الاقتراع بثلاثة ايام، وبموجب النتائج المعلنة فان الرئيس فاز بالجولة الأولى وحصل على 52,73 في المائة، وقد نقلت وكالة الانضول للأنباء هذه المعطيات "المسربة"، ولكن الوكالة عادت وقالت ان الاعلان جاء نتيجة القيام بتجربة تقنية. من جانبها اعتبرت احزاب المعارضة الرئيسة ان فضيحة اعلان نتائج مسبقة تهدف الى نشر حالة من الاحباط بين اوساط ناخبي المعارضة، وبالتالي عدم الجدوى من المشاركة في التصويت.
تلاعب وتزوير
وقال بولنت تيزكان ، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري ، للصحفيين في أنقرة إنه وفقاً للنتائج الجزئية المتوفرة لديه، فان أردوغان لم يتجاوز نسبة 48 في المائة. وفي اطار عرقلة عمل المراقبين الاجانب، اكدت وزارة الخارجية الألمانية نبا اعتقال ثلاثة مراقبين ألمان، وصلوا الى تركيا بدعوة من حزب الشعوب الديمقراطي. وكانت السلطات التركية قد منعت في وقت سابق اعضاء من كتلة اليسار الألماني من دخول الاراضي التركية للمشاركة في مراقبة الانتخابات بحجة تحيزهم لصالح المعارضة الكردية.
وتحدث مراقبون عن مخالفات صريحة، ، خاصة في المناطق الكرديةا. وعن اشتباكات خلال الانتخابات ادت الى مقتل رئيس حزب "الخير/ الجيد" القومي المحافظ في مقاطعة ارضروم التركية الشرقية ، وتحدثت انباء عن مقتل اشخاص آخرين بسبب نزاع عائلي.
وتناولت وسائل اعلام محلية حالات تلاعب في 13 مدينة على الأقل. وقيام انصار الحزب الحاكم بتزوير ارادة الناخبين، وقامت طائرات عسكرية بنقل صناديق الاقتراع، و في العديد من المدن ضغطت الشرطة وقوات الامن على الناخبين بغية تغيير خياراتهم. وقامت في 30 قرية بمنع مراقبي حزب الشعوب الديمقراطي من دخول المراكز الانتخابية، واغلقت اخرى لاجبار الناخبين على السير 25 كم لكي يتمكنوا من اعطاء اصواتهم. وتم العثور على استمارات انتخابية تعود لمرشحي المعارضة في حاويات القمامة.
تأكيد حضور اليسار
وعلى الرغم من اجراء الانتخابات في ظل حالة الطوارئ، منذ الانقلاب الفاشل، وممارسة اردوغان الحكم بالمراسيم غير القابلة للنقض من قبل المحكمة الدستورية، والقمع والمطاردة التي تركزت على حزب الشعوب الديمقراطي وقوى اليسار التركي طيلة السنوات الثلاث الماضية، والحرب غير المعلنة ضد المدن الكردية، والتزوير والتلاعب، استطاع حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يعد ممثلا لاطياف واسعة من اليسار التركي عبور العتبة الانتخابية (10 في المائة) والحفاظ على تمثيل جيد له في البرلمان المقبل، وتقدم الحزب القوائم المتنافسة في المناطق الكردية.