رشيد غويلب
ستشهد ايطاليا في 4 اذار المقبل انتخابات برلمانية عامة. وتبدو اللوحة المتوقعة قاتمة. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، عاشت إيطاليا انزلاقا نحو اليمين في جميع الأحزاب السائدة وهجوما هائلا على حقوق العاملين بأجر.. وبالتالي فالإغراء كبير في التصويت لـ"اهون الشرين" في الانتخابات المقبلة. لهذا اصبح من الضروري تجميع اصوات المستغلين والمضطهدين، وجميع الساعين إلى تحقيق تغيير جذري. وبالنظر لعدم تحقيق جميع محاولات السنوات السابقة هدف بناء تحالف مؤثر لقوى اليسار الجذري، اطلق مشروع تحالف „Potere al Popolo“ (سلطة الشعب) تأسيس التحالف (الحركة)

في 18 تشرين الثاني الفائت تجمع في مسرح "ايطاليا" بالعاصمة روما اكثر من 800 ناشط، للمشاركة في الاجتماع الوطني الأول لتحالف "سلطة الشعب". وكان حضورا متنوعا للشبيبة وللأجيال السابقة، نساءً ورجالا. وسياسيا مثل الحضور شيوعيي ايطاليا على اختلاف مسمياتهم، ومنظمات الدفاع عن البيئة، ومنظمات نقابية قاعدية، والعديد من المجموعات والمبادرات الفاعلة في الحركة الاجتماعية. والى جانب ذلك جرى تنظيم 150 مؤتمرا محليا، ويعتبر مؤسسو الحركة ما تم انجازه نجاحا كبيرا.
وفي 17 كانون ألأول 2017 تم الإعلان عن ولادة التحالف، بحضور ضيوف امميين مثلوا العديد من قوى اليسار منهم: اليسار الاسباني المتحد، الحزب الشيوعي الاسباني، حزب اليسار الأوربي، و"حركة فرنسا الأبية" بزعامة جان لوك ميلنشون.
لقد اطلقت الدعوة لتشكيل التحالف عبر شريط فيديو سجله ناشطو "المركز الاجتماعي" في مدينة نابولي، من أجل تمثيل أنفسهم في الانتخابات البرلمانية القادمة بسبب الافتقار إلى بدائل مقبولة، ولتوحيد القوى السياسية والاجتماعية التي تعمل على النهوض بالعمل الأساسي اليومي في جميع انحاء البلاد ضد ظروف الاستغلال والاضطهاد السائدة.

اهداف التحالف

يعمل التحالف من اجل استعادة حقوق العمال المكتسبة، والتي عملت حكومات اليمين ويسار الوسط طيلة الـ25 عاما الماضية على إلغائها، او تقليصها. ويناضل التحالف من اجل الغاء قانون "اصلاح" سوق العمل الذي اقر في عهد رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي، والذي منح الشركات مرونة كبيرة على حساب حقوق العمال والضمانات الاجتماعية. ومقاومة تعديل قانون التقاعد الذي يمس حقوق النساء بدعوى مساواتهن مع الرجال. وكذلك الخلاص من العمل الجبري غير المدفوع الأجر للتلاميذ والطلاب، او ما يسمى بـ"التناوب بين المدرسة والعمل". وفي الجانب الاجتماعي يؤكد التحالف على حقوق المهاجرين، الذي اصبح احد الملفات التي يوظفها اليمين الشعبوي في العديد من البلدان لتحقيق نجاحات انتخابية. وكذلك يعطي التحالف اهمية لتعزيز نظام الصحة العامة، والدفاع عن البيئة. وسيكون البرنامج السياسي الانتخابي انعكاسا للنشاطات اليومية للقوى المشتركة في الحركة.

طبيعة التحالف

عكست النقاشات التي دارت خلال الأشهر الثلاثة الماضية بوضوح إن التحالف، لا يحصر استمرار عمله بنتائج الانتخابات، او بعدد المقاعد التي سيحصل عليها، وانما التوجه هو تعزيز دوره السياسي والتعبوي، حتى بعد حسم المعركة الانتخابية المقبلة. وانطلاقا من هذه الحقيقة عمل الاعلام الايطالي السائد على تجاهل التحالف وعدم متابعة انشطته، والملفت للنظر إن الاهتمام خارج ايطاليا بما يدور في ساحة اليسار اكبر بكثير من مثيله داخلها. ولكن الأسابيع الاخيرة شهدت اهتماما داخليا متزايدا بالتحالف، لكونه الوحيد الذي يتناول ملفات تعتبرها الأوساط التقليدية غير مريحة.
قوى يسارية اخرى

منذ قرابة عشرين عاما تعاني ساحة اليسار الإيطالي من عدم وجود اطار مؤثر لقوى اليسار الجذري، التي عانت طيلة هذه السنوات من التشظي، وهذ لا يعني عدم وجود تحالفات او مجاميع اخرى تتبني توجهات يسارية، والمثل الأكثر راهنية هو تحالف "Liberi e Uguali" (أحرارا ومتساوون) الذي تقوده شخصيات خرجت من معطف الحزب الديمقراطي، والتي تركز على اضعاف هيمنة رنزي على الحزب، ومن ثم تعود اليه، لكي تسيطر على قيادته. ويرى قادة تحالف "سلطة الشعب"، إن التخطيط لقيام هذا التحالف تم بعيدا عن ديناميكيات الصراع الاجتماعي والحركة. وهذا هو الطريق لإعادة بناء اليسار الجذري. وهذه الانتخابات هي محطة صراع مهمة وليست هدفا في حد ذاتها.