باستياء وغضب نتابع يوماً بعد يوم قرارات حكومية تصدر ومواقف نيابية تُعلن ودعاوى قضائية يرفعها البعض ذات محتوى رجعي متشدد تسعى لفرض المزيد من القيود على الحريات الشخصية، والتدخل الفجّ في تفاصيل الحياة الخاصة للأفراد، وتكريس نمط محدد من السلوك بمعايير متزمتة والتضييق على الخيارات الخاصة للناس، والإيغال في تهميش المرأة، ومنع احتفالات وفعاليات فنية أو اجتماعية أو رياضية او ترفيهية، وحظر قنوات تلفزيونية، واعتماد الفتاوى أساساً للقرارات الحكومية، وتصفية ما تبقى من الطابع المدني للدولة.

وهذا ما أصبح يشكّل واقعاً اجتماعياً بائساً ونهجاً سائداً أقرب ما يكون إلى واقع الحال والنهج المتبع في الدول الشمولية الدينية، وهو ما يتناقض مع الطبيعة المنفتحة للمجتمع الكويتي والأسس المدنية التي يقوم  عليها دستور البلاد، بما في ذلك تجاوز ما نصت عليه المادة الثانية من الدستور بشأن كون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع، وفرض المحاولات المتكررة لتنقيحها بحيث أصبحت المصدر الوحيد للتشريع، فيما يتم تجاهل وتهميش مصادر التشريع الأخرى، ما يمثّل انقلاباً على الأسس الدستورية المدنية التي بنيت عليها الدولة الكويتية الحديثة.

إننا في الحركة التقدمية الكويتية، في الوقت الذي نحترم فيه المعتقدات الدينية والموروثات الاجتماعية على تنوعها، إلا أنّ هذا لا يعني استسلامنا أمام ما يجري فرضه من استغلال لهذه المعتقدات والموروثات كواقع تشريعي وكنمط شمولي مفروض لتشكيل الحياة الخاصة للناس وتقييد الحرية الشخصية، والتمهيد لمشروع الأحزاب الدينية في إقامة دولة على شاكلتها.

ومن هنا فإننا ندعو المواطنين والقوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى التصدي لهذا الواقع الذي يجري فرضه على الدولة والمجتمع والأفراد في الكويت... ونرى أنّ السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي الطفيلي صاحبة مصلحة في تكريس هذا الواقع المتخلف لإشغال المجتمع الكويتي في مثل هذه الأوضاع ومنعه من الالتفات نحو قضاياه الأساسية في محاربة الفساد السياسي والمالي والإداري والنهب المنظم لمقدرات الدولة والحفاظ على مكتسباته الاجتماعية والتصدي لنهج خصخصة النفط والتعليم والصحة وتصفية القطاع العام.

 

الكويت في ٣ فبراير/شباط ٢٠٢٢