وأخيرا أعلنت المحكمة الانتخابية في بيرو، الاثنين الفائت رسميا فوز المرشح اليساري بيدرو كاستيلو بالانتخابات الرئاسية. وفقًا للإعلان انتصر معلم المدرسة الابتدائية والقائد النقابي ومرشح حزب "حرية بيرو" الماركسي على منافسته ابنة الدكتاتور السابق ومرشحة اليمين كيكو فوجيموري بفارق 44.058 ألف صوتًا.

لقد مرت ستة أسابيع كاملة على اجراء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة. وبسبب النتيجة المتقاربة للغاية، وظفت فوجيموري كل ما في جعبتها لعدم الاعتراف بالنتائج وعدم الإقرار بهزيمتها، واتهمت كاستيلو وأنصاره بـ "تزوير الانتخابات" وقدمت أكثر من 270 شكوى ونداء إلى مجلس النواب. لقد وجدت المحكمة الانتخابية ان هذه التهم لا أساس لها من الصحة.

بعد الإعلان الرسمي عن النتائج شكر كاستيلو "شعب بيرو على هذا الانتصار التاريخي". وغرد على موقعه في تويتر: "لقد حان الوقت لدعوة جميع قطاعات المجتمع للعمل معًا لبناء بيرو موحدة وشاملة وعادلة وحرة". وأعلن المرشح اليساري: "اليوم تبدأ مرحلة جديدة في تاريخنا ".

في الأسابيع التي تلت جولة الانتخابات الثانية، تظاهر أنصار اليمين بانتظام ضد فوز كاستيلو. وكرروا ممارسة العنف الشديد.  ودمر أنصار فوجيموري، بدعم من الجماعات الفاشية، أجزاء من وسط العاصمة ليما.  ومنعتهم الشرطة من اقتحام القصر الرئاسي، مستخدمة الغاز المسيل للدموع.  لقد كان هدفهم إجبار الرئيس المنتهية ولايته فرانسيسكو ساغاستي على الدعوة لانتخابات جديدة من أجل منع كاستيلو من تولي مهام منصبه.

منذ فوز كاستيلو في جولة الانتخابات الأولى، دأب اليمين والبرجوازيون البيض، بالتعاون مع وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد، على شن حملة تشهير تتسم بالعنصرية وتستند على ذخيرة معاداة الشيوعية. وصعدت فوجيموري أيضًا في يوم الإعلان الرسمي، مصرة أنها "متأكدة تمامًا من أن البيروفيين لن يسمحوا لبدرو كاستيلو بتحويل بيرو إلى كوبا أو فنزويلا". و"بيرو بحاجة إلى جميع القوى الاجتماعية والسياسية، متحدة في مواجهة التحدي الكبير المتمثل في ايقاف الشيوعية". وبالمقابل ومن مقر حزبه في العاصمة ليما، دعا كاستيلو خصمه إلى وقف الهجمات: " ارجو السيدة فوجيموري إلى عدم وضع المزيد من العراقيل حتى نتمكن من دفع البلاد إلى الامام".

ويمثل كاستيلو، الذي اشتهر على الصعيد الوطني لدوره في إضراب المعلمين في عام 2017، قطيعة مع السياسات التقليدية في بيرو. وخلال الحملة الانتخابية، ركز على سكان الريف، الذين هم في الغالب من سكان البلاد الأصليين (الهنود الحمر)، والذين يتعرضون للاحتقار العرقي والمهمشين بقوة من قبل "النخب" في العاصمة. ويتضمن برنامجه الانتخابي تأميم الموارد الطبيعية وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة.

وسنرى إلى أي مدى يستطيع الرئيس الجديد تنفيذ البرنامج الجذري، في مواجهة الضغط الهائل من دوائر رأس المال ووسائل الإعلام. بعد المؤشرات الأولية لفوز كاستيلو في الانتخابات، انهارت الأسعار في سوق الأسهم في البلاد، وفي نهاية حزيران، حاول الرئيس المستقبلي طمأنة المستثمرين، وأعلن أنه يريد إبقاء مدير البنك المركزي في بيرو، خوليو فيلاردي، على رأس المؤسسة المالية. وسيتولى كاستيلو مهام منصبه رسميًا في 28 تموز الحالي، الذي يصادف الذكرى المئوية الثانية لإعلان استقلال البلاد.

 

عرض مقالات: