طريق الشعب

قدم قائد قوات الدفاع الأسترالية، أنجوس كامبل اعتذارًا مباشرا للشعبين الأفغاني والأسترالي، عن جرائم تورطت فيها القوات الخاصة الأسترالية في أفغانستان.
وكان تقرير قد صدر عن المفتش العام لقوات الدفاع الأسترالية بعد تحقيق استمر أربع سنوات بشأن سلوك القوات الأسترالية الخاصة في أفغانستان بين عامي 2005 و2016. وأفاد التقرير بوقوع 39 جريمة قتل غير قانونية لأشخاص على أيدي أفراد القوات الخاصة الأسترالية أو تورطهم فيها. وأن عمليات القتل لم تحدث خلال المعارك.
وأكد المفتش العام: “القتل (بشكل عام) والقتل غير القانوني للمدنيين والسجناء أمر غير مقبول على الإطلاق، ومن واجبي وواجب زملائي أن أعيد الأمور إلى نصابها الصحيح”، و” أعتذر بصدق ودون تحفظ لشعب أفغانستان عن أي مخالفات ارتكبها الجنود الأستراليون”.
ووصف القاضي الأسترالي بول بريريتون المعلومات الواردة في التقرير، أن هذه الواقعة “أكثر الأحداث المخزية في تاريخ أستراليا العسكري”.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أنه سيتم إنشاء مكتب محقق خاص لتحديد ما إذا كان سيتم مقاضاة “السلوك المزعج” الوارد في تقرير.
ويأتي إعلان رئيس الوزراء ليمثل هربا الى الأمام بعد ان حاولت الحكومات الأسترالية المتعاقبة تعتيم ومحاصرة التقارير التي تتناول جرائم الحرب. في العام 2017 تعرض العاملون في محطة اي بي سي الأسترالية الى تحقيقات أمنية بعد نشر تحقيقهم الاستقصائي في جرائم الحرب المزعومة، والمعروف باسم “ملفات أفغانستان”
ان المبلغين عن فظائع مثل قتل الأطفال أو إطلاق النار على السجناء والمدنيين كانوا رفاقا للجناة المحتملين. ولا شك أن مثل هذه الأعمال التي يقوم بها منتسبون لجيش بلد يحلو له أن يصف نفسه بالديمقراطي وقائم على المساواة تثير الاشمئزاز. وكذلك يهدد التقرير الصورة التي رسمتها الدعاية التي تمتد لمئة عام للجنود الوقورين الذين يجسدون “ الرفقة المتساوية” التي تمثل مثالية الشخصية الوطنية الأسترالية.
وتعود جذور أسطورة الجندي الأسترالي إلى فيلق الجيش الأسترالي والنيوزيلندي، الذي قاتل إلى جانب البريطانيين في منطقة غاليبولي التركية خلال الحرب العالمية الأولى وتكبد خسائر فادحة. ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفال بالمحاربين القدامى في الخامس والعشرين من نيسان من كل عام، وهو اليوم الذي تقام فيه المسيرات والصلاة والاحتفال بالقوات التي شاركت في الحرب العالمية الثانية، مرورا بحرب فيتنام وصولا الى المشاركة في الحرب في أفغانستان. يذكر ان رابطة المحاربين القدامى المحافظة والقومية، التي تضم أكثر من 170 ألف عضو، هي قوة سياسية راسخة اجتماعيا واقتصاديا في استراليا، من خلال نواديها وحاناتها ومطاعمها وصالات القمار التابعة لها.
وتخفي خلف هذه الأسطورة أيضًا جرائم حرب سابقة، فوفقًا لمؤرخين، ليس سرًا أن الجنود الأستراليين قاموا بتصفيات سريعة لجنود وأسرى عرب في فلسطين ومصر في سنوات 1917-1918. وفي صور تعود الى الحرب العالمية الثانية، يقف جنود أستراليون، مثل صيادي الطرائد الكبار، بفخر بجوار جثث الجنود اليابانيين. وفي عام 2001، وفي مقابلة مع محطة أي بي سي الأسترالية، اتهم رائد نيوزيلندي جنودا أستراليين بإعدام جرحى من مقاتلي فيت كونغ في فيتنام.
ويبدو ان تقرير المفتش العام، ونتائج تحقيق المكتب الخاص والتهم المحتملة ستشغل المجتمع الأسترالي لسنوات. ويتهم بريندان نيلسون، الرئيس السابق لهيئة إحياء ذكرى الحرب، وسائل الإعلام الناقدة بـ “الرغبة في إسقاط نصب ابطالنا”. ويخشى خبراء المخابرات والدفاع أن تكون جرائم الحرب مادة يوظفها أعداء أستراليا مثل طالبان أو داعش.