يستمر التصاعد في النزاع التركي اليوناني على الغاز المكتشف في بحر ايجه. وفي هذا السياق شددت انقره على ان استمرار اليونان في توسيع مطالباتها في المياه الاقليمية، ترى فيه تركيا سببا كافيا لاعلان الحرب. وتساءل نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، بحسب وكالة أنباء الأناضول، “إذا لم يكن هذا سببًا للحرب، فماذا إذا؟” وهدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليونان بقوله: ان “هذا سيكون سببًا للحرب”. من جانبها انتقدت اليونان التهديدات التركية، التي تصاعدت في عهد أردوغان. ووصفت وزارة الخارجية اليونانية التهديدات بأنها تكتيك “يتعارض مع تقاليد السياسية الدولية”.
وبعد محادثاته مع وزير الخارجية الألماني ماس، دعا وزير الخارجية اليوناني دندياس إلى فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا. وان تركيا مثّلت تحت حكم أردوغان “أيديولوجية عثمانية جديدة” ومارست “توسعًا غير محدود” في البحر المتوسط. وستحمي اليونان حدودها، التي هي أيضًا حدود الاتحاد الأوروبي. وان أثينا مستعدة للدخول في حوار مع أردوغان - لكن بشرط أنهاء التهديد التركي.
واشتد الصراع خلال الأسبوع الفائت بين البلدين. وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الأربعاء، أن بلاده ستضاعف منطقتها السيادية في منطقة الساحل المقابل لإيطاليا من 6 إلى 12 ميلاً. وأكد أن توسعًا مماثلًا يمكن أن يحدث أيضًا في بحر إيجة. لكنهم مستعدون للدخول في حوار مع تركيا.
لقد أطلقت التصريحات اليونانية، صافرات الإنذار في انقرة، التي أعلنت بانه سيتم الدفاع عن حقوق تركيا في البحر المتوسط بغض النظر عن التكاليف المترتبة. ودعا وزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، الجمعة، تركيا واليونان إلى الحوار. وإذا فشلت المحادثات، فقد يقرر الاتحاد الأوروبي في قمته المرتقبة في 24 ايلول المزيد من العقوبات ضد تركيا. من ناحية أخرى دعا نائب الرئيس التركي أوقطاي الاتحاد الأوروبي إلى التحلي بالعدالة. وقال أوقطاي إن الاتحاد ليس محكمة دولية يمكنها البت في الأمر.
وأعلن اردوغان عما اسماه أحد أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في تركيا، وانه تم العثور على 320 مليار متر مكعب من الغاز في البحر الأسود. وبهذا يمكن أن تصبح تركيا مصدرًا رائدًا للطاقة في السوق. ويمكن أن يعزز ذلك بشكل كبير موقف اردوغان التفاوضي في مختلف النزاعات. وبالمقابل يشكك الخبراء في الربحية التي سيحققها إنتاج الغاز. ويذهب نقاد الرئيس التركي ابعد من ذلك، ويتحدثون عن خدعة جديدة يطلقها اردوغان.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي عمليات التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا غير شرعية، ولهذا فرض الاتحاد في تموز من العام الفائت عقوبات على أنقرة. وقرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أولاً تقليص أموال الاتحاد الأوروبي المقدمة الى تركيا، وتعليق الاتصالات رفيعة المستوى وإيقاف المفاوضات بشأن اتفاقية النقل الجوي. وأعقب ذلك فرض عقوبات على المتورطين في عمليات الحفر، وكذلك حظر الدخول الى بلدان الاتحاد وتجميد حسابات مصرفية. ان ما يمنع الاتحاد الأوربي من المضي قدما في إجراءات أكثر شدة ضد تركيا هو ملف اللاجئين والاتفاقات المعمول بها بين الطرفين، والتي تعتبر بنظر مراكز القرار الأوربي مهمة لمنع اللاجئين من الوصول الى اوربا.
وكان البرلمان التركي قد اعتبر في عام 1995 أي توسع محتمل للمياه الإقليمية اليونانية في بحر إيجة سيكون بالنسبة لتركيا، سببا كافيا لإعلان الحرب، لان بحر ايجه، سيتحول بفعل كثرة الجزر اليونانية، الى بحيرة يونانية تقريبا.
وهناك أكثر من سبب لتجدد النزاعات بين تركيا واليونان، لكن التوتر الحالي يعود للصراع بين الدولتين، العضوين في الناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حول احتياطيات الغاز الطبيعي الكبيرة التي يتوقع وجودها في شرق البحر المتوسط. ومنذ فترة طويلة تقوم تركيا بعمليات استكشاف في سواحل تعتبرها اليونان وقبرص جزءا من مياههما الإقليمية.
وتشهد المنطقة مناورات بحرية تركية، تقابها أخرى يونانية، وفي حين تشارك وحدات من البحرية الامريكية في المناورات التركية، تتلقى المناورات اليونانية دعما من البحرية الفرنسية. بمعنى آخر ان الصراع التركي – اليوناني يمكن ان يكون على الاقل عاملا جديدا للتوتر بين جناحي الناتو على طرفي المحيط.
ومعروف ان سياسات اردوغان التوسعية قد ورطت تركيا في نزاعات كثيرة بينها الأزمة في ليبيا والمناطق المتنازع عليها في البحر المتوسط والتي تعتبر غنية بموارد الطاقة، إضافة إلى التدخل العسكري التركي المستمر في سوريا والعراق.

عرض مقالات: