رفع مجلس الشيوخ الإيطالي في 30 تموز الفائت، الحصانة البرلمانية عن وزير الداخلية الإيطالي السابق، وعضو مجلس الشيوخ   ماتيو سالفيني للمرة الثانية، خلال هذا العام بسبب ملف انقاذ اللاجئين. وهذا يمهد الطريق لمحاكمة أخرى ضد زعيم حزب “ ليغا” (الرابطة) الفاشي الجديد. ويواجه الزعيم الفاشي تهما بمصادرة الحريات عمدا، وإساءة استخدام السلطة.  كان سلفيني، بصفنه وزيرا للداخلية، قد قام قبل عام، بحجز سفينة الإنقاذ الاسبانية “اوبن آرم” (الذراع المفتوح)، وعلى متنها عشرات اللاجئين، لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا في عرض البحر.

وفي وقت مبكر من شباط الفائت، كان مجلس الشيوخ قد رفع حصانة سالفيني في قضية مماثلة، متعلقة باحتجاز سفينة خفر السواحل “جريجوريتي” وعلى متنها 131 لاجئًا.  وستبدأ محاكمته في هذه القضية في 3 تشرين الأول المقبل، وفي حالة ادانته في التهم الموجه اليه، فسيواجه عقوبة بالسجن لمدة 15 عاما، مع منعه من ممارسة النشاط السياسي لفترة تحددها المحكمة.

وبينما يستخدم سالفيني القضايا المثارة ضده، باعتبارها استهداف سياسي، لزيادة رصيده الانتخابي، تشير تقارير وسائل الإعلام الأخيرة الى الظروف السيئة في مراكز تجمع اللاجئين، وحالات الهروب الجماعي للاجئين من مواقع الحجر الصحي، التي لا ترتقي حتى الى مستوى السجون في بلدان وسط أوربا، وخصوصا في صقلية ومبيدوسا.

وأعربت عمدة مدينة صقلية، إيدا كارمينا، عن تفهمها لحالات هرب اللاجئين بسبب “الاختناق الذي يهددهم بالموت في ظل الحرارة والقيود التي لا تطاق”، ودعت السياسية التي تنتمي لـ «حركة الخمس نجوم» الحكومة والمفوضية الأوروبية إلى التحرك، في حين تريد وزيرة الداخلية الإيطالية المستقلة، لوسيانا لامورغيز، التعامل مع الوضع بواسطة “سيطرة أقوى” على مراكز اللاجئين وإرسال الجيش إلى صقلية. وترتبط الظروف البائسة في جنوب إيطاليا، إلى نقص الدعم من روما والاتحاد الأوروبي، وكذلك بسبب سياسات الحكومة المحلية في صقلية، التي يقودها، منذ عام 2017، تحالف يميني متطرف فاشي يتكون من „فورزا إيطاليا” بزعامة رئيس الوزراء الإيطالي السابق، والشخصية الأكثر فسادا، سيلفيو برلسكوني وحزب “فراتيلي دي إيطاليا” بزعامة جورجيا ميلونيس، وحزب الرابطة بزعامة سالفيني، والتحالف يدعم سياسة الأخير العنصرية المكشوفة ضد اللاجئين والأجانب عموما، وذلك سارع هذا التحالف لإعلان التضامن مع سالفيني.

ولذلك، دعا المدعي العام السابق، غيراردو كولومبو، في جريدة “لريببوبلكا” (الجمهورية) اليومية، إلى سياسة مختلفة للاجئين تتبناها أوروبا بدلاً من تركها لليمين المتطرف: “سيأتي ملايين اللاجئين إلى أوروبا من إفريقيا. ولا يمكن لإيطاليا واليونان معالجة المشكلة وحدهم”، وأشار إلى ليبيا، حيث يعيش اللاجئون “في معسكرات على غرار معسكرات الاعتقال النازية” التي يجري فيها اغتصاب النساء الوافدات الى هناك. وسيؤدي تغير المناخ والنمو السكاني والحروب الى قدوم ملايين اللاجئين، الذين يتعين استيعابهم في المستقبل “لأنه لا يمكن لأحد إيقافهم”. وفي النهاية طالب المدعي العام السابق: “ الاتحاد الأوروبي بتقديم برنامج عالمي”.ويدعي سالفيني أنه قام بواجبه لمصلحة مواطنية، وكتب على تويتر: “ كوزير عملت مع الحكومة بأكملها للدفاع عن بلدي”.  وكان سالفيني وزيرا للداخلية ونائب لرئيس الوزراء في فترة حزيران 2018 – أيلول 2019، في حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي من حركة 5 نجوم، بعدها غادر الفاشيون الجدد التحالف الحكومي، ليقود الحكومة تحالف جديد بين رئيس الوزراء والحزب الديمقراطي الإيطالي. وتعمل الحكومة الحالية على الغاء القوانين ذات الطابع العنصري والمعادية للأجانب التي كان لسالفيني دورا رئيسيا في تمريرها، وياتي ذلك تجاوبا مع رفض منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والكنائس لهذه القوانين. ومنذ سنوات وملف سياسة الهجرة موضوع نقاش ساخن في إيطاليا، بسبب تدفق اللاجئين اليومي بواسطة قوارب صغيرة الى السواحل الإيطالية قادمين من ليبيا وتونس عبر البحر الأبيض المتوسط.

عرض مقالات: