لم يكتف مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية مساء يوم أمس الاثنين ١١ مايو ٢٠٢٠ بالرد المباشر في بيانه على ما جاء في أحدى البرامج التلفزيونية تحديداً وبعض وسائل التواصل الاجتماعي من تساؤلات مستحقة وملاحظات مطروحة وانتقادات مثارة حول تعاقدات الحكومة على شراء أدوات الوقاية، وإنما قرر مجلس الوزراء بالإضافة لذلك تكليف "جميع الجهات الحكومية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ينشر بيانات أو إدعاءات أو معلومات غير صحيحة أو تنطوي على مساس بسمعة المسؤولين والإساءة إلى ذممهم دون سند أو دليل".

ونحن لا نصادر الحق الدستوري المكفول لأي شخص أو جهة في اللجوء إلى القضاء، ولكننا نرى في المقابل أنه عندما يتصل الأمر بالحكومة تحديداً وبما يوجه إليها وإلى أجهزتها من معارضة وانتقادات وتساؤلات، مهما بلغت صراحتها وقسوتها، فإن الأمر في الغالب يتجاوز ممارسة حق التقاضي ويتحوّل إلى ملاحقة سياسية لمعارضي الحكومة ومنتقديها تحت غطاء قانوني، وهذا ما عانت منه الكويت منذ العام ٢٠١٠ ولا تزال، حيث تسبب هذا السلوك الحكومي في تكريس نهج التضييق على الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير، وأدى إلى إصدار ترسانة من القوانين القمعية على مر السنوات العشر الأخيرة، كما نجم عنه اعتقال وصدور أحكام بالحبس على المئات من المواطنين من النواب السابقين والنشطاء والمغردين والشباب فيما اضطر العديد منهم إلى اللجوء السياسي في بلدان أخرى أو الإقامة في المنفى للتخلص من هذه الملاحقات المتعسفة.

وفي هذا السياق تواترت الأخبار، إن صحت، عن إحالة الحكومة النائبين السابقين د. حسن جوهر ود. عبيد الوسمي إلى النيابة العامة على خلفية ما أثاراه من تساؤلات وما طرحاه من ملاحظات وانتقادات لتعاقدات الحكومة على شراء أدوات الوقاية، ونرى أن هذا الإجراء الحكومي إن تم، فإنه يعبّر عن استمرار العقلية السلطوية التي تضيق ذرعاً بأي معارضة أو انتقاد، كما أن هذا الإجراء يمثل مواصلة مؤسفة لنهج الملاحقات السياسية المرفوض لمعارضي الحكومة ومنتقديها تحت غطاء قانوني... مؤكدين تضامننا مع النائبين السابقين تجاه ما يتعرضان له من ملاحقة.

الكويت في يوم الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠٢٠