يهنئ مكتب العمال المركزي بالحزب الشيوعي المصري، عمال مصر والعالم ، بعيد العمال العالمي (الأول من مايو) والذي يأتي هذا العام ، وقد اجتاح وباء كورونا العالم في سابقة لم يعرفها من قبل . ويؤكد ثقته في القدرة على تجاوز هذه الأزمة في مصر وكافة البلدان ، ومواصلة الطبقة العاملة دورها الريادي في مسيرتها النضالية نحو مجتمع خال من الاستغلال ـ يتحررون فيه من قيود الفقر والجوع والاستبداد ومن مخاطر الإرهاب ومخططات العدوان ونهب ثروات الشعوب .

وإذا كان الخطر الأكبر لهذا الوباء هو تهديده لحياة الإنسان ذاتها ، فإنه قد تسبب في أضرار اقتصادية كبيرة ، كان الأكثر تضرراً منها هم العمال والطبقات الكادحة، خاصة في البلدان التي تتسع فيها دائرة استخدام العاملين بعقود مؤقتة ، والعمالة غير المنتظمة والموسمية والعرضية ، ومنها مصر، التي يتجاوز عدد هؤلاء العمال فيها 12 مليون عامل ، يشكلون نحو 40% من قوة العمل المصرية ، بالإضافة إلى ملايين العاملين في القطاع الخاص والباعة الجائلين والمُهمَشين ، الذين فقدوا مصدر رزقهم وقوت أبنائهم الوحيد، إما بسبب الإجراءات الاحترازية الضرورية التي اتخذتها الحكومة، أو بسبب توحش وأنانية أصحاب الأعمال و التجار. ورغم قرار وزارة القوى العاملة بصرف منحة استثنائية قدرها خمسمائة جنيه للعمال المضارين إلا أنها حددت معايير لصرفها جعلتها لا تصل إلا لقلة قليلة من قوة العمالة غير الرسمية، تقدر بنحو 55 ألف عامل فقط .

وعندما دعت الحكومة أصحاب العمل إلى الحذو حذوها ومنح بعض العاملين لديهم إجازات مدفوعة الأجر، وتقليص ساعات وأيام العمل وتعديل مواعيد حضور وانصراف العمال بما يكفل حركتهم على دفعات لتخفيف التجمعات، لم يستجيب منهم سوى قلة هزيلة ، بل إنه تم خلال الفترة الماضية تسريح الكثير من عمال القطاع الخاص، كما فقد آلاف العاملين بالمنشآت السياحية وظائفهم، وكذلك العاملين في المقاهي والكافيتريات والمطاعم، والعاملين باليومية، لتصبح حياتهم البائسة أكثر بؤساً.. هذا غير العاملين اللذين اضطرت ظروفهم الاقتصادية للعمل بالخارج .

 ويؤكد مكتب العمال بالحزب الشيوعي المصري أنه إذا كنا جميعاً مطالبين بتحمل أعباء هذه الأزمة لحين عبورها بأقل الخسائر، فإن ما تتحمله الطبقات الأكثر ثراءً من تقليص لهامش الربح، لا يقارن بمعاناة أبناء الطبقات الكادحة ومن بينها العمال، الذين اشتدت معاناتهم المعيشية وفقدوا أعمالهم .

ويطالب مكتب العمال المركزي الحكومة، التي قدمت لأصحاب الأعمال الكثير من التسهيلات في ظل هذه الأزمة ، بالتدخل لإلزامهم باستمرار منشئاتهم في العمل مع بعض الخسائر المحتملة وإلزامهم أيضا بالحفاظ على حياة العمال من خطر الكورونا بتوفير مستلزمات الوقاية لهم ، والحفاظ على حقوق العاملين لديهم ، وليس تسريحهم أو الانتقاص من أجورهم الهزيلة ، كما يطالبها بفتح مكاتب التأمينات (مع احتياطات الوقاية الصحية) لتلقي طلبات الحصول على تعويض البطالة من العمال الذين يفقدون وظائفهم ، والصرف الفوري للعامل المستحق ، وصرف منحة شهرية للعمال قدرها 1200 جنيه ، وذلك لحين استقرار الأوضاع الناجمة عن أزمة وباء كورونا.

لقد أوضحت هذه الأزمة بجلاء ، عُزلة "اتحاد نقابات العمال" الحكومي عن معاناة العمال ، حيث لم يقدم شيئاً للعمال المضارين رغم ما يمتلكه من إمكانيات مالية ضخمة توفرت له من اشتراكات العمال طوال سنوات احتكاره العمل النقابي ، كما أوضحت احتياج ملايين العمال ، وخاصة في القطاع الخاص ، لتنظيم نقابي يدافع عن مصالحهم ويحمي حقوقهم ويقود نضالهم لتحسين ظروف وشروط عملهم ، في كل الظروف ، وبشكل خاص في ظل أزمة مثل التي يمرون بها الآن .

عاش كفاح الطبقة العاملة.. عاش تضامن عمال العالم وكل الشعوب المنهوبة 

      القاهرة أول مايو2020

مكتب العمال المركزي بالحزب الشيوعي المصري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذا اليوم، الأول من أيار، الذي يجسد التضامن الأممي لشغيلة العالم وكادحية، ويعبر عن وحدة نضالهم الاجتماعي والوطني والانساني، ويعكس توقهم الأصيل للقضاء على جميع أسباب بؤسهم وشقائهم، وعلى رأسها حل التناقض الرئيس بين الطابع الاجتماعي للعمل والملكية الخاصة لوسائل الانتاج، ويجسد حرصهم لبناء عالم تسوده قيم العدالة بجميع أبعادها، والديمقراطية التي توفر لمنتجي الثروة الحقيقيين في المجتمع الساهمة في ادارة الشؤون العامة للدولة، يتوجه الحزب الشيوعي الأردني لعمال الوطن العربي والعالم، بصفة عامة، ولعمال الاردن، بصفة خاصة، بأحر التهاني، مقدرا تفانيهم في تكريس طاقاتهم الذهنية والبدنية للتغلب على تبعات السياسات الاقتصادية الخاطئة والجائرة، وتحمّل ظروف وشروط العمل القاسية، لمواصلة العمل لانتاج الخيرات المادية، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين البنية التحتية، ورفع سوية التعليم والصحة.

كما ينتهز الحزب الشيوعي الاردني فرصة عيد العمال العالمي ليتوجه بالتقدير العميق الى جميع العاملين والمستخدمين في القطاعات الطبية والتمريضية، والمهن الطبية المساندة المدنية والعسكرية، ولمنتسبي الدفاع المدني والأمن العام والقوات المسلحة على الجهود المتفانية التي يبذلونها لاحتواء وباء كورونا، ومنع انتشاره، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين، واجراء الفحوصات الاستقصائية والاحترازية، وتنفيذ أعمال التعقيم، وللعاملين في الصناعات الغذائية لتزويد الأسواق باحتياجاتها من السلع التموينية الضرورية. كما يشيد الحزب بالمبادرات الجريئة لأطباء عكفوا طيلة ايام الحجر الصحي على أيصال الادوية والعقاقير الطبية الى المرضى  في جميع أماكن سكناهم.

في أطار مكافحتها لوباء كورونا أفصحت الليبرالية الرأسمالية عن طابعها المتوحش واللانساني الذي تبدى بصورة جلية في عجزها عن تأمين متطلبات الوقاية ومستلزمات الحماية لمواطنيها، وخاصة من الفئات الفقيرة والضعيفة، والمهمشة، وفي هشاشة ومحدودية القطاع الطبي الحكومي في تأمين الرعاية الصحية للمصابين، نتيجة ما تعرض له على يد الحكومات الليبرالية اليمينية طيلة السنوات الماضية من اهمال وسوء ادارة، وتراجع المخصصات المالية، الأمر الذي يوفر فرصة سانحة للسلطات الحاكمة في بلدنا، على اعادة التفكير في مدى صلاحية هذا النظام الليبرالي الرأسمالي، وفي مدى انسجامه مع متطلبات التصدي لكوارث صحية أو بيئية أو اي أزمات طارئة أخرى شبيهة بأزمة كورونا بشكل يحترم انسانية الانسان، ويوفر له الرعاية الطبية واحتياجاته الأساسية.

وفي تقديرنا، أن النجاح لغاية الآن في احتواء وباء كورونا، على الأقل في الجانب الصحي، يعود الى تدخل الدولة بأجهزتها المختلفة، والى الاجراءات الصارمة التي اتخذتها. وهذا ما يدفعنا للتأكيد على أن المواجهة اللاحقة لتداعيات الازمة على الصعيد الاقتصادي ـ الاجتماعي والمالي ـ النقدي بنفس القدر من النجاح يتطلب استمرار الدولة في التدخل، وبأن يكون لها في قادم الأيام، اليد الطولى في أدارة الشؤون الاقتصادية والمالية ـ النقدية والاجتماعية، بالتعاون مع مختلف القطاعات الاخرى.

وهذا التدخل المطلوب لا يمكن أن يتأمن في ظل مواصلة الالتزام بنهج الليبرالية الاقتصادية، واستمرار منح ادوار حاسمة في الحياة الاقتصادية للشرائح الطفيلية التي ينحصرهمها في جني اقصى معدل من الأرباح على حساب الأرواح، ومحاباة أصحاب رأس المال المالي والتجاري على حساب رأس المال الصناعي والزراعي والخدمي المرتبط  بالانتاج وسائر القطاعات الانتاجية الاخرى التي تؤمن احتياجات البلاد من السلع، وتحسن قدراتها التصديرية، وتمتلك القدرة على تأمين فرص العمل، وتراكم رأسمالي مؤهل للحد من الفقر والبطالة، وتوفير موارد مالية تغطي النسبة الاكبر من الدعم المالي لمن توقفت اعمالهم من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعمال المياومة.    

إن المهام المطروحة أمام الأحزاب والقوى والطبقات الاجتماعية الشعبية، وعلى رأسها الطبقة العاملة وسائر الكادحين، ذات المصلحة الحقيقية بحصر عواقب أزمة كورونا ضمن أضيق نطاق ممكن، وعلى أن لا يقع العبء الأكبر في التصدي لها على عاتق الطبقات والفئات الاجتماعية الشعبية، وإن كانت تتقدم اليوم على ما سواها من مهام، لا تعني التخلي عن المهام ذات الصلة بحقوق الشغيلة، وحرياتهم النقابية الديمقراطية ومصالحهم الحياتية والمعيشية، ولا يعني أن راهنيتها واهميتها قد تراجعت. بل على العكس فهي تقع في صلب العمل من أجل تعافي الأوضاع في البلاد، ولها نفس الترتيب على سلم اولويات تيار اليسار، والماركسي منه على وجه الخصوص.   

في عيد العمال العالمي يجدد الحزب الشيوعي الاردني تأكيده على أنه سيبقى الحزب المدافع عن مصالح شغيلة وكادحي بلدنا،  والمناضل في طليعتهم، ومعهم والى جانبهم للقضاء على مظاهر الاستغلال والتطاول على حقوقهم ومكتسباتهم، وتحميلهنم نتائج السياسات الاقتصادية الخاطئة، وسيبقى المجسّد لأمانيهم وتطلعاتهم لغد أفضل، تنحسر في ظله مصادر وبواعث معاناتهم، تتوفر لهم فرص العمل المناسبة بشروط وظروف عمل عادلة، لائقة وصحية وبأجور تتناسب مع معدلات التضخم وتومن قدرات متزايدة لمجاراة ارتفاعات الاسعار ومتطلبات معيشة صحية وانسانية تمنحه الطمأنينة والأمن والاستقرار، والقدرة على مزيد من العمل والانتاج والعطاء للشعب والوطن. 

عمان في 1 آيار 2020

المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاردني