تحتفل الطبقة العاملة وجميع شغيلة اليد والفكر والعاملين بأجر في العالم أجمع بعيد العمال العالمي، الذي يمثّل مناسبة أممية للتضامن العمالي في الكفاح المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل العيش الكريم وتحقيق مطالب العمال في تحسين أجورهم وظروف عملهم والدفاع عن مكتسباتهم الاجتماعية وصولاً إلى التحرر والانعتاق النهائي من اضطهاد الرأسماليين والقضاء على استغلال الإنسان للإنسان وإقامة مجتمع عادل.

ويحل عيد العمال العالمي هذا العام فيما تشتد أزمة النظام الرأسمالي العالمي ويتأكد فشله في تلبية ضروريات الحياة للمجتمعات، حيث فضحت أزمة فايروس كوفيد-19 أكثر فأكثر الاختلالات البنيوية والأزمة العميقة التي يعاني منها هذا النظام الاقتصادي الاجتماعي، فلم تسلم الطبقة العاملة في شتى بقاع الأرض من اجراءات الفصل التعسفي والتقليل المتعمد للرواتب والمعاشات، ما زاد من آلام معاناة العمال وجموع الكادحين في كل أرجاء العالم، وأدى بالطبع إلى عودة القضية الاجتماعية إلى صدارة المشهد مجددًا، واثبةً فوق كل الصراعات الطائفية والأثنية الهامشية، فقد أصبحت طبقة العمال اليوم في مواجهة مباشرة مع طبقة الرأسماليين لاشتداد التضارب بين مصالحهما، فالعمال يهدفون لسد حاجاتهم اليومية فيما يسعى الرأسماليون إلى استغلال الأزمة وتراكم ثرواتهم، ولهذا تكرر الحركة التقدمية الكويتية دعوتها للحركة النقابية العمالية إلى الوحدة والتضامن والاحتكام إلى مبادئ العمل النقابي ومنطلقاته الطبقية وآلياته الديمقراطية والمؤسسية وذلك لتكون الحركة النقابية العمالية قادرة على الدفاع عن حقوق العمال والموظفين والتصدي لمحاولات التعدي على مكتسباتهم الاقتصادية الاجتماعية.

وبهذه المناسبة تجدد الحركة التقدمية الكويتية تقديرها الكبير لأبطال الكويت في الصفوف الأمامية من أطباء وممرضين وفنيين ومسعفين ورجال أمن وحدود والعاملين في الدفاع المدني وعمال النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والمياه والمتطوعين وغيرهم، الذين يكافحون من أجل انتشال الوطن من هذه الجائحة وخدمة المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، كما أننا نهيب بالدولة ومؤسساتها بضرورة الحفاظ على سلامتهم وتوفير كل سبل الحماية وأدوات الوقاية.

وعلى صعيد آخر فقد برزت وبشكل عميق أزمة جريمة الاتجار بالبشر في دولة الكويت، التي كان النظام الرأسمالي بجشعه ونظام الكفالة العبودي سببًا رئيسيًا وراء انتشار مثل هذه الممارسات البشعة وغير الإنسانية، حيث أن هذا الاتجار الإجرامي المتمثل بما يسمى تجارة الإقامات كدّس أعداداً مهولة من العمال في مساكن لا تصلح للاستخدام الآدمي وخالية من أبسط مقومات الحياة الكريمة، بلا وظائف ولا مصادر دخل، ما ساهم في انتشار الفايروس بشكل يهدد حياتهم ويهدد المنظومة الصحية في البلد، ناهيك عن اختلال التركيبة السكانية، ولذلك تعد مهمة رصد مجرمي تجارة الإقامات ومحاسبتهم مدنياً وجزائياً أحد أهم مهمات السلطة بعد انقضاء الأزمة الحالية.

وفي هذا السياق فإننا نرفض موجة الاتهامات العنصرية التي تحاول تصوير العمال الوافدين على أنهم مصدر المرض وسبب انتشاره، بينما هم في واقع ضحايا الاستغلال الرأسمالي البشع ومعرضون أكثر من غيرهم لمخاطر الإصابة بالأمراض نتيجة واقعهم المعيشي المزري.

وفي الختام، تتوجه الحركة التقدمية الكويتية بالتحية إلى جميع الأحزاب العمالية والاشتراكية والشيوعية والتقدمية في مختلف بلدان العالم بمناسبة عيد العمال العالمي، وتعبّر عن تضامنها مع كفاح الشعوب وجموع الكادحين، وتتضامن على نحو أخص مع الشعب العربي الفلسطيني في نضاله العادل ضد الاحتلال الصهيوني ومن أجل تحرره وقيام دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.

عاش الأول من مايو رمزاً للتضامن العمالي… والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع في يوم عيدهم.

الكويت في ٣٠ أبريل ٢٠٢٠